المقاتلون لا يستسلمون
كان الملازم فاسيلي بتروف في التاسع عشر من عمره حين اعتدت ألمانيا على وطنه وبدأت الحرب في 22 يونيو/ حزيران 1941، وتمكنت بطارية المدفعية التي كان فاسيلي نائبا لقائدها في هذا اليوم من تدمير اثنتين من دبابات المعتدي.
ثم استمر فاسيلي في قتال غزاة وطنه، وأصبح بحلول خريف 1943 نائبا لقائد أحد أفواج المدفعية المضادة للدبابات بالجيش الأحمر برتبة نقيب، وفي 14 سبتمبر/ أيلول 1943 ضرب النقيب فاسيلي مثلا أعلى في الشجاعة عندما نجح في صد الهجوم الذي شنته 13 دبابة وكتيبة المشاة الألمانية على حفنة من قطع مدفعية الجيش الأحمر بعدما عبرت أحد الأنهار، ووجدت نفسها في مواجهة حشود الأعداء الذين سعوا إلى تطويق بطاريته وأسر أفرادها، صائحين: "يا روس استسلموا". وهاجمهم النقيب فاسيلي على رأس مجموعة من الجنود الروس، ممتشقا البندقية صائحا: "المقاتلون لا يستسلمون". ووفق البيان المرفق بطلب منح وسام النجم الأحمر للنقيب فاسيلي بتروف فإنه أوقع أثناء هذه المعركة حوالي 90 إصابة في صفوف الأعداء وأسر 7 منهم.
بلا يدين
بعد أسبوع قاد فاسيلي فوجه نيابة عن قائده الجريح أثناء عبور نهر دنيبر، ونجح الفوج بعبور النهر ليجد نفسه في وضع صعب في الضفة اليمنى حيث واجه هجمات الأعداء المتوالية. وتكبد الفوج المزيد من الخسائر. وعندما أصبح أحد المدافع بلا جنود حل قائد الفوج محل الجندي القتيل وبدأ يطلق القذائف على العدو، وتمكن من تدمير إحدى الدبابات الألمانية قبل أن تصيبه القذيفة الألمانية، وأصيب فاسيلي بجروح خطيرة في اليدين.
ونُقل فاسيلي إلى المستشفى الميداني في حالة خطيرة لا تبعث على أمل في الشفاء حتى أن الطبيب لم ير إمكانية إنقاذه من الموت، إلا أن رفاقه أصروا على وجوب إجراء العملية. ورضخ الطبيب لطلبهم، ونجح في إنقاذ فاسيلي من الموت بعد بتر يديه.
وبعد أسابيع نُقل فاسيلي على متن طائرة إلى موسكو حيث أجريت له عملية زرع يدين اصطناعيتين.
ورفض فاسيلي أن يصبح معاقا متقاعدا، وواظب على التمارين حتى يستعيد اللياقة البدنية، وقبل أن يغادر المستشفى في ربيع 1944 أدهش فاسيلي الجميع حين شدد على ضرورة العودة إلى الجيش.
هناك معلومات مفادها أنه سُمح لفاسيلي بالعودة إلى الجيش حسب توجيهات القائد الأعلى ستالين الذي أوعز بتلبية طلب الضابط بلا يدين بعد أن علم بأمره.
وعاد الرائد فاسيلي إلى فوجه ليقوده أثناء معارك تحرير ألمانيا من النظام النازي، وأصبحت المعركة التي وقعت في 27 أبريل/ نيسان 1945 معركته الأخيرة. قاد فاسيلي فيها جنود فوجه وأيضا كتيبة المشاة أثناء الهجوم. وركض فاسيلي في مقدمة المهاجمين على الرغم من أنه لا يملك إمكانية امتشاق أي سلاح.
البقاء في الجيش
أصيب فاسيلي في تلك المعركة بجروح في قدميه. ومكث في المستشفى وقتا طويلا، ثم تعلم المشي بلا عكازين.
وبعد انتهاء الحرب لم يصرف فاسيلي من الخدمة العسكرية، بل بقي في الجيش مدى الحياة تنفيذا لأوامر القائد الأعلى ستالين الذي أمر بإبقاء المقدم فاسيلي بتروف ضمن صفوف القوات المسلحة مدى الحياة تقديرا لشجاعته وبسالته.
وأصبح فاسيلي ستيبانوفيتش بتروف جنرالا في عام 1963، وتوفي "الضابط بلا يدين" في عام 2003.