ويرى مراقبون أن هناك خلافات معقدة بين الطرفين ما بين العسكرية والأمنية فيما يتعلق باتفاق الرياض، ففي الوقت الذي تريد الشرعية تنفيذ الجانب العسكري أولا، يتمسك الانتقالي بالجانب السياسي، وهو الأمر الذي يعني أنه لن يحدث وفاق بينهم قريبا، ما لم يكن هناك دعم دولي للرياض للضغط على الطرفين.
تسريب كاذب
قال السفير قاسم عسكر، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن: "لم يتم تقديم أي مقترح من القيادة السعودية إلى قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، وما نشرته وسائل الإعلام حول وقف إطلاق النار والإدارة الذاتية وسحب القوات وإعادة الانتشار، التي تم تسريبها إلى بعض وسائل الإعلام، غير صحيح".
وأضاف عسكر لـ"سبوتنيك": "تم الرد على تلك الادعاءات من جانب نائب رئيس المجلس ومن قبل الإدارة العامة للشئون الخارجية والناطق الرسمي للمجلس، ونحن نؤكد أنه لم يتم تقديم مثل هذا المقترح من القيادة السعودية".
وأوضح القيادي بالانتقالي: "ما دار من مشاورات خلال الأيام الماضية بالسعودية، تناول الآلية التنفيذية لاتفاق الرياض وفق محدداته، لكن ما يسمى الشرعية، التي أصبحت مظلة للإصلاح الإخواني، رفضت هذه الآلية التنفيذي، ومازالت المشاورات جارية، لكنها لم تصل إلى الآن إلى نتائج تذكر".
من يملك القرار
أما عبد العزيز قاسم، القيادي بالحراك الجنوبي فأشار إلى أن "الموافقة على المقترحات أو وقف الحرب ليس بيد طرفي الصراع في الجنوب "الشرعية والانتقالي"، وأي مقترح من الرياض سوف يقبله الطرفان مهما كانت قوة أي طرف، ووقف القتال في أبين ليس بيد الانتقالي لأنه غير موجود ولا يقاتل هنا"، مضيفا: "هناك مشاهد مختلفة ومتشابكة في الجنوب الآن، فكيف سيطرت قوات الانتقالي على جزيرة سقطرى دون اعتراض الحكومة الشرعية".
وأوضح: "تلك كانت رسالة واضحة حسب حديث نائب قائد التحالف في الجزيرة، أن مهمته ليست مع طرف ولا لحماية الشرعية، بمعنى أن هناك تفاهم دولي إقليمي باعتبار البحرالأحمر وباب المندب من الأمن القومي المصري العربي، ولا يمكن النقاش في ذلك أو القبول بتركيا في هذا الممر".
وتابع قاسم: "ما قيل حول المقترحات السعودية لحل الأزمة نفاها الانتقالي وقال إنها تسريبات رغم أنه لم يبد اعتراضه وسيقبل بها باعتبارها جزء من بنود اتفاق الرياض، ومحور الخلاف الآن هو في الشق العسكري، على أن يتم البدء بالشق السياسي أولا قبل العسكري، لكن الحكومة الشرعية تركز على الشق العسكري وسحب قوات الانتقالي من عدن، وهو الأمر الذي يعتبره الانتقالي خطير جدا ويهدد مستقبله السياسي، وينظر إليها على أنها التفاف سياسي، وأنه لن يستطيع تحقيق أي مكاسب سياسية حال فقد قواته وتسليحه".
غطاء للحرب
وحول عدم قدرة السعودية على تنفيذ اتفاق الرياض قال القيادي بالحراك الجنوبي: "السعودية لا ترغب في مواجهة الشرعية بشكل مباشر فهي ترى الشرعية غطاء للحرب، والشرعية تضغط عليها، والسعودية تقف على مسافة متوازنة من الأطراف، لكنها في الأخير ستنفذ ما تراه وقد بدأت في الضغط على الشرعية".
وأكد قاسم: "المشهد اليمني معقد، وكان اتفاق الرياض يمثل مخرج وإنقاذ من الفشل لكن الإخفاق في تنفيذه لم يكن بقوة الشرعية أو الانتقالي، بل كان الهدف منه الضغط على الحوثيين للقبول بالتسوية، ثم أن انتشار الإرهاب يمثل عقبة أمام الجميع والأحداث متسارعة"، مضيفا: "قد ترى الرياض ضرورة إدخال أو إشترك أطراف أخرى في الحوار مثل طارق صالح حتى تضع جميع الأطراف في يدها للخوض في عملية السلام".
حكومة مشتركة
قال الدكتور محمد عبد الهادي، رئيس اللجنة السياسية في مجلس الحراك الثوري الجنوبي، بعد انتهاء المدة الزمنية لتنفيذ اتفاق الرياض والاتهامات المتبادلة بين الانتقالي والشرعية، كل منهما يتهم الآخر بعرقلة الاتفاق، في الوقت الذي لم تعلن فيه الدولة الراعية رسميا من هو الطرف المعرقل حتى الآن.
وتابع رئيس اللجنة السياسية لـ"سبوتنيك": "المسودة التي تم تسريبها حول المقترحات السعودية ونفاها الانتقالي، كانت أهم بنودها إلغاء الإدارة الذاتية وتشكيل حكومة "مناصفة" بين الشمال والجنوب 12 إلى 12، ورئيس وزراء والعدد المكمل للوزارات ثلاثة آخرين، وكان من ضمن المقترحات أن يقوم الرئيس عبد ربه منصور هادي بتعيين محافظ ومدير أمن لعدن، على أن تنسحب قوات الانتقالي من عدن ويعاد انتشار القوات سواء كانت للشرعية أو الانتقالي في أبين".
وأشار عبد الهادي إلى أنه "بعد يوم فقط من إعلان تلك المقترحات والتي تناولتها العديد من الفضائيات وأكدت عليها بعض الصحف السعودية قامت قوات الانتقالي بالسيطرة على جزيرة سقطرى بالكامل وأخرجت قوات الشرعية من المؤسسات التي كانت متواجدة فيها، وهذا يؤكد أن تلك المقترحات مازالت تراوح مكانها".
ولفت رئيس اللجنة السياسية إلى أن الحراك الثوري "يرحب بأي جهود سعودية لوقف الاقتتال وحقن الدماء الجنوبية وإعادة الاستقرار، لكن يبدو أن الأمر ليس بتلك السهولة، وتطبيق الاتفاق في تلك المرحلة صعبة إلا إذا كانت هناك قوى دولية داعمة للتوجه السعودي".
وكانت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وقعا، برعاية سعودية، في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اتفاق الرياض لإنهاء التوتر والتصعيد العسكري بينهما على خلفية سيطرة قوات المجلس على العاصمة المؤقتة عدن في العاشر من أغسطس/ آب الماضي، عقب مواجهات دامية مع الجيش اليمني استمرت أربعة أيام وأسفرت عن سقوط 40 قتيلا و260 جريحا. بحسب الأمم المتحدة.
وينص الاتفاق على "مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي.
ويحدد الاتفاق، في ترتيباته السياسية، تشكيل حكومة كفاءات لا تتعدى 24 وزيرا بالمناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية، يعينهم الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية خلال 30 يوما من توقيع الاتفاق على أن يؤدي أعضاؤها القسم أمام الرئيس في اليوم التالي بعدن، وهي المهلة التي انتهت بالفعل دون تنفيذ ذلك.
كما ينص على عودة جميع القوات - التي تحركت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية أغسطس الماضي- إلى مواقعها السابقة، وتحل محلها قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية في كل محافظة خلال 15 يوما.
وتقود السعودية، منذ مارس/ أذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014، وبالمقابل تنفذ جماعة "أنصار الله" هجمات بطائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.