ملفات يصعب اتخاذ قرارات بشأنها في ظل الوضع المضطرب، ومن بين تلك الملفات الملف الشائك الخاص بسد النهضة.
قال السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إن مصر لا تتمنى أن تكون هناك أي قلاقل داخلية في إثيوبيا، لأن القلاقل لا تمكن القيادة من اتخاذ القرارات الحاسمة، خصوصا وأن مشكلة سد النهضة تعد سياسية في المقام الأول وليست فنية، ومن جانبنا نحاول دائما تجنب المزايدات السياسية.
وأضاف مساعد وزير الخارجية لوكالة "سبوتنيك"، أن التحركات المصرية السابقة من عقد الاتفاقات والمفاوضات والذهاب إلى واشنطن والاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن تحت الفصل السادس، جميعها تهدف لطمأنة إثيوبيا بأننا نعمل في إطار الصداقة، حتى يستطيع صانع القرار في أديس أبابا أن يأخذ قراره وهو مقتنع ليتمكن من إقناع شعبه.
وتابع بيومي "أعتقد أن الاضطرابات الحالية في إثيوبيا من جانب الأورومو ليست في صالح الملفات الخارجية لإثيوبيا، وغالبا يصعب على القادة اتخاذ القرارات ما لم يكن ورائها تأييد شعبي، وعلى سبيل المثال مشكلة السلام في إسرائيل مع الفلسطينيين هي في القرار، منذ نشأتها وهى لا تملك وحدة داخلية تمكنها من اتخاذ قرار جريء، سوى ما قام به شمعون بيريز ورابين عندما اتخذا قرار السلام".
وأشار مساعد وزير الخارجية إلى اعتقاده بأن رئيس الوزراء الإثيوبي سوف يتراجع عن قرار ملء السد دون موافقة الأطراف الأخرى، وهذا يمكن استنباطه بقراءة سريعة للتصريحات والتي كانت بين الليونة والتشدد نظرا للظروف الداخلية في البلاد، ما يوحي بأن إثيوبيا غير قادرة على حسم أمرها، ويشير إلى أنها تحتاج لتشجيع منا أو من غيرنا في الاتجاه السليم.
من جانبه قال الدكتور عبد الفتاح مطاوع خبير المياه المصري ومسؤول قطاع موارد المياه بوزارة الري سابقا، إن المراوغة الإثيوبية في عمليات التفاوض تستهدف التغطية على الكثير من الملفات الملتهبة في الداخل، حيث يريد رئيس الوزراء الإثيوبي أن يشغل الرأي العام بقضايا التنمية والرخاء، وأن سد النهضة هو الذي سيخرج البلاد من كل الأزمات التي تعيشها سواء كانت عرقية أو اقتصادية.
وأضاف خبير المياه لـ"سبوتنيك"، أنه خلال الأيام الماضية على سبيل المثال وبالتحديد في 9 يونيو/ حزيران الماضي قدمت كيريا إبراهيم رئيسة البرلمان الإثيوبي استقالتها، وجاءت الاستقالة ردا غاضبا رافضا لخطاب آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا، فى افتتاح جلسة البرلمان الاثيوبي، وجاء السبب المباشر الذي ساقته رئيسة البرلمان تبريرا لاستقالتها الغاضبة، هو رفضها تأجيل الانتخابات البرلمانية الإثيوبية إلى أجل غير مسمى، وكان مقررا لها شهر أغسطس/أب القادم .
وتابع مطاوع "مبررات رئيسة البرلمان الأثيوبي وهي من قبيلة التيجراي أنها لن تشارك في هذا الخطأ التاريخي، وهذه المؤامرة التي أعدها أبي أحمد، وخرقه للدستور لكي يظل في السلطة، وكانت مبررات آبي أحمد أنه على المعارضة أن تنتظر لعدة أشهر، إلى حين انكشاف غمة كورونا، وهي نفس المبررات التي ساقتها إثيوبيا لعدم حضورها اجتماعات التفاوض حول سد النهضة في العاصمة الأمريكية واشنطن في شهر فبراير/شباط الماضي".
الأعراق الإثيوبية
وأشار خبير المياه، إلى أنه قبل استقالة رئيسة البرلمان بثلاثة أيام كان الحديث يدور عن ضرورة وجود حركة إثيوبية للدفاع عن حياة الإثيوبيين، تحت مسمى "حياة الإثيوبيين تهمنا" متشبهة بحركة الدفاع عن الأمريكيين الأفارقة "حياة السود تهمنا" والتي انطلقت بعد مقتل جورج فلويد في ولاية مينيسوتا الأمريكية، وكان بولاجو الأثيوبي يبرر نداءه بوجود الكثيرين من الموتى من القتلى الإثيوبيين بسبب عنف الشرطة الإثيوبية، وقال البروفيسور الأثيوبي كيجيتل تروفيل أستاذ السلام والصراع من جامعة أوسلو بالنرويج، في تعليقه الوضع في الداخل الإثيوبي، أنها ستؤدي إلى مواجهات بين الأعراق الإثيوبية، والتي منها التيجراي (10%) حيث رئيسة البرلمان، و الأورومو (50%) حيث رئيس الوزراء، والأمهرة (30%) وحوالي ثمانين عرقا آخر يمثلون باقي السكان.
استقالة رئيسة البرلمان
ولفت خبير المياه إلى أنه من المؤسف أن هذا الخطاب، الذي حاول فيه آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا حشد الشعب الإثيوبي خلفه، هي محاولة يائسة للتغطية على الأخطاء والمخاطر التي يمثلها مشروع السد، ومحاولة للبحث عن شماعة خارجية، رسالتها أن مصر هي السبب في التعطيل والتأخير في إنجاز وبناء وتشغيل سد النهضة العظيم.
ملفات شائكة
وأكمل "هناك الكثير من الملفات الشائكة على مكتب أبي أحمد تحتاج لحلول منها، اغتيال مدير مشروع سد النهضة، استقالة رئيسة البرلمان الإثيوبي، تأجيل انتخابات البرلمان الإثيوبي، المواعيد الجديدة لانتخابات البرلمان، دعوات سحب جائزة نوبل وإمكانية ذلك، تأجيل ملء سد النهضة أم البدء في ملئه دون اتفاق، التهرب من الظهور في واشنطن للتوقيع على نتائج مفاوضات سد النهضة، العقوبات المحتملة على إثيوبيا إذا انفردت باستكمال مشروع سد النهضة دون اتفاق، أولويات ترتيب انتخابات الأقاليم مع المعارضة في الداخل والخارج، إمكانيات محاصرة بؤر الإصابة بفيروس كورونا على النقاط الحدودية وانتشارها في الداخل، النتائج المترتبة على تراجع دعم و مساندة الدول الصديقة، ترتيبات وتوافقات وصراعات وضع أسماء مرشحى موقع منصب رئيس الوزراء القادم، أوضاع سعر صرف (البر) الأثيوبي مع الدولار الأمريكي، إنخفاض أسعار البن والشاي واللحوم وتوقف تصدير المواشي والورود وخلافه، إرتفاع أسعار محصول التف -الغذاء الأساسي في إثيوبيا- في الأسواق، غزو أسراب الجراد للمحاصيل وأوبئة الملاريا والكوليرا، تنبؤات موسم الأمطار القادم، رد الرئاسة المصرية على خطاب أبي أحمد في البرلمان ، مسار المفاوضات".
احتجاجات الأورومو
وقتل 8 أشخاص على الأقل وأصيب نحو 80 آخرين، أمس الثلاثاء، خلال احتجاجات وأعمال شغب اندلعت في بلدة أداما الإثيوبية، على خلفية مقتل مغن شعبي في العاصمة.
وبحسب "رويترز"، قال المدير الطبي لمستشفى أداما الرئيسي، ميكونين فييسة، إن ستة أشخاص لقوا حتفهم في طريقهم إلى المستشفى، فيما توفي اثنان آخران في العناية المركزة.
وأضاف أن المستشفى استقبل نحو 80 مصابا، أصيب معظمهم بالرصاص، لكن بعضهم عانى من جروح نتيجة الضرب بالحجارة أو الطعن، وتقع أداما على بعد 90 كيلومترا جنوب شرق العاصمة أديس أبابا.
واندلعت الاحتجاجات وأحداث العنف على خلفية مقتل المغني الشاب وكاتب الأغاني الشهير هاشالو هونديسا، إثر إطلاق النار عليه مساء الاثنين الماضي في أديس أبابا، وحسب آخر الاحصائيات ارتفع عدد القتلى إلى 81 على الأقل.
وتسبب مقتل صاحب الـ34 عاما في صدمة داخل أوساط الأورومو؛ التي ينحدر منها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، والذي نعى المغني الشاب ووصفه بأنه كان بمثابة "الملهم للشباب"، مطالبا شعبة بضبط النفس.
واشتهر هونديسا بغنائه الثوري الذي كان يعبر عن أحلام ومشاعر شعب الأورومو من خلال الكلمات الثورية لتحدي القمع، وقال مفوض شرطة أديس أبابا إنه تم اعتقال عدة أشخاص للاشتباه في ارتكابهم جريمة القتل.