بعض التساؤلات تطرح نفسها في الوقت الراهن خاصة فيما يتعلق بالدول العربية، وهل من الممكن أن يتكرر مشهد حرب 73 مرة أخرى أم أن بعض التغيرات طرأت على المواقف العربية.
في وقت سابق أعلنت كل من السعودية والإمارات والبحرين والأردن تأييدهم للمواقف المصرية وأن الأمن القومي المصري هو أمنهم القومي أيضا.
فيما أعلنت معظم الدول العربية أنها مع الحل السلمي للأزمة الليبية وعدم التدخل، إلا أن التحركات على الأرض تشير احتمالية غير مؤكدة لاندلاع مواجهات عسكرية، وهو ما يطرح التساؤل بشكل أكبر حول موقف دول الجوار.
الجزائر
الجزائر أعلنت بشكل رسمي أكثر من مرة أنها مع الحل السلمي للأزمة الليبية، فيما شبه الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الوضع في ليبيا بالوضع السوري، وحذر من أن ليبيا قد تتحول لـ"صومال" جديد.
وقال تبون في مقابلة مع قناة "فرانس 24" منذ أيام، إن ليبيا تتواجد اليوم في وضع مماثل لما يحدث في سوريا بسبب تعدد التدخلات الأجنبية.
وحذر الرئيس الجزائري من أن حمل القبائل الليبية بدورها للسلاح، قد يحول ليبيا إلى "صومال" جديد وينعكس سلبا على أمن كل المنطقة.
حول موقف الجزائر حال اندلاع مواجهات عسكرية على المستوى التشريعي، يقول عضو مجلس الأمة الجزائري عبد الوهاب بن زعيم، إن كل دولة تتحمل مسؤوليتها أمام الشعب الليبي، ومجلس الأمن والأمم المتحدة وأمام شعوبها في الداخل.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك":
نحن سنحمي أرضنا وسماءنا وبحرنا، ولن نقبل من بعيد أو قريب أن نتدخل، أو أن ندخل في الصراع بشكل مباشر أو غير مباشر، مهما كانت الظروف، من يشعل الحرب والصراع عليه أن يتحمل مسؤوليته كاملة.
لكن ابن زعيم يستبعد نشوب مواجهات عسكرية بين الدولتين، ويرى أن طرفي النزاع في ليبيا يستقوون بالأطراف الخارجية على بعضهم، وان هذا الأمر لن يؤدي إلا إلى الاحتقان أكثر فأكثر، ولا يخدم الشعب الليبي لا من قريب ولا من بعيد.
وتابع "الجزائر أوضحت أكثر من مرة أن الحوار هو الحل، وأن الصراع العسكري لن يحل المشاكل العالقة، كل دولة لها أجندتها ومصالحها وتدخلها في ليبيا سوف يعقد المشكلة".
واستطرد أن الجزائر ليس لها أي أجندة ولا مصالح في ليبيا، وتقف على الحياد بين الليبيين، وتدعو إلى المصالحة الوطنية بينهم، ومستعدة لرعاية المصالحة والتصالح بحضور جميع الأطراف.
فيما استبعد النائب قريشي عبد الكريم عضو مجلس الأمة الجزائري، نشوب مواجهات عسكرية.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك": "لن تكون هناك حرب، وليست من مصلحة الجميع أن تندلع الحرب، سواء مصر أو تركيا أو الجزائر".
وأشار إلى أن الجزائر تبذل كل ما في وسعها لعدم اندلاع الحرب، وأن ما يحدث الآن هو عبارة عن استعراض للعضلات لاستغلال ذلك في جلسات التفاوض بين الأطراف المتصارعة في ليبيا.
تونس
في تونس ينقسم الشارع ما بين المؤيدين للغرب الليبي باعتبار حركة "النهضة" باركت الخطوات التي تقوم بها تركيا إلى جانب الوفاق، والجانب الآخر الرافض وهو الذي يطالب بسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي.
أما على مستوى الرئاسة، قال الرئيس التونسي، قيس سعيد، في تصريحات لصحيفة "لوموند" الفرنسية، في يونيو/ حزيران، إن بلاده ترفض تقسيم ليبيا، مؤكداً أنها من أكثر المتضررين من الأزمة الليبية.
وأضاف أنه لا بد من احترام الشرعية في ليبيا، لكن ذلك ليس صكا على بياض بحسب قوله. وأشار سعيد في تصريحاته إلى ضرورة تجميع القبائل الليبية في حوار وطني ينتهي بدستور يتم التوافق عليه.
على المستوى السياسي الحزبي، قال الصادق جبنون المتحدث باسم حزب "قلب تونس"، إن الجميع يدفع نحو عدم اندلاع الحرب، وأنها ليست في مصلحة أي طرف.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن
تونس تلتزم الحياد الإيجابي بين كل الأطراف من أجل إيجاد حل النزاع بشكل سلمي في ليبيا.
وشدد على أن تونس ترفض أي تواجد عسكري على أراضيها وهذا الأمر بحسب الدستور، وأنها لن تسمح بفتح أراضيها لهذا الأمر، رغم أنها تسعى من أجل دعم المسار السياسي.
المغرب
على المستوى الحزبي في المغرب، يستبعد عبد العزيز أفتاتي، القيادي في "حزب العدالة والتنمية" المغربي، أن تصل الأمور إلى حرب مباشرة. وفيما يتعلق بالمواجهات العسكرية حال اندلاعها، يؤكد أفتاتي أن المغرب لا يمكن أن يصطف إلى أي محور من محاور الصراع.
فيما قال عبد العالي حامي الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس في الرباط، والقيادي بحزب العدالة والتنمية، أن المغرب لا يعتبر أن هناك حلا ممكنا من خلال المواجهة العسكرية، ومحاولة فرض الأمر الواقع بالقوة، سواء بين الأطراف الداخلية، أو من خلال التدخل العسكري الخارجي.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن
المملكة المغربية احتضنت اتفاق الصخيرات سنة 2015 تحت رعاية الأمم المتحدة، بحضور المبعوث الأممي إلى ليبيا آنذاك مارتن كوبلر، وبحضور كافة الأطراف المعنية، وهو الاتفاق الذي أفرز المؤسسات الليبية المعترف بها دوليا.
ويرى أن مرجعية اتفاق الصخيرات لا تزال صالحة، كإطار اتفاقي محايد قابل للتطوير من أجل العمل على إيجاد حل سياسي قابل للحياة بالنسبة للأزمة الليبية. ويعتقد أن المغرب يفضل رجوع أطراف النزاع إلى طاولة الحوار، بما يضمن وحدة البلاد والاستقرار.
وأشار إلى أن السياسة الخارجية المغربية المرتكزة إلى ثوابت واضحة ستستمر في القيام بالدور السياسي، مع التزام الحياد الإيجابي في نطاق الشرعية الدولية، وبما يخدم الاستقرار والحل السلمي للنزاعات في مختلف مناطق التوتر .
واستضافت المغرب مؤتمر الصخيرات في العام 2015، الذي انبثق عنه حكومة الوفاق الحالية.
في آخر حديث لوزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بعث ثلاث رسائل إلى مجلس الأمن الدولي، عبر فيها عن "قلق وخيبة أمل ودعوة المملكة المغربية للتعبئة" في مواجهة التدهور المستمر للوضع في ليبيا.
تؤكد "سبوتنيك"، أن الأراء الواردة في التقرير تعبر عن وجهة نظر الأشخاص الذين شاركوا، وأنه لا يعتد بها كآراء تعبر عن مواقف الدول المذكورة بشكل رسمي تجاه الأزمة، في ظل تعثر الحصول على تصريحات من وزراء الخارجية.