وأعلن مكتب مجلس نواب الشعب، الخميس 16 يوليو/ تموز 2020، الشروع في إجراءات التتبع الجزائي والقانوني ضد ما وصفه بـ"تجاوزات كتلة الحزب الدستوري الحر" بغرض "حماية المجلس والنواب وتأمين تواصل الأشغال". وندد المكتب بما وصفه تعمد كتلة الحزب الدستوري الحر تعطيل الجلسة العامة المخصصة لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، منبها من "خطورة تواصل هذه الممارسات".
وكلف مكتب المجلس مساعد الرئيس المكلف بالعلاقة مع الحكومة ورئاسة الجمهورية بالتواصل مع ديوان رئاسة الجمهورية والتنسيق حول تنظيم لقاء لمكتب مجلس نواب الشعب مع رئيس الجمهورية للنظر في هذا الموضوع.
ويقود نواب الدستوري الحر اعتصاما مفتوحا داخل أروقة البرلمان لليوم الرابع على التوالي مقسّمين على ثلاثة فرق، الأول في قاعة الجلسات العامة بالمبنى الرئيسي لمجلس النواب وتحديدا في المكان المخصص لجلوس رئيسه راشد الغنوشي، والثاني في قاعة الجلسات العامة في المبنى الفرعي للبرلمان، أما الفريق الثالث فيواصل اعتصامه داخل مكتب مدير ديوان رئيس البرلمان راشد الغنوشي، الحبيب خذر.
الاعتصام سيرفع بشرط
وقال النائب عن كتلة الحزب الدستوري الحر مجدي بوذينة لـ "سبوتنيك"، إن كتلته ستمضي في تنفيذ اعتصامها المفتوح ولن ترفعه إلى حين تلبية مطالبها المتمثلة أساسا في "منع من وصفهم بالإرهابيين ودعاة العنف والمصنفين خطيرين من دخول مجلس نواب الشعب باعتباره مؤسسة سيادية".
وأضاف، أن اعتصام نواب الدستوري الحر داخل مكتب مدير ديوان رئيس البرلمان الحبيب الخذر هو للمطالبة بفتح ملف المرافقين البرلمانيين وعلى رأسهم فتح ملف القيادي في ائتلاف الكرامة "عماد دغيج" بعد أن "هدد السلامة الجسدية لرئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسي ووجه لها شتائم لفظية بشكل علني".
أما المطلب الثالث الذي تعتصم لأجله كتلة الدستوري الحر فهو المطالبة بعقد جلسة عامة تخصص لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي بعد إيداع عريضة سحب الثقة منه بمكتب المجلس والمتضمنة 89 إمضاء.
وطالب بوذينة في هذا الصدد بالتسريع في تحديد موعد الجلسة العامة وعدم اعتماد أسلوب المماطلة والتلكؤ خاصة بعد استيفاء جميع الشروط القانونية لعقدها.
وندد بوذينة بالظروف التي ينفذ فيها نواب كتلته اعتصامهم المفتوح، مؤكدا تعرضهم للاعتداء اللفظي من نواب كتلتيْ النهضة وائتلاف الكرامة، فضلا عن "تعمد مدير ديوان رئيس البرلمان قطع الماء والكهرباء عن القاعة التي يقيمون الاعتصام داخلها، وتشغيله لمكيف الهواء"
واعتبر بوذينة أن هذه الممارسات لا ترقى إلى درجة المعاملة الإنسانية، مستنكرا كذلك تدخل الشرطة العدلية اليوم لمعاينة اعتصام نواب كتلته داخل البرلمان، معتبرا أن هذا السلوك غير قانوني.
وحول اتهام كتلته بتعطيل أشغال الجلسات العامة، قال بوذينة إن المعطل الحقيقي لعمل المجلس هي الأطراف التي ترفض إدانة العنف واتخاذ قرار صارم بمنع دخول دعاة العنف ومن وصفهم بالإرهابيين إلى مجلس نواب الشعب، مبينا أن كتلته لن تقبل بالعمل داخل مربع العنف تحب قبة البرلمان.
وأكد بوذينة أن كتلة الحزب الدستوري الحر توجهت بمراسلة إلى رئيس الجمهورية بعد تلافي العديد من الأخطاء التي رفعتها الكتلة إلى وزير الداخلية وإلى مدير الأمن الرئاسي، متابعا أن الكتلة تنتظر اليوم إجراءات ملموسة وتفاعلا إيجابيا مع مطالبها.
انقلاب يشرّع للفوضى
في المقابل اعتبر النائب عن كتلة ائتلاف الكرامة منذر بن عطية في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن ما تقوم به كتلة الحزب الدستوري الحر هو "انقلاب يشرّع للفوضى ويشرّع كذلك لمن خسر في انتخابات الرئاسة أن يقتحم قصر قرطاج ويستولي على كرسي رئيس الجمهورية، ولمن كان يطمع في كرسي وزارة معينة أن يستولي على كرسي الوزير".
وبيّن بن عطية أن تغيير رئيس البرلمان يتم عن طريق آليات ديمقراطية، واعتبر أن رئيس مجلس نواب الشعب بغض النظر عن شخصه أو انتمائه فقد وصل إلى كرسي رئاسة البرلمان بعد حصوله على أغلبية أصوات النواب، لذلك فإن "عزله يجب أن يتم بطريقة ديمقراطية ومتحضرة وليس بالاستيلاء على كرسيه بالاعتماد على أسلوب البلطجة والهمجية".
واعتبر بن عطية أن ممارسات كتلة الدستوري الحر تندرج ضمن المعركة الأيديولوجية الدائرة بين رئيسة الكتلة عبير موسي بالأساس وبين رئيس البرلمان راشد الغنوشي.
وأضاف، أن "دخول عماد دغيج أو حافظ البرهومي (من مؤسسي ائتلاف الكرامة) إلى مقر البرلمان هو مجرد تعلّة، لأن البرهومي هو مواطن تونسي له كامل الحقوق"، متابعا "صحيح أن لديه تصنيفا لدى وزارة الداخلية بمنع السفر ولكن الدخول إلى مقر مجلس نواب الشعب لمقابلة النواب هو حق لكل مواطن تونسي".
اجراءات ردعية
من جانبه، اعتبر عضو لجنة النظام الداخلي للبرلمان الصحبي عتيق في تصريح لـ "سبوتنيك"، أن الاحتجاج والمطالبة بسحب الثقة من رئيس البرلمان هي اجراءات ديمقراطية وهي حق لكل نائب، مستدركا "لكن تعطيل سير الجلسات العامة واحتلال كرسي رئيس البرلمان ونائبيْه هو تجاوز للحدود وتعطيل للمسار الديمقراطي اعتبارا إلى أن البرلمان هو المؤسسة التشريعية الأولى في البلاد والسلطة العليا التي تستمد منها القوانين شرعيتها.
وأكد عتيق في هذا الصدد أن لجنة النظام الداخلي اجتمعت اليوم للنظر في تعديلات النظام الداخلي للبرلمان الذي يتضمن نقائص في قسم حفظ النظام والردع، مبينا أنه تم التنصيص بالإجماع على منع احتلال منصة رئاسة المجلس.
ومن بين الاجراءات الردعية الأخرى التي تناولتها اللجنة، هو منع الكلمة ومنع الحضور لثلاث جلسات متتالية لمن يسهم في تعطيل سير الجلسة، فضلا عن اقتراح إحداث سلك للأمن البرلماني من اجل حفظ النظام داخل البرلمان وتأمين عمله وحمايته من أي تجاوز.