وقال الجابري، الذي شغل منصب مستشار الأمير محمد بن نايف لفترة طويلة، إن السلطات الكندية أحبطت تلك المحاولةـ مؤكدًا في الدعوى القضائية المؤلفة من 107 صفحات والمرفوعة ضد ولي العهد السعودي و24 آخرين أمام محكمة اتحادية في مقاطعة كولومبيا، أن ولي العهد أرسل فرقة قتل إلى كندا.
وتقول الدعوى القضائية التي تطالب بتعويضات يتم تقدير قيمتها أثناء المحاكمة: "سافر فريق من السعوديين عبر المحيط الأطلسي من السعودية... بنية قتل الدكتور سعد".
دعوى قضائية
أفادت "رويترز" بأن المكتب الإعلامي للحكومة السعودية لم يرد على طلب للتعليق على الدعوى القضائية، ولم يتسن الوصول للسفارة السعودية في أوتاوا للتعليق.
وتشير الدعوى القضائية إلى أن فريق الاغتيال كان مؤلفا من مجموعة مقربة من ولي العهد تسمي "فرقة النمر" وكانوا يحملون حقيبتين تحويان أدوات تحقيقات جنائية وكان من بينهم شخص يعلم كيفية تنظيف مسرح الجريمة من الأدلة.
وأضافت أن الرجال "حاولوا دخول كندا بشكل مستتر إذ سافروا بتأشيرات سياحية وتظاهروا بعدم معرفة بعضهم البعض، لكن ضباط الحدود ارتابو في الأمر حيث عثروا على صورة تظهر عددا منهم معا مما كشف كذبهم وأحبط مهمتهم".
وحدثت الواقعة المزعومة بعد أقل من أسبوعين من مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.
وقالت أسرة الجابري إن ولي العهد اعتقل اثنين من أبنائه البالغين وشقيقه لإجباره على العودة للبلاد.
وصرح الجابري، الذي يصف نفسه بأنه حليف منذ فترة طويلة لأجهزة المخابرات الأمريكية، بأنه رفع الدعوى القضائية في الولايات المتحدة لأسباب منها أن المؤامرة التي يقول إنها حيكت ضده "شملت الكثير من الأفعال داخل الولايات المتحدة".
وأوضح وزير الأمن العام الكندي بيل بلير، أنه لا يمكنه التعليق على مزاعم تنظرها المحاكم، وأضاف في بيان أرسل إلى "رويترز" "نحن على دراية بوقائع حاولت فيها عناصر أجنبية مراقبة أو تخويف أو تهديد كنديين أو أفرادا يعيشون في كندا.. هذا غير مقبول بالمرة".
وتدهورت علاقات كندا بالسعودية منذ أغسطس 2018 عندما انتقدت الحكومة الكندية الرياض بسبب حقوق الإنسان.
اتهامات متوقعة
الدكتور شاهر النهاري، المحلل السياسي السعودي قال إن "المملكة العربية السعودية تتهم سعد الجابري باختلاس مبلغ يزيد عن 11 مليون دولار أثناء عمله الحساس في الداخلية السعودية، واتهاماته للمملكة متأخرة، وكنا نتوقعها منذ بداية اتهامه".
وأضاف النهاري في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "المملكة تتوقع نفس الفعل من كل معارض، استغلالا للظرف ومحاولة تحسين الصورة، وتوريط المملكة فيما لا طائل لها به".
وتابع المحلل السياسي السعودي: "أعتقد أن الجابري يعد لاجئًا وهاربًا إلى كندا التي، حقيقة، ظهر منذ فترة طويلة، مدى العداء الذي تكنه للملكة العربية السعودية، ونتذكر ما حصل مع خادم الحرمين وولي العهد وكيف كان رد المملكة على محاولات كندا التدخل في الشؤون الداخلية للدولة".
واستطرد: "وهذا شجع كندا أن تستقطب الكثير من المعارضين والهاربين من أهلهم، حتى الفتيات غير الراشدات، وحقيقة، لا نسغرب الخبر من كندا أو من هارب مطالب بإرجاع ما لديه من اختلاسات، كل ذلك كان متوقعا ولا يهز المملكة العربية السعودية".
وأكد المحلل السعودي أن "علاقة المملكة وأمريكا علاقة قوية قديمة، ولا يمكن أن تهتز بأي عملية، ولا يمكن أن يتم إدخال أو إقحام السياسية في مواضيع تخص السعودية".
وأشار إلى أن "هذه الترويجات والتسريبات تتورط فيها "الجزيرة" وقطر، والكتابات المزعومة مضحكة وكتبت بطريقة رديئة لا تتناسب ومقام الأمير محمد بن سلمان".
وأضاف النهاري: "السعودية أكبر من كل ذلك وأمريكا تعرف مصلحتها والمعارضون لا بد أن يستمروا في استغلال قضية خاشقجي للقياس عليها رغم أن المملكة أثبتتها وحاكمت من قاموا بها، ولا يمكن أن يحدث ذلك أي تأثير في المستقبل على العلاقات مع الدول الأخرى".
جرائم الجابري
من جانبه قال يحيى التليدي، المحلل السياسي السعودي، إن "سعد الجابري هو مواطن سعودي هارب من وجه العدالة بعد إدانته بقضية فساد مالي وسرقات بمليارات الدولارات قام بها هو وشبكته المنظمة".
وأضاف التليدي في تصريحات لـ "سبوتنيك" أن "القضية ليست قضية للاستهلاك الإعلامي، بل هي قضية موثقة بالأدلة الدامغة التي تدين الجبري وشبكته، وفق كل قوانين الدول في العالم، وقد قدمت السعودية تلك الأدلة لكندا التي يقيم بها الجابري بالتفاصيل".
وأكد المحلل السعودي أن "الأدلة تضمنت شركاء الجبري في الفساد، والأرقام الفلكية التي كانوا يسرقونها، وبعض الشركات التي كانوا يديرونها وبعض الحسابات البنكية في سويسرا وأمريكا، وبعض الممتلكات العقارية في بوسطن وتورونتو، وقد أصدرت السعودية طلبات تسليم وإخطارات للشرطة الدولية (إنتربول) لتوقيف الجبري، ولكن كندا ترفض تسليمه، ومواقف كندا تجاه السعودية معروفة للمتابع".
وتابع التليدي: "أما الحديث عن أن أمريكا قد تستغل هذه القضية للضغط على السعودية فهو غير منطقي لأن السعودية تلاحق الجبري حسب معلومات يعرفها الأمريكيون أنفسهم جيدا، فالحسابات البنكية والشركات والتعاملات والصفقات كان يتم كثير منها داخل الولايات المتحدة، وبإمكان الأجهزة المعنية في أمريكا تتبع المعلومات واكتشاف الجرائم بسهولة ويسر".
وأشار إلى أن "الجابري لا يمكنه الهروب للأمام والتغطية على فساده وجرائمه بادعاءات كاذبة ضد دولته، وليس بإمكان أي دولة التغطية على الفاسدين والسارقين تحت شعارات حقوقية أو إنسانية، خصوصا بعد ظهور الحقائق التي لا تقبل الشك".
وأنهى حديثه قائلًا: "الدولة التي تصر على حمايته ستنفضح أمام العالم، فالسعودية وضحّت قبل عام في مذكرتها للإنتربول أبعاد فساد الجبري وكشفت زيف ادعاء اللجوء السياسي".