في رحلته الأولى هذه منذ توقف حركة القطارات على هذا المقطع جراء استهدافه بعشرات التفجيرات الإرهابية مع انطلاق الحرب على سوريا عام 2011، قطع قطار الشحن رحلته بين مرفأ طرطوس وبلدة السبينة بريف دمشق الجنوبي.
وزير النقل المهندس علي حمود قال في تصريح لـ "سبوتنيك" إن رحلة القطار التي نقلت 1000 طن حبوب قادما من مرفأ طرطوس إلى صوامع السبينة، هي الأولى بعد انقطاع دام تسع سنوات، وهي إيذان باستئناف حركة النقل بالقطارات من وإلى دمشق.
وبين حمود أن عمليات صيانة المقاطع المدمرة للخط الحديدي من الناصرية (شمال شرق دمشق) وحتى السبينة جنوبا: "تمت بغضون شهر واحد فقط وبكوادر عمالنا في مؤسسة الخطوط الحديدية، وشركة إنشاء الخطوط، وهو استكمال لعمليات الصيانة الكلية للخط البالغ ٣٠٩ كم".
ومع تشديد الغرب حصاره الخانق على سوريا، سارعت الحكومة لاستنهاض شبكة السكك الحديدية بين المرافئ والمناطق الصناعية والأسواق الداخلية بهدف تبريد منعكسات التضخم وتراجع قيمة العملية الوطنية، بالاستفادة من الوفر الذي يحققه النقل السككي لحدود 50% قياسا بالوسائط الأخرى، وأثر ذلك على تقليص كلفة إنتاج السلع وأسعار مبيعاتها.
وأضاف حمود: "واجهنا حجم كبير من الصعوبات خلال صيانة المقاطع المدمرة، وتم تجاوزها رغم ظروف الطقس الحار وفي منطقة صحراوية جافة حيث كان العمل مستمرا على مدار الساعة، إلى جانب نقص في المعدات الفنية بسبب العقوبات والحصار الجائر، والإجراءات الاحترازية للوقاية من كورونا.
وأكد وزير النقل السوري: أنجزنا العمل رغم هول الأضرار التي تعرضت لها سكة الحديد من سرقة وتخريب وتدمير (نتيجة الأعمال الإرهابية) لمسافات طويلة منها 40 كم منزوعة السكك بشكل كامل في مواقع (الضمير) و(جيرود) و(البحارية) و(التركمانية)، إضافة إلى التعامل مع 26 نفقا تحت الأرض خلفتها المجموعات الإرهابية خلال حفرها للخنادق والأنفاق على جانبي السكة ومحطات القطارات على مدى تسع سنوات من الحرب.
وأثنى حمود على "تضافر جهود العاملين الذين أثبتوا قدرتهم على النجاح في مواقع عمل سابقة، وعزيمتهم اليوم لإنجاز هذه المهمة الوطنية التي تعيد تشغيل القطار إلى دمشق وتمحي معالم الإرهاب"، مضيفا: "كما قمنا بجولات ميدانية وحوافز تشجيعية مادية ومعنوية بمكافأة العمال المميزين العاملين على أرض المشروع والذين أتوا من مختلف محافظات القطر لمساعدة زملائهم في دمشق".
وختم الوزير السوري حديثه لـ "سبوتنيك" بأن "عودة حركة القطارات للعمل بين المرافئ والمحافظات السورية، وربطها مع دمشق سيكون له مردود كبير في تأمين احتياجات المواطنين وسرعة وصولها ونقلها بكميات كبيرة وتخفيض أجور وتكاليف النقل وخاصةً في نقل الحبوب والفيول وغيرها من المواد والبضائع".
وكانت شحنة أخرى سابقة وصلت إلى ضواحي العاصمة السورية في مارس/ آذار 2019 قادمة من مرفأ اللاذقية، وأفرغت 1500 طن من القمح في صوامع حبوب الناصرية، شمال شرق دمشق بنحو 60 كيلومترا.
وشكلت شبكة الخطوط الحديدية السورية منذ عام 2011، هدفا رئيسيا للتنظيمات الإرهابية التي قامت بتدمير عشرات المقاطع السككية والجسور في مناطق قريبة من سيطرتها في محاولة محمومة لتركيز الضغط الاقتصادي على الحكومة السورية، وبعد أن أعادت الحكومة السورية إصلاح الشبكات السككية وتأهيل الجسور، بدأت هجمات التفجير تطال القطارات، لتتوقف بعدها حركة السكك الحديدية السورية بشكل كامل باستثناء بعض المقاطع في المناطق الآمنة.
وطالت الهجمات الإرهابية في 2011 و2012 محور السكك الحديدية (طرطوس- حمص– دمشق) وخاصة عشرات المقاطع والجسور التي تم تفجيرها من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة على هذا المحور وخاصة بين محطتي تلكلخ- طرطوس، ومحطتي (حمص- شنشار) و(الضمير- الغوطة الشرقية) التي منعت المجموعات المسلحة مرور القطارات في هذه المناطق.
وحتى تشرين الثاني 2012، طالت الهجمات أيضا (محور حلب- اللاذقية، الذي بيلغ طوله 200 كم منها 120 كم قريبة من الحدود السورية- التركية)، وتركز الهجمات على المسافة الواقعة بين محطة (جسر الشغور- محطة كفر حلب) و(جسر الشغور- محمبل) وأخطرها كان على محور (محمبل – حلب) الذي تعرض فيها عشرات عمال السكك الحديدية للاغتيال والخطف أثناء محاولتهم إصلاح الجسور والسكك على امتداده.
وكانت أكثر المقاطع السككية خطورة هي التي تقع بين محطات (جسر الشغور - الشيخانة- بداما) نظرا لقربها الشديد من الحدود السورية - التركية، الغربي بطول حوالي 15كم.
أما فيما يتعلق بمحور (حلب - حماة)، فتركزت الهجمات الإرهابية في تلك الأيام بين محطات (حماة - أبو الظهور) وتمت بعدة تفجيرات طالت مقاطعه، فيما محور (حماة - حمص) فقد توقفت حركة القطارات عليه بسبب تفجير جسر (حربنفسه)، وبعد أن تم التعاقد مع إحدى الجهات المحلية لإصلاحه، قامت المجموعات المسلحة بتهديدها إذا ما اقتربت من الموقع.
وفي محور (حلب – المسلمية - ميدان اكبس) القريب من الحدود السورية - التركية، تركزت التفجيرات بين محطتي (المسلمية - قاطمة)، فيما (محور حلب – المسلمية - الراعي) القريب من الحدود السورية - التركية فتركزت الهجمات بين محطتي (المسلمية – الراعي).
كما شهدت المحاور السككية الأخرى كـ (محور حلب- الرقة- دير الزور- الطابية) و(محو دير الزور- القامشلي) عمليات نهب وتخريب ممنهجة منها سحب التربة أسفل السكك.
وتعتبر التعديات على الخط الحديدي أكثر سهولة من الطرق البرية نتيجة امتداد شبكة الخطوط الحديدية السورية على كامل مساحة البلاد، كما أن عرض سكة الحديد محدد بـ 1435 مم وعند حدوث أي تعديات على الخط الحديدي فإنه لا تتوافر إمكانية المناورة للحصول على مسارات بديلة كما هو معمول به في الطرق البرية حيث إنه من المحتم إعادة إصلاح الخط الحديدي لاستمرارية النقل كما أن حالات التعدي على الخط الحديدي يمكن أن تحصل نتيجة نزع أو قص جزء من الخط الحديدي عدا عن حالات التلغيم التي تم اكتشافها وتفكيك العبوات وحالات التفجير المتكررة على مختلف المسارات والتي تتركز في الجسور والعبّارات للوصول إلى أكبر ضرر ممكن ولإيقاف حركة القطارات مدة زمنية أطول.