وبدأت الوكالة الإثيوبية تقريرها بالقول "يقول العلماء إن مصر، على مدى قرون، تستخدم المعلومات المضللة كقنوات نقل مفتوحة وسرية لتلطيف احتكارها لنهر النيل وتشويه أي محاولة من دول المنبع للاستفادة من الموارد المشتركة".
وتابعت "تلجأ القاهرة بحسب العلماء إلى الدعاية السيئة النية والروايات المضللة لإدامة إساءة استخدامها واستغلال نهر النيل. ويعتقدون أن هذه التقنيات قصيرة النظر، ولكنها جيدة وخدمت البلاد للاستفادة المفرطة من النهر".
وأضافت "نظرا لكون سد النهضة بؤرة هجماتها، فقد انخرطت مصر منذ فترة طويلة في إصدار تصريحات خادعة بغرض التشهير تجاه مشاريع المنبع، في محاولة لإنكار حق الدول المشاطئة في الاستفادة من مواردها المشتركة"، مشيرة إلى أن "الأسباب المنطقية وراء أفعال مصر هي أنهم يعتقدون أن النيل لا يمكن المساس به من قبل الآخرين وأنه ملك لهم فقط".
واعتبرت أنه في تناقض حاد مع ادعاءات مصر، فإن بناء سد النهضة الإثيوبي يقضي على سنوات من الخطاب غير المكتمل. ويظهر المشروع أن النيل في الواقع يمكن أن يخدم جميع البلدان المشاطئة دون الإضرار بمصالح مصر.
ونقلت الوكالة عن أنور إبراهيم، وهو معلق العلاقات الإثيوبية العربية، القول إن التضليل المتعمد أو التضليل بشأن النيل على شكل تحريف الحقائق وتلفيق القصص هو نتاج استراتيجية مصر طويلة الأمد لتعزيز سيطرتها عليه.
وتابع أنور، الذي عمل أيضا كمحلل لوسائل الإعلام العربية، "إن الخطاب الخاطئ القائل بأن النيل ملك مصر فقط يعود إلى قرون مضت عندما حاولت مصر السيطرة على منشأ النيل الأزرق، إثيوبيا".
وأضاف أنه "يرجع إلى خطاب التشهير بأن القوى الاستعمارية ساعدت ما يسمى بالمعاهدات التاريخية في التلاعب المتعمد بالنهر".
وأضاف "الروايات الخاطئة موجودة في أغانيهم وفنونهم وثقافاتهم ودبلوماسياتهم. كانت هذه أعمال متعمدة لتشويه الحقائق حول النيل. وتعرض بعض المصريين لغسيل دماغ لأنهم يرون أن النيل هو ملك مصر فقط وأي مشروع في المنبع سيدمر بلادهم أيضا. وأثارت رواياتها المغمورة الشكوك لدى المجتمع الدولي أيضا".
كما ذكر أن إثيوبيا، التي ينبع منها نهر النيل، فشلت في تحديد خطاب وبناء السرد الذي تستحقه للاستفادة من أنهارها العابرة للحدود وأن مشاريعها المائية بما في ذلك سد النهضة الإثيوبي والمشاريع المتتالية تهدف إلى ربط مواطنيها بشبكة الطاقة.
وأضاف "حاول الإثيوبيون على مدى السنوات الماضية مواجهة سنوات من التضليل المصري بشكل جماعي ومنفصل. اتجه فريق إلى منصات التواصل الاجتماعي وآخرون إلى المنتديات الكبرى حيث يمكنهم فرض خطاب للإثيوبيين وفضح الدعاية المصرية التي يعتبر الكثير منها كاذبة ونصف الحقيقة".
وتابع "لا ينبغي أن تكون هذه الأشياء حملة لمرة واحدة، نحن بحاجة إلى بناء سرد حقيقي بشكل مستدام حول مواردنا، في الواقع ليس النيل فقط ولكن الحدود الأخرى العابرة للحدود".
وأكد أن الحكومة الإثيوبية ووسائل الإعلام تحتاج إلى تقديم معلومات باستمرار عن سد النهضة وغيره من المشاريع وأسبابها الحقيقية للمجتمعات المحلية والدولية.
وتابه "إذا كانت مصر قادرة على بناء سرد خاطئ، فليس هناك من طريقة تجعلنا نحن الإثيوبيين الذين لدينا حالة حقيقية لا نستطيع بناء سرد حقيقي"، مضيفًا "أننا بحاجة إلى العودة إلى لوحة الرسم وتقييم نهجنا في التواصل".
ماناي إنيتو، وهو أيضا معلق متخصص في سد النهضة، تحدث عن بعض الروايات الخاطئة التي تطرحها مصر فيما يتعلق بنهر النيل وسد النهضة. وأشار إلى أن المجتمع الدولي كان شريكا راغبا في نشر هذا الخيال.
وأضاف "تكرار نفس الادعاءات الآن، في القرن الحادي والعشرين، عندما أصبحت الزراعة التي تستهلك أكثر من 80٪ من مياه النيل، تمثل 10-15٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، أمر لا يغتفر".
وتابع "يؤدي هذا إلى مزيد من الضرر للمصريين من خلال السماح للرواية الزائفة عن النيل بسجنهم وتأخير التغيير السياس الذي تشتد الحاجة إليه لتنويع اقتصادهم".
وأضاف "إذا فحص المرء بعناية المقالات الصحفية التي لا حصر لها والتقارير الإذاعية والتلفزيونية الواردة من مصر، فإن الرسائل تدور حول حجم سد النهضة. يزعمون أن سد النهضة هو أكبر سد في إفريقيا".
"لقد تكررت هذه الرواية الكاذبة باستمرار لفترة طويلة لدرجة أنني أخشى أن يتم قبولها كحقيقة، ليس فقط من قبل المصريين ولكن أيضا من قبل بقية المجتمع الدولي أيضا. يبدو أن الأكاذيب تتكرر مرارا باعتبارها حقائق شائعة كل يوم".
وأوضح ماناي أن سد النهضة ليس أكبر سد في إفريقيا، مشيرا إلى أن السد العالي في مصر بحد ذاته يزيد على ضعف حجم السد بسعة تخزين تبلغ 169 مليار متر مكعب على 6 آلاف كيلومتر مربع هي مساحة سطح الخزان، وبطول يبلغ 600 كيلومتر.
وتابع "يجب على المرء أن يضع في اعتباره حقيقة أن السد العالي قد أنشئت خلفه أكبر بحيرة صحراوية من صنع الإنسان في العالم، وهي حماقة يفخر بها المصريون! يمكن أن يحتفظ السد العالي بثلاث سنوات متتالية من تدفق النيل الأزرق".
وأشار إلى أن مصر تنشر معلومات حول أن سد النهضة يشكل خطرا سلبيا على دول المصب.
وتابع "المصريون لا يتعبون أبدا من الحديث عن مخاطر "السلامة" التي يمثلها سد النهضة. إنهم يلمحون بشكل مباشر وغير مباشر إلى موقع السد على نوع من الصدع الجيولوجي وبالتالي خطر الزلازل. هذا هو نوع آخر من الدعاية المرعبة التي ينشرها المصريون في محاولة واضحة لإخافة السودانيين والتأثير عليهم لضمهم إلى جانبهم".
"وصادق فريق الخبراء بالإجماع على نتائج التحقيقات الجيوتقنية لسد النهضة الإثيوبي المقدمة، مؤكدا أن السد يتم بناؤه بأحدث التقنيات، بما في ذلك المتعلقة بالزلازل وأن السد غير معرض لمخاطر الزلازل".
وتابع "المفارقة هي أن مصر نفسها هي التي تقع على خط صدع جيولوجي رئيسي، وهو خط صدع أسوان والبحر الأحمر، مما يعرض القاهرة وأكثر من 98 مليون من مواطنيها لمخاطر كبيرة. يحتاج المرء فقط إلى التذكير بزلزال عام 1981 الذي ضرب المنطقة المجاورة للسد (5.5 درجة على مقياس ريختر)".
واختتم المعلق حديثه بالقول "نحتاج إلى بداية جديدة، بداية حديثة، في النيل. شريطة ألا نقوض باستمرار النوايا الحسنة والثقة والتبادلية من خلال الإنذارات الكاذبة أو "الرسائل" الإعلامية الذكية التي يواجهها النيل، وهو تحدٍ لإدارة الموارد قابل للحل وقابل للإصلاح من الناحية الفنية ويمكن إدارته. يمكننا مواجهة التحدي. يمكننا إدارة النيل بشكل مستدام. دعونا نعطي مساحة أكبر للعلم، لعلوم المياه. فلنقلل من تسييس النيل. دعونا لا نطلق إنذارات كاذبة بعد الآن. دعونا لا نسجن شباب النيل في روايات كاذبة ومظالم مصطنعة ويأس في نهاية المطاف".
وبدأت إثيوبيا في تشييد سد النهضة على النيل الأزرق منذ عام 2011، بهدف توليد الكهرباء، وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها من المياه، والتي تتجاوز 55 مليار متر مكعب سنويا، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.