أكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري عدم رغبة حزبه بالمشاركة في الحكومة، فيما أعلن رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل أنه لا رغبة لديه بالمشاركة في الحكومة الجديدة.
وقال مراقبون إن إعلان القوى السياسية عدم المشاركة في الحكومة لم يأت طواعية، بل استجابة للمبادرة الفرنسية التي طرحها إيمانويل ماكرون، والتي تضع شروطًا واضحة بشأن تشكيل حكومة مستقلين.
ابتعاد القوى السياسية
وأشار المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري في بيان، إلى أن "المشكلة ليست مع الفرنسيين المشكلة داخلية ومن الداخل".
وأضاف البيان أنه (بري) "أطلق عنوانا واحدا للحكومة، الاختصاص مقابل عدم الولاء الحزبي وعدم الانتماء النيابي وفيتوات على وزارات والاستقواء بالخارج وعدم إطلاق مشاورات".
وفي موقف مشابه أعلن رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل أن لا رغبة لديه بالمشاركة بالحكومة.
وقال باسيل في مؤتمر صحفي: "ما يهمنا هو تنفيذ المهمة أي الإصلاح ولهذا حددنا منذ اللحظة الأولى أن ما يهمنا أمر واحد وهو أن تكون الحكومة منتجة وفاعلة وإصلاحية، برئيسها ووزرائها وبرنامجها".
وشدد على أنه "لا يوجد مطلب ولا شرط لدينا بالحكومة سوى قدرتها على تنفيذ البرنامج الإصلاحي". لافتاً إلى أن المشاركة بالحكومة ليست شرطا لدعمه.
وأضاف باسيل "نحن مسهلون لتأليف الحكومة بكل ما يتطلّبه الأمر، لكن بدافع الحرص على حسن التأليف ونجاح المهمّة، ننبّه للمخاطر ونطرح الأسئلة المفيدة لتجنب الوقوع بالأخطاء القاتلة للمهمّة، نطرحها لإعطاء النصيحة، ولو لم تأتي الأجوبة، سنبقى على موقفنا المسهل".
مبادرة فرنسية وآمال بعيدة
قال المحلل السياسي اللبناني فيصل عبدالستار: "منطوق المبادرة الفرنسية، التي عرضها إيمانويل ماكرون على الأطراف اللبنانية، تطلب أن تكون الحكومة الجديدة غير مشكلة من القوى والأحزاب السياسية، أي أن تكون غير سياسية بالمعنى الحزبي، أي القوى السياسية لا تكون صاحبة تسمية الوزراء".
وتابع: "بدأ الالتباس يظهر بعد انقضاء المدة المحددة بـ 15 يومًا، ويبدو أن الرئيس المكلف اصطدم ببعض الأمور منها أن يقدم تشكيلته الوزارية دون أي مراجعة للقوى السياسية، أو حتى النيابية التي فازت بالانتخابات الأخيرة، وهذا يعد خروجًا على المألوف".
وأكد أن "القوى السياسية حاولت أن تظهر موقفها كأنها زاهدة في أن تكون جزءا من الحكومة أو تشارك، والمناخ العام هو الذي أخذ الأمور بهذا الاتجاه".
واستطرد: "القوى السياسية تتمايز، وتحاول أن تقول للرأي العام أنها مع تسهيل وتمرير الأمور، لكن في الحقيقة الأمر يحتاج لمزيد من التشاور، ورئيس الجمهورية نصح الرئيس المكلف بألا يبتعد كثيرًا على القوى السياسية، لأنه سيصطدم بالكثير من العوائق، وربما لا يستطيع المضي قدما في تشكيل حكومته".
وأشار إلى أن "الحكومة الجديدة تحتاج لثقة مجلس النواب، لكي تنال الثقة، وإذا لم يكن للرئيس المكلف علاقة جيدة بينه وبين القوى السياسية النيابية سيواجه ظروفًا صعبة، وقد لا تمنح الثقة لحكومته".
وأنهى حديثه قائلًا: "على رئيس الحكومة خلال توزيع الحقائب مراعاة بعد الأمور المتعارف عليها في الداخل اللبناني، مثل توزيع الحقائب على أساس المذهب، وهذا أمر اعتاد عليه اللبنانيون منذ اتفاق الطائف، وأصبح من الأعراف، فمثلا التحالف الشيعي الذي يمثله حزب الله وحركة أمل ونبيه بري أكدوا أنهم لن يقبلوا أن تسمى حقيبة وزارة المالية من قبل الرئيس المكلف".
عقوبات دولية
أشار المحلل السياسي اللبناني أسامة وهبي، إلى أن "هناك مبادرة فرنسية تشترط ابتعاد كل القوى السياسية عن تشكيل الحكومة، المطلوب حسب الورقة الفرنسية حكومة مستقلة تماما عن الأحزاب المنظومة السابقة الفاشلة، التي أوصلت لبنان للوصول لهذا الدرك".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "هناك شرطًا يحمله الرئيس المكلف هو إبعاد كل القوى السياسية عن الحكومة، وإبعاد كل الخلافات والمناكفات السياسية والمحاصصة والسجالات من داخل الحكومة".
وتابع: "المطلوب فرنسيًا، ومن الثورة قبل ماكرون حكومة مستقلين، لا تمت بصلة للمنظومة الحكومية الحالية، يكون هدفها الإصلاح، وقيادة مرحلة انتقالية توصل لانتخابات نيابية تشرف عليها، قضاء وحكومة مستقلين، ليس فيها مرشحين من الوزراء كما كان يحدث في المرات السابقة".
ومضى قائلًا: "ليس هناك أي حزب سياسي في لبنان يريد الابتعاد طوعيًا عن تشكيل الحكومة، إنما يتم إبعادهم بناءً على طلب المبادرة الفرنسية، وإلا سيتم توقيع العقوبات عليهم، لأن كل حساباتهم التي هربوها للخارج مكشوفة للمجتمع الدولي، فهم يخافون من خسارتها".
وقال رئيس الوزراء اللبناني المكلف، مصطفى أديب، اليوم الاثنين، إنه التقى بالرئيس ميشال عون لإجراء مزيد من المشاورات.
ووعد الزعماء اللبنانيون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيروت، في الأول من سبتمبر/ أيلول، بتشكيل حكومة خلال أسبوعين، ضمن خارطة طريق قدمتها باريس للبدء في إصلاحات تهدف لإنهاء أسوأ أزمة يمر بها لبنان منذ الحرب الأهلية التي انتهت قبل ثلاثة عقود.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون قد كلف السفير اللبناني في ألمانيا مصطفى أديب بتشكيل الحكومة الجديدة في البلاد، بعد استقالة حكومة الرئيس حسان دياب على خلفية انفجار مرفأ بيروت في 4 آغسطس/آب.