يرى مراقبون أن ما تحقق من الاتفاق هو تعيين محافظ جديد لعدن تابع للانتقالي ومدير أمن لم يتسلم مهام منصبه حتى الآن، وعادة الاشتباكات في الجبهات بين الطرفين، بالإضافة إلى التصعيد الإعلامي والتحشيد العسكري وسط صمت من رعاة الاتفاق، الأمر الذي يعني أن اتفاقا منفردا بين حلفاء الأمس "خصوم اليوم" قد لا يحقق استقرارا وربما تغيرت الرؤية إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق شامل ينهي الحرب في عموم اليمن، وأن مسألة الأسماء التي تصر عليها الشرعية ويرفضها الانتقالي ربما تفصح عن مخاوف وعدم ثقة بين الأطراف.
الثقة المفقودة
قال رئيس تحضيرية مؤتمر عدن الجامع ورئيس حزب العمل الديمقراطي النهضوي وعضو الهيئة الدولية لفض النزاعات الدبلوماسية والسياسية إيهاب عبد القادر، "بكل تأكيد ليس هناك إمكانية لتطبيق اتفاق الرياض، فالطرفان الشريكان فيه لا يثقان ببعض لأن كل منهما يعتقد أنه على حق من وجهة نظره الشخصية".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، أن "الشعب هو من يدفع ثمن التعنت غاليا، ولذلك طالبنا وما زلنا نطالب الطرفين بالوقف الفوري للحرب الدائرة في أبين والشيخ سالم وشبوة، لحقن دماء الطرفين والجلوس على طاولة حوار جاد ومسؤول ويشترك كافة الطيف القيادي الجنوبي في ذلك وإعادة مسار اتفاق الرياض".
وتابع رئيس تحضيرية مؤتمر عدن الجامع، "الشعب سأم من المهاترات والتوقعات الناجمة عن عدم تنفيذ الاتفاق وفِي موعده بشقيه السياسي والأمني بشكل متوازن، وتشكيل الحكومة المتفق عليها في الرياض".
مرحلة الغيبوبة
من جانبه قال القيادي بالحراك الجنوبي عبد العزيز قاسم، إن "اتفاق الرياض يكتنفه الكثير من الغموض، خاصة وأن بنوده لم يتم مداولتها وإخراجها بصيغة رسمية عبر قنوات رسمية تذاع وتنشر حتى يسهل تناولها، لكن الواضح وما يتم تناقله بنود ونقاط، ولكل طرف تفسيره الخاص به".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "فقط ما تم تنفيذه هو تعيين محافظ ومدير أمن لعدن وأخبار تتحدث عن تشكيل حكومة خلال ثلاثين يوما من تاريخ الاتفاق الأخير، ولم يتغير شيء على أرض الواقع، وبالنسبة لإمكانية تنفيذه فهى شحيحة وتكاد لا تذكر، خاصة وأن أهم بنود الاتفاق حسب المعلن عنها وهي تشكيل الحكومة، نستطيع القول إن اتفاق الرياض دخل مرحلة غيبوبة مبكرة حاولت المملكة السعودية إنعاشه مرات عدة حسب رغباتها ومشيئتها وكيفما تريد".
جدل غير مقبول
وحول الأسماء المطروحة من جانب الحكومة والمرفوضة من جهة الانتقالي قال قاسم، "ليست هي جوهر الإشكالية بقدر ما هي رغبة ودفعة سياسية من هذا الترشيح إن حصل فعلا هدفها الرفض، لإدراك الشرعية أن الانتقالي سيرفض هذه الأسماء، وحتى تتعلل الشرعية وترمي المسؤولية بعدم تنفيذ اتفاق الرياض على الانتقالي، وإن قبل الانتقالي بتلك الأسماء سينهي دوره وحضوره أكثر مما هو عليه الآن".
وتابع القيادي الجنوبي، "مسألة الأسماء والرفض والقبول ما هي إلا أجندة متبعة منذ اتفاق الرياض بغرض إطالة وشراء الوقت لكل الأطراف بمن فيهم الراعي الرسمي لاتفاق الرياض والتحالف، وهذا الأمر لا يمثل أدنى اعتبار أو عذر مقبول شعبيا لاستنفاذ كل هذه الفترة والتي قاربت على العام".
الواقع كارثي
وأوضح أنه "لم يعد هناك إمكانية لتنفيذ الاتفاق خاصة وأن الواقع كارثي وبات على حافة الانهيار، اتفاق الرياض لم يعد صالحا حتى بما هو عليه الآن، لأن الواقع تجاوزه، رغم عدم ملامسته كل المشاكل الجوهرية، فضلا عن مضاعفتها خلال فترة ما بعد الحرب".
وأكد قاسم أن "الرغبة الإقليمية خاصة التحالف هي المحرك وهي من توجه وليس الرغبات والإرادات لكل هذه الأطراف، والتي هى مجرد أدوات تابعة لهذا الطرف أو ذاك، وأصبحت عبء كارثي على الشعب أرهقته أكثر، ولم تقدم شيء سوى البؤس والتدمير وتعميق الخلافات على حساب معاناة المواطن، وبات رأي الشارع يقر أن التحالف والشرعية ومختلف القوى المنضوية فيه لا تمثل معاناته، بل هي سببا كارثيا في كل ما يجري".
من جانبه قال وكيل أول محافظة أبين ورئيس اللقاء التشاوري لقبائل المحافظة وليد بن ناصر الفضلي، إن "اتفاق الرياض يعيش حالة موت سريري منذ التوقيع عليه قبل نحو عام، فلم يكن الاتفاق سوى محاولة سعودية لخلق إنجاز دبلوماسي يحسب لهم، ولو كان على حساب مصلحة اليمنيين واستقرارهم".
وأضاف الفضلي في بيان سابق تلقت "سبوتنيك" نسخة منه، "لم يتغير شيء بعد الاتفاق ولم تتخذ قيادة المملكة العربية السعودية أي خطوةٍ تجاه عدم تنفيذ المجلس الانتقالي ما يخصهم في الشق العسكري والأمني من الاتفاق، فضلا عن تسليم السلاح الثقيل وانتهاءا بعدم تسليمهم إدارة الأمن واستمرار المدير السابق ومنظومته بالعمل، وإصدار القرارات والمذكرات بالصفة السابقة، وهو ما يتعارض مع جهود المحافظ الجديد المحسوب على الانتقالي، في تعنت وتناقض واضح لم يقابل بأي ردع من الجانب السعودي بصفته الضامن للاتفاق".
وأشار الفضلي، إلى أن المجلس الانتقالي لم يظهر حسن نيته في التعامل مع الاتفاق منذ اليوم الأول، وازداد تعنته مؤخرا، ففي شهر سبتمبر فقط استهدف مواقع الجيش الوطني في أبين بطائرتين مسيرتين.
تأجيل للصراع
وأوضح الفضلي، أن ما يجري من انهيار اقتصادي وهبوط حاد في سعر صرف العملة المحلية، لا يعدو عن كونه أداة لتركيع قيادة الشرعية الدستورية، ولو كان عبر تجويع ثلاثين مليون يمني بعد أن أنهكتهم ست سنوات من الحرب.
وعن مستقبل اتفاق الرياض، عبر الفضلي عن قناعته بفشل الاتفاق وأنه مجرد تأجيل للصراع لا إنهاءه، وربما تعود المواجهات العسكرية قبل الإنتهاء من تشكيل الحكومة الجديدة التي لا يؤمل عليها كثيرا، فنقاط الضعف في تأسيسها أكثر بكثير من نقاط القوة بعيدا عن أسماء الوزراء وانتماءاتهم.
ويشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، إذ تقول إن ما يقرب من 80% من إجمالي السكان -أي 24.1 مليون إنسان- بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية.
وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014.
وبالمقابل تنفذ جماعة "أنصار الله" هجمات بطائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.