وكتبت الشركة عبر صفحتها على "فيسبوك" انفردت "إيماتيل" بكونها أول شركة سورية توفر الهاتف رسمياً بالشرق الأوسط وحصرياً في دمشق، وذلك قبل البدء ببيعه في المنطقة العربية وبعد الإعلان عنه بـ10 أيام فقط من قبل شركة "آبل".
وطرحت الشركة الجهاز بأسعار تتراوح بين 4 مليون إلى 5 ونصف المليون ليرة سورية، (أي قرابة 1800-2500 دولار أمريكي) على اعتبار أن سعر تصريف الدولار في السوق السوداء يعادل 2200 ليرة سورية لغاية تاريخ 24 أكتوبر/تشرين الأول 2020، ويبلغ 1250 ليرة في نشرة المصرف المركزي.
الغريب أن سوريا تعيش يوميا حالة من ما يسمى بالـ"الطوابير"، على الخبز والبينزين والغاز، بحسب ما تنشره صفحات التواصل الاجتماعي، في وقت يبلغ فيه راتب الموظف السوري قرابة 50 ألف ليرة سورية، (حوالي 22 دولار أمريكي)، وبعملية حسابية بسيطة، فإن سعر "آيفون 12" في سوريا، يعادل راتب هذا الموظف لمدة 8 سنوات.
وكان وزير النفط السوري بسام طعمة، قد تحدث في منتصف شهر سبتمبر/آيلول الماضي عن أن "سوريا تعاني نقصاً حاداً في البنزين نتيجة العقوبات الأمريكية المشددة التي تعطل واردات الوقود الحيوية، وذلك في أحدث أزمة تضر باقتصاد البلد الذي دمرته الحرب".
وقال طعمة للتلفزيون السوري: إن قانون "قيصر"، وهو أكثر العقوبات الأمريكية صرامة ودخل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران الماضي، ويحظر تعامل الشركات الأجنبية مع دمشق، عطل عدة شحنات من موردين لم يكشف عنهم، وإن "أزمة البنزين الحالية هي واحدة من سلسلة أزمات سببها الاحتلال الأمريكي للحقول النفطية وحصاره للسوريين".
ويأتي نقص الوقود مع دخول البلاد في خضم أزمة اقتصادية، وسط انهيار العملة، وارتفاع التضخم بشدة، مما يزيد من حدة المصاعب التي يواجهها السوريون الذين يعانون من حرب مندلعة منذ حوالي 10 سنوات.
وحددت الحكومة البنزين بمرة واحدة لكل آلية عامة بفارق زمني 4 أيام من أخر عملية بيع وفق مخصصاتها الشهرية، ومرة واحدة كل 7 أيام للآليات الخاصة، والدراجات النارية وفق الكمية المخصصة لها، وقال السكان إن مئات من سائقي السيارات ينتظرون لساعات قبل فتح محطات الوقود.
وبحسب بيان نشرته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بتاريخ 20 أكتوبر 2020، فقد تم تعديل سعر لتر البنزين الممتاز المدعوم إلى 450 ليرة وغير المدعوم إلى 650 ليرة.
علما أن طعمة نفسه أكد في نفس الحوار مع التلفزيون السوري، أنه "لن يكون هناك رفع لأسعار المحروقات ولا للدعم".
وردّت وزارة التجارة وحماية المستهلك، قرار رفع الأسعار إلى "التكاليف الكبيرة التي تتحملها الحكومة لتأمين المشتقات النفطية وارتفاع أجور الشحن والنقل في ظل الحصار الجائر الذي تفرضه الإدارة الأمريكية على سوريا وشعبها".
وبالإضافة إلى البينزين، يعيش المواطن السوري حالة لا يحسد عليها أبدا، مع انتظاره لأكثر من ساعة في بعض المناطق من أجل الحصول على مخصصاته من الخبز، بعد أن تم تحديد الكمية على البطاقة الذكية سعيا للحل.. ولكن النتيجة كانت باستمرار "الطوابير" اليومية.
وتشهد مناطق سيطرة الحكومة منذ سنوات، أزمة محروقات حادة وساعات تقنين طويلة، بسبب عدم توفر الفيول والغاز اللازمين لتشغيل محطات التوليد، ما دفعها الى اتخاذ سلسلة اجراءات تقشفية.
وتحول العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة دون وصول باخرات النفط بانتظام. وفاقم قانون "قيصر" من الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد المنهك أساساً، ويزيد رفع الأسعار معاناة السوريين الذين يشكون من الغلاء بشكل متواصل.
في ظل هذا الواقع "المؤلم"، نجد بعض السوريين يقفون مجتمعين يقيمون حفلة أمام شركة "إيماتيل" للفرجة، وبعضهم بغية الحصول على هاتف يصعب شراءه على موظفين في بلدان كثيرة لا يوجد بها أزمات ولا عقوبات.
شعب يتأقلم مع كل ظروف الحياة.. 40 ساعة انتظار من أجل 30 ليتر بينزين، وساعتين من أجل رغيف خبز، و10 أيام فقط من أجل الاحتفال بآيفون 12 بعد اعلان آبل عنه رسميا.. شعب ضد كورونا، وضد قيصر.. شعب سوري يحب الحياة.. بس سؤال..
— Zain Alabiden Shiban (@zain_shiban) October 24, 2020
لماذا قانون قيصر لا يشمل المنتجات الأمريكية؟ ولا هي ترخيص صيني؟
يبدو أن السوريين أصبحوا أمام انفصام اجتماعي معلن بين طبقتين متعاكسين تماما من الناحية المادية، وتناقض مكشوف في تطبيق أمريكا لأحكام قانونها، والذي من الظاهر أنه لا يشمل منتجاتها.
(المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط)