والآن تستعد هذه القوات لتلبية حاجة جديدة ملحة، وهي الانتشار في الشوارع والنقاط الحيوية تحسبا لوقوع اضطرابات عنيفة عقب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو الأمر الذي يحذر منه محللون في ظل تصاعد حدة الاستقطاب في البلاد.
تستعد المجتمعات للاحتجاج بغض النظر عن نتيجة الانتخابات، وإذا تحولت المظاهرات إلى أعمال عنف وفاقت قدرات الشرطة المحلية، فمن شبه المؤكد أن حكام الولايات سوف يستدعون الحرس الوطني، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
استعدادات للفوضى
بموجب القانون الفيدرالي، فإن الحرس الوطني، وليس الجيش، هو من يمكنه فرض النظام على الأراضي المحلية. لقد حدث بالفعل عشرات المرات هذا العام في مدن في جميع أنحاء البلاد.
الولايات بالفعل في حالة تأهب للعنف. يوم الاثنين، أمر حاكم ولاية ماساتشوستس، تشارلي بيكر، ألف فرد بالحرس الوطني بالاستعداد في حال وقوع اضطرابات عقب انتخابات يوم الثلاثاء.
وفي ولاية أوريغون، أعلنت الحاكمة، كيت براون، حالة الطوارئ لمنطقة بورتلاند، مشيرة إلى القلق من أعمال العنف المحتملة المحيطة بالانتخابات. بموجب الخطط، ستتولى شرطة ولاية أوريغون وعمدة مقاطعة مولتنوماه إدارة السلامة العامة في المدينة، وقالت الحاكمة إنها وجهت الحرس الوطني لتدريب أفراده للسيطرة على الحشود وأن يكونوا على أهبة الاستعداد.
لم يشر الرئيس ترامب إلى أنه سينشر قوات فيدرالية بعد الانتخابات، ويقول خبراء القانون والمؤرخون إنه إذا فعل ذلك سيكون أمرا غير معتاد للغاية. لكن قبل بضعة أشهر فقط، أشار الرئيس إلى استعداده لاستخدام قانون التمرد لإرسال قوات فيدرالية وسط احتجاجات واسعة النطاق على ممارسات الشرطة التعسفية.
وقال ترامب في حزيران/ يونيو: "إذا رفضت مدينة أو ولاية اتخاذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن أرواح وممتلكات سكانها، فسوف أنشر جيش الولايات المتحدة وأحل المشكلة بسرعة لهم".
جوشوا كاستنبرغ، المقدم المتقاعد بالقوات الجوية وقاض عسكري يدرس القانون العسكري في كلية الحقوق بجامعة نيو مكسيكو، قال إن القوات الفيدرالية لم تستخدم للحماية من العنف الانتخابي منذ سنوات ما بعد الحرب الأهلية عندما كان الجيش يتمركز في جميع أنحاء الجنوب.
مقدمات الفوضى
في مقال للكاتبة "أولغا خزان" بموقع "ذا أتلنتيك"، تشبه الوضع في أمريكا حاليا بما كان عليه في ي أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، حيث ينتشر الغضب والتوتر على نطاق واسع، قائلة إن ذلك يقلق علماء السياسة بشأنه بشدة.
ويقول توماس زيتزوف، أستاذ السياسة بالجامعة الأمريكية:
نحن أكثر استقطابا من أي وقت مضى منذ الفترة التي سبقت الحرب الأهلية. لدينا احتجاجان مختلفان وكبير؛ الاحتجاجات ضد عنصرية الشرطة، والميليشيات اليمينية المتطرفة. ولديك رئيس يستعد ويجهز مؤيديه لنزع الشرعية.
قبل بضعة أشهر فقط، تجمع متظاهرون مسلحون في مبنى الكابيتول بولاية ميشيغان للاحتجاج على أوامر البقاء في المنزل التي تهدف إلى تقليل الوفيات الناجمة جائحة فيروس كورونا المستجد.
ويعلق زيتزوف قائلا "إذا رأيت ذلك في بلد آخر، مجموعة من الأشخاص يظهرون في مقر حكومي بأسلحة نصف آلية؟ من المؤكد أن هذه الأشياء يمكن أن تتصاعد". من المرجح أن تؤدي الانتخابات حال التنازع على نتائجها أو شابها شيء من الغموض إلى الاحتجاجات والعنف، بحسب المقال.
وتقول أوليغا: " كما هو الحال في اللحظات التي يربط فيها الناس هوياتهم بالكامل مع حزبهم السياسي، تصبح عواقب خسارة الانتخابات لا تطاق، وقد يشعر بعض الناس أنهم بحاجة إلى إنقاذ أمتهم من خلال عمل بطولي".
مصادر العنف
وفقا لأستاذ الدراسات الأمنية في جامعة ماساتشوستس في لويل، آري بيرليجر، ففي هذا النوع من البيئات، "يميل الناس أكثر إلى فعل كل ما في وسعهم لضمان فوزهم في الانتخابات، حتى لو كان ذلك يعني استخدام العنف، حتى لو كان ذلك يعني الانخراط في أعمال التطرف".
مصادر العنف الأكثر احتمالا اليوم هي الجماعات اليمينية المتطرفة، وليس اليسارية المتطرفة. يقول زيتزوف: "من الناحية الموضوعية، كان هناك المزيد من العنف والمزيد من العنف الفتاك من قبل اليمين المتطرف".
تقول أوليغا إن أغلب الخبراء الذين تحدثت معهم يعتقدون أن
أي عنف بعد هذه الانتخابات من المرجح أن يكون عفويا ومحليا، مع اشتباكات مليشيات يمينية ونشطاء يساريين على سبيل المثال في مدن قليلة.
السيناريو الأسوأ
يتقدم ترامب بفارق ضئيل في ليلة الانتخابات، ثم تبدأ بطاقات الاقتراع بالبريد في العد وتحول السباق ضده. يشير ترامب بطريقة ما إلى مؤيديه لتولي زمام الأمور بأيديهم، وهم يفعلون ذلك. قد ينتقد الناس الأقليات أو مجموعات الاحتجاج المتنافسة.
أو قد يحاول المسلحون الاستيلاء على مراكز إدارة الانتخابات أو مراكز إعادة الفرز لمحاولة تحريك المؤشرات لصالحهم. في عام 2000، نزل عملاء جمهوريون إلى مكتب في ميامي ديد المشرف على الانتخابات، حيث كان القائمون على جمع الأصوات يعيدون فرز الأصوات، فيما أصبح يعرف باسم "أعمال شغب بروكس براذرز". لم يمت أحد، لكن الناس تعرضوا للكم والركل.
في بورتلاند بولاية أوريغون، حيث تخطط جماعة مسلحة يمينية للظهور في مواقع تسليم بطاقات الاقتراع يوم الثلاثاء بأسلحة على مرأى من الجميع، يخطط بعض المنظمين اليساريين المتطرفين للنزول إلى الشوارع في احتجاج مضاد.
حتمية العنف (الحرب الأهلية)
العنف ليس حتميا، هناك عدد من الأسباب للاعتقاد بأن هذه الانتخابات لن تصبح عنيفة، إذ يميل العنف في معظم البلدان إلى الحدوث قبل الانتخابات وليس بعدها. لذلك إذا لم يقع عنف واسع النطاق الآن، فربما يعني ذلك أنه لن يحدث شيء جلل.
شيء آخر يحمي أمريكا هو ثروتها، حيث تميل الدول الغنية إلى عدم الانخراط في حرب أهلية لأن تكاليف أعمال الشغب التي يتعرض لها الناس العاديون باهظة للغاية. قد يغضب الناس حتى نهاية عطلة نهاية الأسبوع، ولكن مع يوم الاثنين، سيشعرون بأنهم ملزمون بالحضور لوظائفهم ذات الأجر الجيد.
علاوة على هذا، لا يزال عدد الأشخاص الذين ينتمون فعليا إلى ميليشيا أو جماعة متطرفة أخرى صغيرا جدا. تحب بعض المجموعات الافتخار بعدم إطلاق النار أولا، كما أصبحت الحكومة الفيدرالية أكثر وعيا بالإرهاب الداخلي أكثر مما كانت عليه قبل بضع سنوات، وقد كرست المزيد من التمويل لمكافحته.
يقول دريو ميلر، ضابط استخبارات متقاعد بالقوات الجوية وكاتب لصحيفة "واشنطن بوست"، إن سيناريو الحرب الأهلية ليس بمرجح، لكنه ذكر بالحرب العالمية الأولى، قائلا: "تم تصعيد الأمور إلى أن خرجت عن السيطرة. لدي أشخاص قلقون من أن كل ما يتطلبه الأمر هو انتخابات غير محسومة النتيجة مع بعض الغش".
ومع ذلك، لاحظ باحثون أن هناك احتمالا كبيرا بأن مواقف الميليشيات حول الانتخابات لن تؤدي إلى مظاهرات أو أعمال عنف فعلية، لكن طالما أن الخطاب المحافظ يركز على إثارة العنف اليساري فإنه سيساعد في إدامة ثقافة الميليشيات، بحسب تقرير لموقع "بوليتيكو".