وحقق خام برنت ارتفاعا في أسعار عقوده بقيمة 2.95 دولار للبرميل الواحد، ليصل إلى 42.4 دولار، فيما كان نصيب خام غرب تكساس من الارتفاع 3.15 دولار، ليصل إلى 40.29 دولار للبرميل الواحد، في الوقت الذي أشارت فيه السعودية إلى إمكانية تعديل كميات الإنتاج وخفضها في حال هبوط الطلب مع تزايد الإصابات بكورونا، وقبل انتشار الفيروس على نطاق واسع.
أسباب التغيرات
ولمعرفة المزيد عن أسباب التغيرات في أسعار النفط العالمي تواصلت "سبوتنيك" مع المستشار النفطي الدولي محمد سرور الصبان من السعودية، والذي يقول: "ارتفاع العقود الآجلة وخام برنت وأيضا ارتفاع الدولار أمام العملات الأخرى وكذلك أسعار الأسهم العالمية، جاء انعكاسا لإعلان شركة فايتزر عن إيجاد لقاح لفايروس كورونا، ثبتت فعاليته بنسبة 90%، وهذا أول اختراق حقيقي لمواجهة كورونا الذي عم مختلف دول العالم".
ويكمل: "بطبيعة الحال هذا الارتفاع قد يستمر مع وجود أخبار سارة بخصوص اللقاح وسرعة انتشاره، ولكن المشكلة أن هذا اللقاح قد يستغرق أشهر قبل تعميمه على مختلف دول العالم، ولذلك هناك حذر في الأسواق".
ويتابع الصبان: "نرى اليوم أن هناك تحسن طفيف في أسعار النفط، لكن ليس بالارتفاع الذي كان عليه بالأمس، وكذلك كان حال الأسهم، لتعكس التحفظ الموجود تجاه هذا اللقاح، ولذلك يمكننا أن نقول إن السبب الرئيسي لتغير أسعار النفط هو اكتشاف هذا اللقاح، بعد معاناة العالم الأمرين من كوفيد 19".
وفي اتصال مع "سبوتنيك" يتحدث الخبير النفطي والمحلل الاقتصادي عامر الشوبكي من الأردن حول هذا الأمر ويقول: "بسبب إعلان شركة فايزر وبيونتيك عن اللقاح الجديد لفايروس كورونا، وهذا ما يمثل الضوء في نهاية مرحلة تتسم بعدم اليقين وحالة من الضبابية في الأسواق العالمية، وهذه الأمور دائما ما تكون غير صحية بالنسبة للأسواق، ورؤية ضوء في نهاية النفق هو بمثابة إشارة إلى تحسن الاقتصاد العالمي عما قريب، وهو السبب الرئيسي لهذه التغيرات".
ويضيف الشوبكي إلى ذلك فوز المرشح جو بايدن في الانتخابات الأمريكية، ويكمل: "لكن الصورة غير واضحة لغاية الآن، كون الأمر يتعلق أيضا بنسبة الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأمريكي، وننتظر حتى نرى النتيجة النهائية، لكن بالمجمل هذا الأمر له علاقة كبيرة".
ويتابع: "سيكون هناك انتعاش كبير من ناحية وظائف كبيرة في السوق الأمريكية، وهذا الأمر يتعلق على الضرائب التي سيفرضها بايدن على الشركات والأفراد ذوي الدخل الكبير، والأمر سيكون هنا سلاح ذو حدين، لكن على الأقل سيكون الأمر واضحا أمام الأسواق".
انتعاش في الاقتصاد العالمي
وعما إذا كان هذا الارتفاع هو بداية لانتعاش اقتصادي عالمي يرى الخبير الصبان أنها بداية مبشرة وإن كانت غير كافية لعودة العجلة الاقتصادية إلى الدوران، ويوضح: أشك في أن يتم ذلك بسرعة كبيرة، فاللقاح أمامه جولات طويلة وتجارب على شكل أوسع، وتوفيره لمختلف الدول بأسعار مناسبة، والقضاء تدريجيا على بؤر كورونا، وهذا سيأخذ وقتا طويلا قد تصل إلى أشهر، لذلك لا أتوقع أن أرى انتعاشا للاقتصاد العالمي بسرعة كبيرة، ولكن هناك تفاؤل في الأسواق بأننا على وشك الوصول إلى مرحلة القضاء على كوفيد 19، وإن تأخرت لأشهر من الآن.
وكذلك يرى الخبير الأردني عامر الشوبكي، ويتحدث عن الانتعاش: "نعم سيكون هناك انتعاش في الاقتصاد العالمي ولكنه سيكون بطيء، وسيكون متوازي مع طرح هذا اللقاح في الأسواق وسرعة انتشاره وتوزيعه على مختلف البلاد، ولا سيما الاقتصادات الكبيرة، وأيضا الأمر مرتبط بنسبة نجاح هذا اللقاح، ولكن على جميع الأحوال من غير المتوقع أن يكون الانتعاش سريعا وأن يمتد إلى نهاية عام 2021".
التأثير على "أوبك+"
وعن التأثير المتوقع على اتفاق "أوبك+" في حال انتعشت الأسواق وارتفعت الأسعار، يوضح الدكتور محمد سرور الصبان الأمر بقوله: "أوبك+" تراقب الأسواق، وحديث الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي أمس عكس تفاؤلا، وذكر حتى أن الموجة الثانية من كورونا في أوروبا لن تحدث نفس الضرر التي أحدثته الموجة الأولى.
ويتابع: "أوبك+ جاهزة لاتخاذ ما يراه أعضاؤها مناسبا لتحقيق استقرار أسواق النفط، وهو يعرف كما الجميع أن القرارات في أوبك بلس هي قرارات بالإجماع، بمعنى أن الجميع يجب أن يوافق على أي اقتراح يطرح للنقاش".
ويواصل: "إن سمعنا أن بريطانيا وفرنسا وغيرها قد بدأت عن مواعيد لبدء هذا التطعيم بهذا اللقاح، أتصور أنه في ظل استمرار موجة كورونا في أوروبا، فاتفاق "أوبك+" سيراقب الأسواق، وإذا رأى تحسنا في الطلب العالمي على النفط، فقد يستمر في تطبيق اتفاق "أوبك+" الذي تبناه في أبريل الماضي".
ويكمل الصبان: "قد يكون هناك تخفيف للتخفيض، فبدلا 7.7 ينخفض إلى 5.7، من المبكر القول أن هذا القرار النهائي، هناك اختلاف بين بعض دول تحالف "أوبك+"، ولكن سيتفقون في نهاية المطاف إلى ما فيه تحقيق استقرار أسواق النفط".
وكذلك يعتقد الخبير النفطي عامر الشوبكي، ويقول: "مهمة "أوبك+" هي المحافظة على التوازن بين العرض والطلب، وبالتالي هي تدرس حالة الأسواق بشكل مكثف وجيد باستمرار، وأعتقد أن هناك عدة أمور ستكون مؤثرة على "أوبك+"، أولها الإنتاج الليبي الذي وصل الشهر الماضي إلى 460 ألف برميل، وكان الأكبر منذ بداية السنة، والإنتاج الذي سيتعدى مليون برميل".
ويتابع الشوبكي: "هم بصدد دراسة الأمور من ناحية الفائض الموجود في السوق، ومن ناحية بايدن إذا ما تحقق له الأغلبية في مجلس الشيوخ، فإذا كان للجمهورين الغلبة هناك فسيكون هناك اتفاق مع إيران وفنزويلا عما قريب، وهذا ما يؤدي إلى توفر ما بين 3-4 مليون برميل إضافي، وهو ما سيكون بعين الاعتبار أيضا بالنسبة لـ"أوبك+"."
ويختم حديثه: "في أضعف الاحتمالات فإن "أوبك+" ستمدد تخفيض الإنتاج الحالي ما بين 7.7 مليون برميل، إلى الأشهر الثلاث الأولى من عام 2021، وربما هذا يعني أيضا تخفيض إضافي على المتفق عليه، والذي كان 5.7، والالتزام حاليا للدول في "أوبك+" نسبته 100%، وهو ما يحافظ على أسعار مرضية للمنتجين".