وبحسب القرار الذي نشر في الجريدة الرسمية الأردنية، يحق لصاحب العمل تخفيض الأجر الشهري عن شهري نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول للعامل غير المكلف بعمل سواء في مكان العمل أو عن بعد في القطاعات/الأنشطة الأكثر تضررا دون اشتراط موافقة العامل أو وزارة العمل على التخفيض، وفق شروط محددة.
شروط التخفيض
وبحسب البلاغ رقم 13 لسنة 2020، هناك شرطان الأول، أن لا تزيد نسبة التخفيض عن 30% من الأجر وأن لا يقل الأجر بعد التخفيض عن الحد الأدنى للأجور.
ووفق البلاغ يستحق العامل بشكل كلي في مكان العمل أو عن بعد أجره كاملا عن شهري نوفمبر وديسمبر في غير القطاعات/الأنشطة الأكثر تضررا، مشددة أنه لا يجوز في تلك الحالة الاتفاق على غير ذلك".
تعميق الأزمات
حمادة أبو نجمة، أمين عام وزارة العمل الأردنية الأسبق، والخبير الدولي في قضايا العمال، قال إن "الحكومة وبعد أن سمحت في 6 مايو لمعظم القطاعات بالعودة إلى العمل بكامل طاقتها وبكامل موظفيها، إلا أن العديد من المؤسسات لم تكن قادرة على العمل بكامل طاقتها وموظفيها واضطرت لإنهاء خدمات عامليها أو بعضهم أو أغلقت أبوابها".
وتابع: "وتعتبر الحكومة هذا التوجه منصفا للعامل كونه يحميه من الفصل، ولصاحب العمل كونه يعفيه من نصف أجور العامل دون شرط الحصول على موافقة وزارة العمل وتقديم أي مبررات قد تقيد حريته في ذلك".
وأكد أن "هذه الحلول تضمن للحكومة عدم تحمل مسؤولية مالية مباشرة تجاه كل من صاحب العمل والعامل، أي أنها تركت الطرفين يتقاسمان تحمل المسؤولية بصورة وصفتها بأنها عادلة لكليهما، إلا أنها في الحقيقة قد وضعتهما في موقف صعب للغاية، فصاحب العمل يشعر أنه ملزم بدفع نصف الأجر لعامل لا يؤدي له أي عمل، والعامل يشعر أنه قد فقد نصف دخله دون مبرر رغم أنه مستعد للعمل".
فحسب قانون العمل – والكلام لا يزال على لسان أبونجمة- في حال عدم تكليف العامل بالعمل رغم استعداده له وتكريس نفسه لأدائه فيستحق أجره كاملا، وحسب قانون الضمان الاجتماعي في حال انتهاء خدمة العامل لأي سبب فمن حقه تقاضي راتب تعطل من صندوق التعطل لمدة 6 أشهر بنسبة 75% من أجره عن الشهر الأول من تعطله و65% عن الشهر الثاني وبنسب تنازلية عن باقي الشهور".
صندوق التعطل الحل
وأشار إلى أن "من الأجدى أن يتولى صندوق التعطل الوفاء بالتزاماته تجاه العاملين المتوقفين عن العمل بدفع أجور تعطل لهم وفق النسب المحددة في قانون الضمان الاجتماعي، وبذلك لا يتحمل صاحب العمل أي أعباء عن ذلك، مع حفاظ العمال على وظائفهم، وحصولهم على دخل كاف، وهذا يتطلب توفير موارد إضافية لصندوق التعطل الذي تم استنفاذ جزء كبير من مدخراته نتيجة السحب منه للتعليم والعلاج نتيجة التعديل الذي تم على قانون الضمان الاجتماعي العام الماضي والذي سمح بموجبه السحب من هذا الصندوق لهذه الغايات التي تتنافى مع هدف وجود الصندوق.
وأكد أن "هذه الحلول ستعمق من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، حيث ستتسبب في زيادة رقعة الفقر وتوسعها بصورة غير مسبوقة نتيجة فقدان الوظائف ونقص الدخل، الأمر الذي سيضعف بشكل كبير القدرة الشرائية للمواطنين مما سيؤثر سلبا على إنتاجية المؤسسات وحركة السوق، ويتسبب في تفاقم مشكلة الركود الاقتصادي، وكان الأولى في مثل هذه الظروف أن تعمل الحكومة على ضخ أموال أكثر من خلال دعم الأجور ودعم المؤسسات خاصة الصغيرة والمتوسطة منها، بما يساهم في تحريك عجلة السوق وينعش الاقتصاد".
كارثة اقتصادية
وأضافت في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "القرار يعد تسليم رقاب العمال للشركات، وإعطاء فرصة أكيدة للتحكم بأرزاق الناس في ظل أزمة ساهمت بشكل كبير في ازدياد أعداد العاطلين عن العمل، ومن هنا يرضخ الموظف لشروط صاحب العمل، حتى وإن كانت تعسفية، إدراكا منه لصعوبة الحصول على فرصة عمل أخرى".
وتابعت: "جاء هذا القرار الممعن في أذى الموظف في ظل ارتفاع ملموس لتكاليف المعيشة، فالإعلانات المتكررة وزيادة الأسعار أسهمت في استنفاذ ليس فقط الدخل الشهري للمواطن بل طالت مدخراته، فما الحال الآن مع انخفاض الدخل ليس فقط بنسبة 30%، بل وتصل إلى إعطاء الشركات الحق للتخفيض 50%".
واستطردت: "عدا عن ذلك الظلم البين لعمال المياومة فهم أشخاص لن يعلموا بالقرار إلا بتجبر مستخدميهم ولا مجال للمفاوضة مع الشركات للحصول على حقوقهم، هذا القرار سيقوض قدرة المواطن على الصرف في الاقتصاد وبالتالي سيكون له انعكاس خطير جدا على الاقتصاد بشقيه الجزئي والكلي".
وأنهت حديثها قائلة: "القرار جاء بتنسيق من وزارة العمل التي من الواضح لم تدرك تبعاته وأطلقته دون دراسة ولو بسيطة لتبعاته، وللأسف هذا أول الغيث من الوزارة في الحكومة الجديدة".