وقال جيمس جيفري مع صحيفة "ديفينس وان" المتخصصة في الشؤون العسكرية، إنه وفريقه "تعمّدوا خداع قادة الكونغرس باستمرار بشأن حقيقة عدد القوات الأمريكية في سوريا"، مؤكدا "أن قرار الانسحاب المتسرّع شكل الحدث الأكثر جدلاً له خلال عمله المهني في الحكومة الممتد على نحو 50 عاماً".
ونفى جيفري، وجود قرار بالانسحاب من سوريا على جدول الأعمال، وقال متسائلاً: "أي انسحاب من سوريا؟ لم يكن هناك نية بالانسحاب من سوريا أبداً".
واستطرد "بعد الهدوء النسبي الذي شهدته الأوضاع في شمال شرقي البلاد إلى درجة ما بعد هزيمة تنظيم "داعش"، كان الرئيس دونالد ترامب ميالا إلى سحب القوات. وفي كل حالة، كنا نضطر إلى طرح 5 حجج مقنعة على الأقل لتبرير أسباب الحاجة إلى بقاء القوات الأمريكية في أماكنها هناك. ولقد نجحنا كل مرة في تحقيق ذلك، هذه هي القصة الحقيقية".
وأوضح في مقابلته: "كنا نمارس لعبة المغامرة بعدم الإفصاح الصريح لقادتنا حول عدد القوات في سوريا، والرقم الحقيقي يفوق العدد المعلن عدة مرات". قائلا:
دائما ما كنا نتحايل ونراوغ لئلا نكشف لقياداتنا عن حقيقة عدد القوات التي نملكها هناك في أرض الواقع.
وأضاف أنه بالتزامن مع كل إعلان للرئيس ترامب عن إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش في شمال سوريا، "قررنا استنباط أفضل 5 خيارات لتعزيز مبرر بقائنا هناك، ونجحنا في كلا الحالتين". لافتاً إلى أن "الرئيس تراجع في كل مرة، ليزداد اقتناعاً بضرورة الإبقاء على قوات محدودة هناك واستمرار القتال".
إذ أسفر ذلك القرار، الذي اتخذ للمرة الأولى في شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 2018، عن استقالة وزير الدفاع الأمريكي الأسبق جيم ماتيس من منصبه.
ثم دفع جيفري، وكان يشغل منصب المبعوث الأمريكي الخاص بالرئيس دونالد ترامب إلى سوريا آنذاك إلى شغل منصب المبعوث الأمريكي الخاص بالحرب على تنظيم "داعش" (الإرهابي المحظور في روسيا)، سيما عندما أدى قرار ترمب إلى استقالة بريت ماكغورك المبعوث الخاص الأسبق إلى سوريا قبل جيفري.
وكان ترمب أعلن في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي الانسحاب الجزئي من شرق الفرات، الأمر الذي فتح الباب لتركيا لشن عملية عسكرية بالتعاون مع فصائل سورية معارضة لتأسيس منطقة "نبع السلام" بين تل أبيض ورأس العين.
وكانت تلك المرة الثانية التي يقول ترمب إنه يريد الانسحاب من سوريا.
وفي عام 2018، ثم مرة أخرى في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2019، عندما شرعت إدارة الرئيس ترمب في تكرار أمر انسحاب القوات الأميركية، أعلن الرئيس ترمب نجاحه الساحق في هزيمة "داعش" بيد أنه وفي كل مرة، كان الرئيس على قناعة حقيقية بضرورة ترك قوة عسكرية أميركية متبقية في الداخل السوري سيما مع استمرار أعمال العنف والقتال.
بالنسبة إلى جيفري، كانت تلك الحادثة أقل خطورة بكثير مما أشيع عنها، غير أنها تعد في نهاية المطاف قصة من قصص النجاح المعتبرة التي انتهت بمواصلة انتشار وعمل القوات الأمريكية في داخل سوريا.
بيد أنه من المقبول بصفة عامة أن العدد الفعلي للقوات الأمريكية المتواجدة في سوريا هو أكبر من الرقم المذكور بكثير، وصرح بعض المسؤولين مجهولي الهوية بأن تعداد القوات الأمريكية هناك يقترب من 900 جندي حتى الآن، غير أن الرقم الحقيقي هو سري للغاية وما يزال غير معروف على ما يبدو لحفنة معتبرة من أعضاء إدارة الرئيس ترمب من الحريصين للغاية على وضع حد نهائي لما يسمى بـ"الحروب الأمريكية اللانهائية".
يعتقد جيفري أن الرئيس ترامب قد نجح في إيجاد شكل من أشكال "الجمود" السياسي والعسكري في عدد من النزاعات الهادئة والمشتعلة المختلفة في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي أسفر عن وضع كان هو أفضل ما يمكن لأي إدارة أمريكية أن تأمل في تحقيقه في خضم تلك المنطقة المتسمة بالتقلبات الشديدة والفوضى المستمرة.
هذا، وتحافظ القوات العسكرية الأمريكية على حالة من الاستقرار الهش في أغلب أنحاء سوريا.
ويقول جيفري: إن "فرض حالة الجمود، وعرقلة التقدم في بعض الأحيان، مع الاحتواء قدر الإمكان في أحيان أخرى ليست بالأمر السيئ البتة".
وردا على سؤال بشأن الكيفية التي سيقدم بها المشورة إلى إدارة الرئيس جو بايدن عندما تتولى مقاليد الأمور، أجاب جيفري: إنه "سيحث الرئيس المنتخب بايدن على مواصلة المسار الذي اعتمده فريق الرئيس ترمب من قبله".