لكن طموح السلطة يرتبط ارتباطا وثيقا أيضا بعامل مؤثر وحاسم آخر، هو المال، لا سيما عندما يكون السباق الانتخابي متعلقا بقيادة أكبر اقتصاد رأسمالي في العالم، وواحدة من قواه السياسية والعسكرية العظمى.
في الحقيقة، ثروات المليارديرات تمنحهم تأثيرا عميقا في اقتصاد الولايات المتحدة من خلال الشركات التي يديرونها، وبطبيعة الحال في المجتمع الأمريكي بفضل المنتجات التي يطورونها والحملات الدعائية التي تشكل جزءا من وعي وثقافة المواطن.
كما تمنح هذه الثروات أصحابها نفوذا وقدرة شديدة على تشكيل سياسة البلاد من خلال المرشحين الذين يمولونهم، في أثناء الانتخابات. على المسرح السياسي لم يلعب هؤلاء المليارديرات دورا أكبر من ذلك.
بينما يجلس الآن مليارديرا في البيت الأبيض، أنفق أكثر من 300 آخرين المال للمساعدة في إبقائه في المكتب البيضاوي أو لاستبداله خلال سباق الانتخابات الذي فاز به منافسه الديمقراطي جو بايدن، وفقا لتقديرات شبكات الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة.
من جانبها طورت مجلة "فوربس" الأمريكية، أداة تعقب تفاعلية فريدة من نوعها تُظهر أين يوجه أغنى أغنياء الولايات المتحدة رهاناتهم في انتخابات 2020.
ولأن ترامب خالف التقاليد من خلال تقديم أوراق إعادة انتخابه في اليوم الذي تولى فيه منصبه في عام 2017، فقد تضمنت الأداء أكثر من 3 سنوات من التبرعات لحملة الرئيس الحالي.
وتبين أن 120 مليارديرا وأزواجهم تبرعوا، بمبلغ 328.9 مليون دولار لحملته ولجان جمع التبرعات المشتركة التابعة لها منذ ذلك الحين، وفقا لآخر تحديث لأداة التعقب الخاصة بالمجلة.
على الجانب الديمقراطي، بدأ جو بايدن العمل في وقت لاحق، حيث أطلق حملته في أواخر أبريل/ نيسان من عام 2019، ونجح في جمع الأموال من 186 مليارديرا وأزواجهم، وفقا لتحليل المستندات الرسمية للجنة الانتخابات الفيدرالية.
في البداية، حتى منتصف سبتمبر/أيلول، تلقت حملته ولجان جمع التبرعات المشتركة التابعة لها أمولا مباشرة من المليارديرات أقل مما فعلت حملة ترامب، لكنهم ضخوا المزيد من الأموال في لجان العمل السياسي التي تدعم بايدن. في النهاية جمع المرشح الديمقراطي 637.1 مليار دولار.
بإضافة باقي التبرعات إلى مساهمات المليارديرات، يتضح أن المرشحين جمعا أموالا طائلة في سباق هذا العام، حيث اقترب بايدن من الملياردير دولار إجمالا حتى منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، فيما سجل ترامب نحو 600 مليون دولار.
مع التعمق في البيانات يتضح الكثير من المؤشرات الأخرى. على سبيل المثال، أغلب المانحين لكلا المرشحين، جمعوا أموالهم في الأساس عبر قطاع التمويل والاستثمار أكثر من أي صناعة أخرى.
ومع ذلك، وبعيدا عن عالم المال، تتباعد قاعدتا بايدن وترامب، إذ هيمن بايدن على كاليفورنيا، واستحوذ على 84% من المتبرعين المليارديرات، فيما سيطر ترامب ولاية تكساس، بحصوله على 88% من التأييد المليارديرات المتبرعين.
بعيدا عن التبرعات، وجدت دراسة حديثة أن الإنفاق الإجمالي للانتخابات الأمريكية لهذا العام 2020، وتشمل الانتخابات الرئاسية وانتخابات الكونغرس، يقترب من 14 مليار دولار أمريكي، وهو مبلغ يزيد عما تم إنفاقه خلال الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين مجتمعتين.
وقال مراقبو "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا" في الانتخابات العامة الأمريكية، في تقرير أولي لهم، إن قواعد تمويل الحملات الانتخابية تفتقر إلى الشفافية، لكنهم قدروا إجمالي الإنفاق خلال حملات 2020 بنحو 14 مليار دولار.
وحسب تقدير من مركز السياسة المتجاوبة، تبلغ كلفة الإنفاق على الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني، أكثر من 6.6 مليار دولار.
وأظهرت البيانات أن الديمقراطيين أنفقوا "حصة الأسد" من هذا الإجمالي حتى الآن، حيث استهلكوا 6.9 مليار دولار، مقارنة بـ3.8 مليار دولار أنفقها المرشحون والجماعات الجمهورية.