واستبعد مراقبون إمكانية تحقيق الجولة الحالية من المفاوضات أي تقدم يذكر في مسألة تعديل الدستور، في ظل اختلاف الرؤى حول المفاهيم والأسس والمبادئ الأساسية، وكذلك انتظار تولي بايدن الرئاسة الأمريكية.
جولة مفاوضات
وبحسب وكالة "سانا" السورية للأنباء، بدأت في مقر الأمم المتحدة في جنيف اليوم اجتماعات الجولة الرابعة للجنة المصغرة المنبثقة عن الهيئة الموسعة لمناقشة الدستور بمشاركة الوفد الوطني والوفود الأخرى.
وعقدت الجولة الثالثة لاجتماعات اللجنة المصغرة في مقر الأمم المتحدة في جنيف أواخر شهر آب/ أغسطس الماضي، وكانت ضمن جدول أعمال بعنوان "المبادئ الوطنية الأساسية".
ووصف بيدرسون آنذاك تلك المفاوضات بـ"الصعبة"، وأشار إلى خلافات شديدة للغاية، كما تحدث عن التوصل إلى بعض القواسم المشتركة التي يمكن البناء عليها.
يذكر أن الجولتين الأولى والثانية عقدتا في مقر الأمم المتحدة في جنيف خلال شهر تشرين الثاني/ يناير من العام الماضي.
مبادئ غائبة
الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي، العضو السابق في الوفد السوري الحكومي المفاوض في جنيف، قال "رغم الزيارات المتعددة التي قام بها بيدرسون إلى العديد من العواصم المعنية بشكل مباشر أو غير مباشر بالأزمة السورية، إلا أنه ما من مؤشرات على أن انعقاد هذه الجولة من محادثات اللجنة الدستورية يحظى بالمدخلات الضرورية لإحداث خرق نحو التقدم في العمل".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "العنوان الذي يتم التباحث بشأنه وهو مناقشة الثوابت الوطنية، يشهد خلافًا بنيويًا ما بين الوفد الوطني السوري من جهة والوفد المهيمن عليه من قبل الأتراك من جهة أخرى، فالثوابت الوطنية تقتضي بلا ريب رفض وجود قوات احتلال، ورفض أي انتهاك للسيادة السورية، باعتبار هذين المبدأين تأسيسيين ضمن القرار 2254 وسائر القرارات الأخرى الصادرة عن مجلس الأمن".
وتابع: "ما يظهر واضحًا أنه يوجد تناقض جوهري بين تبعية الوفد المعارض الكاملة للنظام التركي وضرورة إقراره رفض أي تواجد احتلالي لأي دولة على التراب السوري، بما في ذلك طبعا الاحتلال التركي، وأيضًا الاحتلال الأمريكي الذي لا يرغب القائمون على "الهيئة العليا للمفاوضات" برفضه أو حتى الإشارة إليه".
واستطرد: "من هنا يظهر أن التناقض بين الوفدين يتعلق بموضوع السيادة وهو جوهر وفاتحة المبادئ التأسيسية لأي دستور، وإذا ما أضفنا أن الوفد المعارض يرفض إدانة الإرهاب وحمل السلاح من قبل قوى غير شرعية ولا تتبع للدولة، سنجد حتماً أن الخلاف عميق ويتعلق بعمق الثوابت الوطنية التي يقوم عليها أي دستور، ألا وهي سيادة الدولة على أراضيها تجاه الخارج ممثلة برفض وإدانة أي احتلال، وسيادة الدولة على أراضيها بالمعيار الداخلي، التي تتمثل برفض وجود أي مناطق تقع تحت حكم مجموعات مسلحة غير شرعية".
وأنهى حديثه قائلًا: "إذا ما أضفنا إلى ذلك كله رهانات وفد المعارضة المدعوم من الخارج على خلط الأوراق إقليميًا ودوليًا مع تغير الإدارة الأمريكية، فسنصل إلى نتيجة مؤداها سعي الوفد المعارض إلى شراء الوقت والتملص من الاستحقاقات التأسيسية للمبادئ الدستورية، عجزاً منه عن مخالفة الاحتلالين الأمريكي والتركي، ورغبةً منه بالمراهنة على متغيرات إقليمية ودولية يأمل منها أن تنتج تغيراً في المعادلات السياسية والاستراتيجية بما يغير من واقع التراجع المتواصل للدعم الخارجي، والتشكيك المتصاعد بحقيقية تمثيله لمصالح أي شريحة من شرائح الشعب السوري، وقدرته على التعبير عن أي إرادة مستقلة".
انتظار بايدن
من جانبه قال الدكتور فريد سعدون، المحلل الساسي السوري، إنه "رغم استئناف جولات لجنة الدستور السوري في جنيف، إلا أنه من الصعب أن تكون هناك أية فرص لإحراز تقدم في هذا الملف".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الأمر منوط باستلام بايدن رئاسة البيت الأبيض وتشكيل حكومة أمريكية جديدة".
وتابع: "لا أعتقد أن اللجنة الدستورية واجتماعاتها ستسير بسهولة وسلاسة، دون أن يكون هناك إدارة أمريكية جديدة ويتبين موقفها من القضية برمتها، خاصة أن هناك تغيرات قادمة في التفاصيل، على الرغم من ثبات الاستراتيجية الأمريكية".
واستطرد: "الأمر يتعلق الآن بتولي بايدن، وسننتظر للربيع القادم، وحتى هذا الوقت لن يتم أي تقدم في كتابة الدستور السوري، ولا أعمال اللجنة المنعقدة في جنيف".
وتتألف اللجنة الدستورية من 150 مشاركا، 50 من الحكومة السورية، و50 من المعارضة و50 من المجتمع المدني - ما يسمى "الثلث الأوسط" – يمثلون خلفيات دينية وعرقية وجغرافية مختلفة.
وبموجب النظام الداخلي للجنة واختصاصاتها التي وافق عليها المشاركون، تم تكليف الهيئة الصغرى المكونة من 45 شخصا بإعداد وصياغة المقترحات.
ثم تتم مناقشة هذه المقترحات واعتمادها من قبل الهيئة الكبرى المكونة من 150 عضوا، على الرغم من أن عتبة اتخاذ القرار البالغة 75% تعني أنه لا يمكن لأي كتلة واحدة أن تملي نتائج اللجنة.