تعد الخطوة بمثابة إنجاز كبير للبنانيات، خاصة في ظل ارتفاع حالات العنف ضد النساء، سواء في لبنان أو في بلدان أخرى، خلال السنوات الماضية.
قانون العنف الأسري
ووافق النواب اللبنانيون، الاثنين، على إقرار قانون يعاقب التحرش الجنسي خصوصا في أماكن العمل، للمرة الأولى في تاريخ البلاد، فيما أقر البرلمان تعديلات أساسية في القانون المتعلق بالعنف الأسري.
ورحبت الأمم المتحدة بإقرار قانون التحرش، إلا أن البعض حذر من ضرورة اكتمال الآليات، وعدم استغلال الثغرات. وبحسب القانون، فإن العقاب يراوح بالحبس بين شهر وعامين سجنا أو دفع غرامة مالية تراوح بين ثلاثة وعشرين ضعف الحد الأدنى للأجور الذي يساوي 675 ألف ليرة، أي 450 دولارا.
إثبات التحرش
إشكاليات عدة ذكرتها المصادر لـ "سبوتنيك"، تتمثل في الوسيلة الخاصة بالضحية عند إثبات التحرش، وهو ما يتحقق من خلال اللجوء إلى القضاء الجزائي، وهو ما يراه البعض بأنه سيعيق عملية تقديم الشكاوى من طرف الفتيات لما تتطلبه الإجراءات من خطوات يجب أن تقوم بها الفتاة في أقسام الشرطة.
إثبات فعل التحرش هو أحد المعوقات التي يمكن أن تحول دون إقدام الفتيات على تقديم الشكاوى، أو أنها تكون الثغرة التي ينفذ من خلالها الجاني.
وقالت الروائية والكاتبة منال الربيعي:
إن إقرار قانون التحرش الجنسي في لبنان وتحديدا في مكان العمل خطوة متقدمة في مسار طويل خاضته الكثير من الجمعيات والناشطات النسوية في لبنان على مدى سنوات.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أنه يجب إرفاق الخطوة بالآليات التطبيقية، كي يصعب على أي طرف التحايل أو استغلال أي ثغرة ينفذ من خلالها، خاصة أن العبرة دائما في عملية التنفيذ.
قوانين جائرة
وترى أن ما جرى هو إنجاز وحق مكتسب للنساء اللواتي يرزحن تحت حكم قوانين جائرة، وتحديدا في قانون الأحوال الشخصية التابع لكل طائفة، مشيرة إلى أن تعديل قوانين متعلقة بالعنف الأسري بالغ الاهمية، بعدما شهدت لبنان ارتفاعا في أرقام الضحايا اللاتي تعرضن للعنف الذي وصل حد القتل.
رغم إشادتها بالخطوة إلا أنها ترى أنها غير كافية إن لم تقترن بالعديد من القوانين الملازمة، كنوع العقوبة وتحديد ماهية الجرم.
فيما قالت غولاي الأسعد، المرشحة البرلمانية السابقة، إن الخطوة كان ينتظرها نساء لبنان منذ فترة طويلة. وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن الخطوة جاءت في إطار الحد من العنف ضد المرأة، خاصة أن الرجال والمرأة يتعرضون للتحرش، إلا أن نسبة المرأة أكبر بكثير.
تشريع قوانين
وأوضحت أن أوجه معاناة النساء متعددة سواء على المستوى اللفظي أو الجسدي وفي معظم الأماكن التي تتواجد فيها المرأة، فيما ترى أن تشريع القوانين وتطبيقها يمكنه الحد من العنف ضد المرأة ومنحها الأمان في المجتمع اللبناني.
النائب عناية عز الدين: اقرار قانون #تجريم_التحرش_الجنسي هو خطوة اساسية وتأسيسية في مسار ارساء البنية التحتية التشريعية المرتبطة بقضايا المرأة في #لبنانhttps://t.co/rRHHLe8hFU@InayaEzzeddine pic.twitter.com/WvhSTeGhJI
— nbnlebanon (@nbntweets) December 21, 2020
يُعاقب القانون اللبناني كل من أقدم على ارتكاب جريمة التحرّش الجنسي بالحبس من شهر حتى سنة، أو بغرامة تتراوح بين ثلاثة وعشرة أضعاف الحد الأدنى الرسمي للأجور، وقد تصل العقوبة إلى ستة أشهر كحد أدنى وسنتين كحد أقصى، أو بغرامة تتراوح من عشرة أضعاف إلى عشرين ضعف الحد الأدنى الرسمي للأجور، في حال وقع الفعل في إطار رابطة التبعية أو علاقة العمل.
أما في حال وقع الجرم على حدث أو على شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة أو على من كان لا يستطيع المدافعة عن نفسه، فيتحوّل الفعل من جنحة إلى جناية تُعاقب من سنتين إلى أربع سنوات سجن.
في الإطار نفسه، شددت الأسعد على أن بعض الثغرات في القانون ما زالت تحتاج لمعالجات حتى تساعد على التحكم في الأمر بشكل جيد، دون تطبيق فعلي وجاد على الأرض، منوهة إلى أن الشريحة الأكبر من نساء لبنان رحبت بالخطوة، وينتظرن تطبيقها بشكل فعلي على الأرض.
خطوة مضيئة في الظلام الذي يعمّ لبنان بإقرار مجلس النواب اللبناني قانون يجرّمّ التحرّش الجنسي بكلّ أشكاله، إضافةً إلى بعض التعديلات الخاصة بقانون العنف الأسري لمزيد من الحماية للضحيّة وأولادها.#لبنان pic.twitter.com/tEOWKIMjKZ
— Carolina Moufarrej (@caromoufarrej) December 21, 2020
تدوينات الناشطات على مواقع التواصل تفاوتت بين من ترى أنها خطوة هامة، وبين من يحذرن من الثغرات في القانون وإشكاليات عمليات التنفيذ، والمعوقات التي تحول دون تشجيع الفتاة على تقديم الشكوى.
وبحسب أرقام رسمية سجلت 143 شكوى تحرش بشهري يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين (47 في الشهر الأول و96 في الشهر الثاني)، وهو ما اعتبر زيادة بنسبة 104٪ عن السنة السابقة.