ويرى مراقبون أن الإخفاق يلازم تلك الجولة نظرا لأنه لم يتم الاتفاق على أي تغيير قبل بدء الجولة الجديدة، وما زالت المواقف الإثيوبية السابقة كما هى وربما أضحت أكثر تشددا وعنادا، لذلك لا يرى أكثر المتفائلين أن تلك الجولة يمكن أن تأتي بجديد.
يقول خبير التفاوض الدولي، ممثل السودان السابق في مفاوضات سد النهضة الدكتور أحمد المفتي، إن "الجولة الجديدة من مفاوضات سد النهضة محكوم عليها بالفشل مقدما بعد أن سبقتها إثيوبيا بإعلان أن الملء الثاني للسد سوف يكون بإرادتها المنفردة، ومع ذلك قبلت أن تبدأ جولة جديدة من المفاوضات".
شروط النجاح
وأضاف لـ"سبوتنيك" أن "الجولة الحالية من المفاوضات يمكن نجاحها إذا أوقفت إثيوبيا كل أنشطتها في السد إلى حين التوصل إلى اتفاق، وأن توافق على إلزامية أي اتفاق يتم التوصل إليه، ولا تبدأ الملء الثاني إلا بموافقة الدول الثلاث".
وأشار المفتي إلى أنه أوضح منذ العام 2011 بأن هناك مطالب يجب توافرها قبل بدء أي جولة مفاوضات و"لكن تم تجاهل ذلك من قبل المفاوض السوداني، وبسبب ذلك التجاهل، ظلت جولات المفاوضات، تفشل الواحدة تلو الاخري، حتي اليوم، ولا نعتقد أن هذه الجولة سوف تكون استثناء من ذلك الفشل".
وأوضح خبير التفاوض الدولي أن فشل المفاوضات هو فشل من القاهرة والخرطوم وفي نفس الوقت يمثل نجاح مكتمل لإثيوبيا.
وقال إن "الدخول في مفاوضات، لا تتوفر فيها متطلبات النجاح، التي حددناها من قبل، هو فشل للسودان ومصر، ونجاح 100% لإثيوبيا، لأنه يقنن لها أنشطتها، غير المشروعة التي تقوم بها حاليا، استعدادا لبدء توليد الكهرباء، في يونيو 2021، وبدء الملء الثاني في يوليو 2021، حسب التصريحات الإثيوبية."
لا جديد
من جانبه قال رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية- مدير مركز مقدس للدراسات والبرلماني المصري الدكتور سمير غطاس: "طالبنا منذ فترة طويلة بضرورة تغيير استراتيجية التفاوض وتغيير المفاوضين، وفي كل مرة نسمع من المفاوض المصري بضرورة تغيير الاستراتيجية وكذلك بالنسبة للسودان، وحتى الآن لم تظهر ملامح استراتيجية جديدة، وما علينا سوى انتظار تلك الجولة لنرى بالفعل إن كان هناك تغيير في الاستراتيجية متوافق عليها بين مصر والسودان أم أنها ستلحق بالجولات السابقة".
وأضاف لـ"سبوتنيك": ما بين الجولة السابقة والحالية حدث تواصل فيما بين الرئاسة في جنوب أفريقيا الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي والرئاسة المصرية، لكن ما أعلن أن تلك المحادثات كانت للتأكيد على المواقف الثابتة والأمنيات الطيبة، وهذا الموقف لا يغير من المصالح أو موازين القوى، أديس أبابا لا تزال مواقفها لم تتغير رغم مشاكلها الداخلية والانتخابات القادمة، وفي رأيي أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد يريد أن يربح الانتخابات القادمة، لذا أرى أنه لن يقدم أي تنازلات فيما يتعلق بالمفاوضات، يمكن إحداث تغيير في موازين القوى أو خلق مصالح جديدة.
قضايا رئيسية
وتابع غطاس، إن: الحديث عن تغيير الاستراتيجية لم يتحقق حتى الآن، كما أن تغيير الإدارة الأمريكية لن يستحوذ على اهتمام رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد، لأن الإدارة الجديدة في واشنطن لن تتدخل في الوقت الحالي في تلك الأزمة لأن لديهم الكثير من الأزمات الداخلية، كما أن لديها أولويات في مواجهة الصين وروسيا، وبالتالي أزمة سد النهضة لن تكون على أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة.
وواصل حديثه قائلا: وفي تلك الجولة سوف نعود إلى نفس المربع من الخلاف حول ثلاث قضايا وهي المتعلقة بسنوات ملء السد، وإلزامية أي اتفاق يتم التوصل إليه وجهات التحكيم في حال وجود خلافات، تلك القضايا لم نجد أن هناك أي مؤشر على حدوث أي تغيير بشأنها، وهناك مؤشر خطير أيضا وهو استمرار إثيوبيا في الملء الثاني للسد بشكل منفرد، وكان يفترض أن يكون دور جنوب أفريقيا وهى الدولة الكبرى في القارة أكبر من ذلك، وأي رئاسة قادمة للاتحاد الأفريقي لن يكون لديها من الإمكانيات التي تمتلكها جنوب أفريقيا في القارة.
وانطلقت جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة بين وزراء الخارجية والري، لكل من مصر والسودان وإثيوبيا، بهدف التوصل لاتفاق ملزم بشأن قواعد ملء وتخزين مياه السد.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد حافظ، إن "الاجتماع يتم عبر الفيديو كونفرانس بمشاركة وزراء الخارجية والري للدول الثلاث لاستئناف المفاوضات حول ملء وتشغيل سد النهضة، بمشاركة وزير الخارجية سامح شكري ووزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي".
وكانت وكالة "سونا" السودانية، قد ذكرت أن "وزير الخارجية المكلف عمر قمر الدين، ووزير الري والموارد المائية ياسر عباس، سيشاركان في الاجتماع الوزاري للمفاوضات التي ستستأنف الأحد برئاسة وزيرة التعاون الدولي في جنوب أفريقيا السيدة بانا دورا، والتي ترأس بلادها الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي".
وأوضح مصدر مسؤول، أن "الاجتماع سيناقش مقترح السودان الرامي لتفعيل المفاوضات بإعطاء دور أكبر للاتحاد الأفريقي عبر خبرائه للوصول لاتفاق قانوني ملزم بشأن السد حسب طلب السودان السابق، ومن ثم النظر في المسودة التفاهمية، والتي أعدها خبراء الاتحاد للوصول لاتفاق يرضي الأطراف الثلاثة".
من جهته، قال مسؤول إثيوبي، في وقت سابق، إن "رئاسة الاتحاد الأفريقي، دعت كلا من مصر والسودان وإثيوبيا إلى اجتماع الأحد".
بدوره قال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتى، إن "الاجتماع سيكون الأول بعد توقف المفاوضات لمدة شهر كامل إثر مطالبة الخرطوم بتغيير منهجية التفاوض".
وأضاف: "الاجتماع الذى دعت له جنوب أفريقيا يأتي في إطار مسابقة الزمن"، في إشارة لانتقال الرئاسة المقبلة للاتحاد الأفريقي في 2021 إلى دولة الكونغو الديمقراطية بحسب صحيفة "اليوم السابع" المصرية.
وعلى الرغم من توقيع إعلان للمبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا، حول قضية سد النهضة في آذار/ مارس 2015، والذي اعتمد الحوار والتفاوض كسبيل للتوصل لاتفاق بين الدول الثلاثة حول قضية مياه النيل وسد النهضة، لم تسفر المفاوضات عن اتفاق منذ ذلك الحين.
وبدأت إثيوبيا في تشييد سد النهضة على النيل الأزرق منذ عام 2011، بهدف توليد الكهرباء، وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها من المياه، والتي تتجاوز 55 متر مكعب سنويا، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.