وشهدت محافظة صفاقس في الجنوب الشرقي لتونس في الأيام الأخيرة ارتفاعا غير مسبوق لعدد الحالات الحاملة للفيروس والتي بلغ عددها 13816 حالة منذ بداية انتشار الوباء، من بينها 381 إصابة سجلت يوم 4 يناير/كانون الثاني 2020.
وكشفت حملة التقصي الأخيرة التي أعلنت عنها السلطات الصحية في الجهة، أن ربع الخاضعين لتحاليل الكشف عن الفيروس هم حاملون لمرض كوفيد 19.
وحذر عدد من الأطباء من حدوث حالة انفجار وبائي في محافظة صفاقس إذا ما تواصل نسق العدوى على نفس المنوال، داعيين السلطات المحلية إلى مضاعفة الإجراءات الوقائية وفرض عقوبات صارمة على المخالفين.
انفجار وبائي منتظر
وقال الدكتور في المستشفى العسكري ذاكر لهيذب لـ "سبوتنيك"، إن محافظة صفاقس على أعتاب "انفجار وبائي"، بدليل أن الفيروس أصبح منتشرا في جل المناطق والعائلات، مؤكدا ارتفاع قدرة الفرد على نقل العدوى للمجموعة إلى أكثر من ثلاثة أشخاص.
وفسر لهيذب بلوغ محافظة صفاقس هذا المستوى من الخطورة إلى التهاون الملحوظ في تطبيق الاجراءات الصحية وخاصة منها لبس الكمامة، مضيفا أن الازدحام الكبير على اقتناء قوارير الغاز المنزلي في الفترة الاخيرة أسهم بشكل مباشر في ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا.
وحذر الدكتور من أن تنامي معدل الإصابات سيبرز في الأسابيع القليلة المقبلة من خلال ارتفاع الطلب على أسرة الإنعاش والأكسجين داخل المستشفيات.
وبيّن لهيذب أن خطورة الوضع تقتضي اتخاذ إجراءات وقائية مغايرة مثل إغلاق المدارس بهدف التقليص من حالة الإزدحام في حركة المرور. وأضاف أنه إذا تم تطبيق الإجراءات الصحية بصرامة فمن المتوقع أن تشهد المحافظة انفراجا في غضون أسبوعين أو ثلاثة.
تعليق الدروس في صفاقس
ارتفاع عدد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا، دفع نقابة التعليم الثانوي بمحافظة صفاقس إلى اتخاذ قرار بوقف الدروس في جميع المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية دون الرجوع حتى إلى وزارة التربية.
وصرح كاتب عام النقابة عامر منجّة لـ"سبوتنيك"، أن النقابة اضطرت إلى اتخاذ هذا القرار بعد صمت وزارة التربية وعدم استجابتها لتوصية اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا بوقف الدروس حفاظا على سلامة التلاميذ والإطارات التربوية.
وأوضح منجّة أن قرار تأجيل العودة المدرسية يأتي على خلفية الاحصاءات الكارثية التي وصلت إليها جهة صفاقس خاصة يومي 01 و04 يناير الحالي.
وتابع "لهذه الأسباب ارتأت الهياكل النقابية مجتمعة أن قرار تعليق الدروس سيساعد في كسر حلقة العدوى على مستوى الجهة، خاصة وأن المعطيات العلمية تؤكد أن معظم الأطفال والمراهقين يحملون الفيروس دون أن تظهر عليهم أعراض تميزهم لكنهم ينقلون العدوى إلى من يخالطونهم من الإطارات التعليمية والأولياء وغيرهم".
وأشار منجّة أن التلاميذ والأولياء استجابوا لقرار المقاطعة بشكل غير مسبوق، و"هو مؤشر وإن كان سلبيا على مستوى التعليم فهو مؤشر إيجابي يعكس وجاهة القرار وتقاطعه مع الحالة النفسية للأولياء والإطارات التعليمية بالجهة".
وأكد النقابي أنه تم تسجيل 29 حالة وفاة وعشرات الإصابات في صفوف المعلمين والأساتذة والإطارات التربوية الأخرى.
مخاوف من السلاسة الجديدة
من جانبه، نبه المستشار لدى منظمة الصحة العالمية ورئيس لجنة الصحة سابقا في البرلمان سهيل العلويني في حديثه لـ "سبوتنيك"، من ارتفاع معدل الإصابات في محافظتي نابل (الشمال الشرقي) والمنستير (الوسط الشرقي) التي شهدت تسارعا في معدل انتشار العدوى بفيروس كورونا.
وأشار العلويني أن المخاوف الحقيقية تكمن في دخول السلالة الجديدة من فيروس كورونا إلى تونس والتي تتسم بسرعة انتشار أقوى من سابقتها.
وقال إن امكانية تسجيل إصابات بالسلالة الجديدة في البلاد واردة جدا وأن تونس ليست بمعزل عن العالم خاصة في ظل تواصل حركة الطيران إلى فرنسا وإيطاليا وبلجيكيا.
وبيّن أن تونس ليست جاهزة لمجابهة هذه السلاسة، في ظل ضعف الامكانيات الطبية ومحدودية طاقة استيعاب المستشفيات على مستوى توفر أسرة الأكسجين والإنعاش.
وأوصى العلويني بتشديد إجراءات الرقابة على تطبيق الإجراءات الطبية تجنبا لحدوث سيناريو إنجلترا، موصيا بتطبيق إجراء الحجر الصحي الموجه على المناطق التي يتجاوز فيها عدد الإصابات بفيروس كورونا 250 إصابة في اليوم.
وتشير آخر الإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة التونسية إلى بلوغ عدد الإصابات بفيروس كورونا 144796 إصابة في جميع أنحاء البلاد، مقابل 4862 حالة وفاة.
وأعلنت تونس اليوم عن إحداث لجنة قيادة للحملة الوطنية للتلقيح ضد وباء كوفيد 19 التي من المنتظر أن تنطلق خلال الأشهر القليلة القادمة، بعد أن تم حجز مليوني جرعة من لقاح فايزر من المتوقع أن تصل في النصف الثاني من سنة 2021.