وكالة "سبوتنيك" التقت مع 4 خبراء وحاورتهم في هذا الخصوص ليطرح كل منهم وجهة نظره ورؤيته المستقبلة.
هل للمصالحة الخليجية التي حصلت أخيراً أي أثر على اتخاذ القرار القاضي بتطبيع قطر أو السعودية علاقاتهما مع إسرائيل؟
يقول المتخصص السعودي في الدراسات الاستراتيجية والسياسية، الدكتور محمد الحربي: "دائما ما تؤكد المملكة على دعمها لجميع جهود السلام المبنية على العدالة، وأن التفاوض هو الطريق الوحيد لتحقيق حل عادل وشامل يكفل خيارات الشعب الفلسطيني ويحقق آماله بإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، وبالتالي الخيار الاستراتيجي للسلام هو السائد وفق الأطر المحددة آنفا وهو الموقف الثابت الراسخ حتى تاريخه".
أما أستاذ الإعلام السياسي والمفكر القطري الدكتورعلي الهيل فيقول: "الموقف القطري من التطبيع مع إسرائيل واضح، وهو أن يحصل الفلسطينيون على تطبيق قرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن وخاصة القرارين 242 و 338 وحل الدولتين على حدود عام 1967، وأن تكون القدس عاصمة كاملة السيادة لفلسطين.. إذا تحقق الحد الأدنى من مطالبة الفلسطينيين فأنا أعتقد أن التطبيع يمكن أن يكون بعدها سالكا إذا صح التعبير".
الصحفي القطري صالح غريب، يقول: "فيما يتعلق بالتطبيع بين قطر وإسرائيل في الوقت الحالي غير مطروح أبدا، وما يتردد هو رغبة إسرائيلة لإعطاء المطبعين راحة في القرار الذي اتخذوه، وكانت قطر قد أعلنت أن تطبيعها مرهون بمنح الفلسطينيين حقوقهم، واسرائيل لن تفعل ذلك، لأنها لو فلعت كما طلبت قمة بيروت بشأن التطبيع معها لكانت الآن جميع الدول العربية قامت بالتطبيع، لكن هي تريد التطبيع بدون ثمن وبالمجان وقطر ليست في هذا الاتجاه".
برأيكم... ما هي الآثار المرافقة (فيما لو حصل) لتطبيع السعودية أو قطرعلاقاتهما مع إسرائيل؟
يقول محمد الحربي في حديثه لـ"سبوتنيك"، "في تصوري أن دول مجلس التعاون الخليجي تركت ملف العلاقات مع إسرائيل كحق سيادي للدول الست طالما لا يؤثر استراتيجيا في أمن واستقرار المنطقة التي شهدت خلال العقود الأربعة الماضية توترات وصراعات ما بين مد وجزر صعودا وهبوطا وهذا ينطبق على إيران وتركيا".
ويضيف البوقري، أن "المصالح السعودية، عكس كل ما يقال، هي غير المصالح الإسرائيلية في المنطقة ولا تتقاطع معها بأي شكل من الأشكال، وعلينا أن لا ننسى، أن المملكة ما زالت متمسّكة بمبادرة السلام العربية التي طرحها الملك عبد الله في قمّة بيروت، وبالتالي لا يمكن أن تخرج عن هذه المبادرة التي تعتبرها المملكة الباب الرئيسي لإحلال السلام في المنطقة على أسس عادلة، مع إعادة الحقوق لأصحابها".
ويشير البوقري إلى أن "الشعب السعودي لم يُظهِر حتى الآن أي حماس نحو التطبيع، وهو لا يبدو موافقاً على هذه الخطوة".
أما الصحفي غريب، فاستبعد نهائيا الفكرة معللا ذلك بقوله، "رفع الحصار عن قطر من قبل الرباعي كان بسبب الوضع الذي تمر به المنطقة وخروج دونالد ترامب من البيت الأبيض، وهو كان السند لتلك الدول، بالإضافة إلى استمرار الوساطة الكويتية، حتى بعد رحيل الشيخ صباح وجهود الشيخ نواف الأحمد، استمرت الكويت في التواصل مع قطر والدول التي قاطعتها فتمت بناء جسور الود على هذه المعطيات وليست لدفع عمليه التطبيع مع إسرائيل".
ما هو البعد الاستراتيجي للمصالحة القطرية - السعودية فيما يتعلق بالعلاقات مع كل من تركيا وإيران في ظل أن الدوحة تتمتع بعلاقات جيدة مع الدولتين؟
الدكتور محمد الحربي يقول: "المملكة العربية السعودية هي مركز الثقل السياسي والاقتصادي والديني على خارطة العالم وهي امتداد للأعماق الاستراتيجية خليجيا وعربيا في كافة المحاور والاتجاهات، ولا شك أن المسار الاقتصادي له أهمية قصوى ويتقاطع مع المسارات السياسية والعسكرية حيث ينتج الخليج العربي 1/5 إنتاج الطاقة ويملك 30% من احتياطي النفط والغاز عالميا، وناتجه المحلي 1.5 ترليون دولار، فالأمل والطموح يحدوهم جميعا لمستقبل زاهر بما يعزز أمن واستقرار المنطقة وحتى الوصول للتنمية المستدامة".
ويتابع لـ"سبوتنيك"، "بعد الحصار، لم يتبق لدينا إلا الجهة الشرقية مفتوحة وهي إيران وما بعدها، فقد حوصرت قطر من ثلاث جهات من الشمال والجنوب والغرب، برا وبحرا وجوا، فالعلاقات مع إيران، قبل الحصار وأثناء الحصار وبعد الحصار كانت وستبقى علاقات اقتصادية، فإيران تشترك مع دولة قطر في بعض آبار الغاز في بحر الشمال".
أما بالنسبة للعلاقات مع تركيا، يوضح الهيل، "يتحدثون دائما عن القاعدة التركية، فالقاعدة التركية ليست سببا للحصار، بل هي نتيجة له، فالدوحة أرادت حماية حدودها، وخاصة بعد الحصار، استدراكا لأي عمل عسكري، فسمحت للقاعدة التركية بالمجيء، وهذا من حقها، ونوع من سيادتها على أرضها".
ويؤكد الدكتور الهيل أن التحالفات الاستراتيجية بين الدول هو مسار سيادي، ولكل دولة الحق في أن تختار تحالفاتها الاستراتيجية والجيواستراتيجية حسب رؤيتها ومصالحها، فنحن لسن ضمن منظومة فيدرالية، نحن دول أعضاء في مجلس تعاون خليجي، لسنا كأوروبا، من حق كل دولة بناء تحالفاتها الخاصة. ولكن ما يهم هو فتح الحدود من أجل العائلات الخليجية المشتركة، ونحن فرحون ومبتهجون بذلك".
وفي هذا السياق يتحدث الصحفي صالح غريب من قطر عن علاقات بلاده مع إيران ويصفها "بالموغلة في القدم"، مضيفا "أنها لم ولن تتأثر بأي متغيرات تحدث في المنطقة لأنها مبنية على أسس متينة وليست لمصالح تنتهي بانتهاء المصلحة".
ويتابع فيما يخص البعد الاستراتيجي للمصالحة السعودية القطرية مع إيران، "سوف تلعب قطر دورا في تقريب وجهات النظر بين إيران وبين هذه الدول وفتح حوار مع طهران كجار مهم جدا، وقد طرحت الدوحة ذلك من قبل، والآن أرى أن الوقت مناسب للسير به لما تمر فيه المنطقة من أوضاع قلقة تتطلب التحاور لوقف هذا القلق، وبحكم علاقات قطر القوية فإنها قادرة على لعب هذا الدور المهم".
أما الدكتور السعودي أحمد البوقري فيقول: "من المهم جداً القول هنا، إن المصالحة بين السعودية وقطر لا تعني بالضرورة انتهاء كل الخلافات بينهما، وأن الثقة بينهما قد يلزمها وقت طويل لكي تعود إلى سابق عهدها من التآخي والتعاون، الذي كان قائماً في إطار مجلس التعاون الخليجي. وهذا يعني أن كل من البلدين سيعمل أقلّه في المرحلة القادمة على المحافظة على توازناته الإقليمية، ولكن هذا لا يعني أن قطر لن تسعى إلى تقريب وجهات النظر بين أنقرة والرياض في مرحلة لاحقة. ويأتي ذلك في ظل ظهور بوادر تقارب بين السعودية وتركيا، وذلك بعد اتصالات وتصريحات سياسية بعثت الأمل لدى كثيرين بوجود مساع ونوايا حقيقية للتقارب بين البلدين عقب سنوات من الخلافات المتصاعدة حول العديد من الملفات الثنائية والإقليمية المتشعّبة".
ويضيف البوقري، "أما في الملف الإيراني، فإن الموضوع هو مختلف تماماً، والجميع ينتظر تطور العلاقات الإيرانية - الأمريكية بعد استلام الرئيس بايدن لمقاليد السلطة في العشرين من الشهر الجاري".
أجرى الحوار: زين العابدين شيبان