وشملت الاحتجاجات العاصمة وبعض المناطق في مدينة سوسة الساحلية فضلا عن مناطق أخرى بمحافظات سيدي بوزيد والقصرين والقيروان، وسط سخط شعبي كبير.
الاحتجاجات تتحدى الحجر الشامل وحظر التجوال
على الرغم من حظر التجوال الليلي والحجر الصحي الشامل الذي تفرضه الحكومة التونسية منذ أيام بسبب تردي الوضع الصحي بالبلاد جراء تفاقم الإصابات بفيروس كورونا المستجد، إلا أن ذلك لم يمنع العديد من الشباب المحتجين من الخروج إلى الشوارع للاحتجاج، ما أسفر عن مواجهات عنيفة بينهم وبين وحدات الأمن التي شنت حملة إيقافات بالجملة فضلا عن حجزها لأسلحة بيضاء و"قوارير مولوتوف" ومبالغ مالية بحوزة محتجين ينتمي أغلبهم لفئة الشباب والقصر.
موقف القوى المدنية والسياسية من هذه الاحتجاجات كان متباينا، وتقييم الأحداث وتوصيفها كان محور جدل واسع في الشارع التونسي، حيث اعتبر الناطق الرسمي بإسم الاتحاد العام للشغل سامي الطاهري في تصريح لـ "سبوتنيك أن "ما يجري هو خليط بين الإحتجاج والشغب تعود أسبابه إلى الاحتقان الاجتماعي الذي تعيشه البلاد برمتها وإلى حالة الإحباط التي يعاني منها معظم شباب تونس بسبب خيبة أمله في "الثورة" التي لم تحقق للشعب منجزات ملموسة على أرض الواقع".
أطراف حاولت استغلال الاحتجاجات الليلية
وشدد الطاهري على أن الاحتجاجات مشروعة ومنطقية، لكن هناك من حاول استغلالها بحكم كونها احتجاجات ليلية، في القيام بأعمال نهب وسرقة واعتداء على الممتلكات وهو ماغاب وفق تعبيره عن الاحتجاجات المنظمة التي اتسمت بسلميتها.
واستطرد الطاهري: "اليوم الاحتجاجات النهارية (بعد رفع الحجر الصحي الشامل الذي عاشته البلاد من 14 إلى 18 يناير/ كانون الثاني) خرجت للشارع لرفع مطالب مشروعة لكن وقع التعامل معها في شارع الحبيب بورقيبة بعنف وقمع غير مبررين من قبل الأمن التونسي وكأنها رغبة من الائتلاف الحكومي لإجبار الناس على التحركات الليلية التي تشهد غالبا اندساس لبعض المنحرفين ما يشوه مشروعية هذه التحركات التي يساندها اتحاد الشغل باعتبارها حقا دستوريا ومكسبا ثوريا لا يحق لأحد مصادرتها شرط أن تكون التحركات سلمية وبمطالب واضحة.
احتجاجات متوقعة
من جهته استبعد عبد الرحمن الهذيلي، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تصريح لـ "سبوتنيك" أن تكون الاحتجاجات موضوع في إطار معين من طرف سياسي أو غيره بل أكد أنها احتجاجات "متوقعة" وفق دراسات رسمية وعلمية أجراها المنتدى، لأن أغلب المشاركين في هذه الاحتجاجات الليلية من الشباب المنقطع تلقائيا ومبكرا عن الدراسة والبالغ عددهم في العشر سنوات الأخيرة حوالي مليون تلميذ بين المرحلتين الابتدائية والثانوية.
وتابع الهذيلي: " لدينا اليوم في تونس مليون منقطع عن التعليم تحولوا إلى مليون معطل عن العمل جميعهم من مناطق شعبية ومناطق مهمشة، وهم أكثر من 13 ألفا هاجروا بشكل سري وغير نظامي إلى إيطاليا وهو ما يؤكد توقعاتنا أنها سنة ساخنة ستتسم بتصاعد نسق الحراك الاحتجاجي نظرا لمنسوب الاحتقان المتصاعد داخل المجتمع التونسي بعد فترة انتقال ديمقراطي طالت مدتها وتعددت حكوماتها لكن دون تحقيق أي تقدم على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
تحركات لا ترتقي للفعل الثوري
سياسيا تباين تعاطي الأحزاب في البرلمان من هذه الاحتجاجات وفق تموقعاتها بين الحكم والمعارضة حيث اعتبر النائب عن حركة النهضة صاحبة أكبر كتلة برلمانية مساندة للحكومة ناجي الجمل في تصريحه لـ "سبوتنيك"، إن التوصيف للأحداث بأنها ثورة ثانية أو ثورة جياع مجانب للصواب.
وبين أن التحركات الأخيرة لا ترتقي إلى الفعل الثوري واصفا إياها بالأعمال الإجرامية ملمحا إلى دعم بعض الجهات والصفحات المساندة لرئيس الجمهورية لهذه الأعمال مما يعزز الشكوك في كونها تحركات مدعومة ومبرمجة وراءها جهات و أطراف تسعى إلى تأجيج الوضع.
وتابع النائب حديثه: "مايدفعني للشك هو أن أغلب الموقوفين من القصر وقد تم حجز مبالغ مالية بحوزتهم، ما يضع عديد نقاط الاستفهام حول مشروعية وشرعية هذه الاحتجاجات".
دعوة إلى تطبيق القانون
كما شدد ناجي الجمل على ضرورة أن يتصدى الأمن لهذه الأعمال بكل قوة ودون تردد في فرض الأمن وفرض سلطة القانون على من اعتبرهم يهددون أركان الدولة ويستهدفون الأملاك العامة والخاصة.
ويرى محمد عمار، النائب عن الكتلة الديمقراطية، وهي كتلة معارضة للحكومة، أن الاحتجاجات جاءت نتيجة لتراكمات عاشتها البلاد لعل آخرها اعتماد الأمن تونس: احتجاجات وأعمال شغب من يقف ورائها؟
شهدت تونس على مدار الثلاثة أيام الأخيرة، احتجاجات شعبية بسبب تردى الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ سنوات، رافقتها أعمال شغب وتخريب وعمليات كر و فر بين قوات الأمن و مجموعة من الشبان الذي احتجوا في عدة محافظات من بينها العاصمة وبعض المناطق بمدينة سوسة الساحلية فضلا عن مناطق أخرى بمحافظات سيدي بوزيد والقصرين والقيروان، وسط سخط شعبى كبير.
وتعاملت قوات الأمن مع الاحتجاجات، بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات المحتجين الذين أغلقوا الطرقات وأحرقوا الإطارات المطاطية، كما شهدت عدة مناطق بالعاصمة التونسية على غرار حي التضامن(من أكبر الأحياء الشعبية بالعاصمة) والملاسين وفوشانة والسيجومي احتجاجات وأعمال شغب وسرقة وتخريب لبعض المنشأت.
الحكومة مسؤولة على الأحداث
وحمل النائب المعارض، الحكومة مسؤولية الأحداث متهما إياها بالتهرب من مواجهة الأزمة والاهتمام بالحسابات السياسية للتحوير الوزاري الأخير ، قائلا: "نحن مع دعوتنا لتجنب العنف والتخريب، إلا أننا نساند التحركات المشروعة ومطالبها الشرعية وكل التحركات الشعبية في الفترة الأخيرة سواء المحتفية بالثورة أو الطلابية".