وعقب تداول المقطع، رد الحريري في تغريدة على موقع "تويتر" بآيات من "الكتاب المقدس" تشير إلى أن الحكمة لا تسكن في أجسام سهلة الانقياد للخطيئة.
وقال مراقبون إن "الخلاف بين الحريري وعون قائم، وفشلت كل محاولات الصلح"، مؤكدين أن "الاستمرار في هذه الخلافات يؤكد صعوبة التوصل لحكومة لبنانية قريبا".
خلافات قائمة
ومنذ استقالة الحكومة اللبنانية في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/ آب الماضي، لا تزال الكتل السياسية المتصارعة عاجزة عن الاتفاق على حكومة جديدة.
ووجه البطريرك الماروني في لبنان بشارة بطرس الراعي، دعوة للرئيس ميشال عون، إلى عقد اجتماع مصالحة مع رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، من أجل إنهاء أزمة تشكيل الحكومة، وإنهاء حالة الجمود السياسي في البلاد.
وقال الراعي، في قداس الأحد: "حالة البلاد والشعب المأسوية لا تبرر على الإطلاق أي تأخير في تشكيل الحكومة"، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام.
وأضاف الراعي: "في هذه الحالة نتمنى على رئيس الجمهورية أخذ المبادرة بدعوة دولة رئيس الوزراء المكلف إلى اجتماع".
وكشفت صحيفة لبنانية، اليوم الاثنين، أن لبنان يدفع حاليا ثمن الخلاف المستحكم بين رئيس الجمهورية، ميشال عون، والنائب جبران باسيل من جهة ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من جهة أخرى.
وذكرت صحيفة "الجمهورية" اللبنانية نقلا عن مصادر خاصة أن "فيديو عون ضد الحريري، وعلى الرغم من قسوته، لن يكون عائقا أمام تشكيل الحكومة متى اقتضت المصلحة ذلك وتوافرت شروط الولادة الحكومية داخليا وخارجيا".
واعتبرت الأوساط، أن تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن السلطة رسميا، الأربعاء المقبل، سيخفف الذرائع الخارجية للتأخير في تشكيل الحكومة "ولن يكون هناك بعد ذلك مبرر لدى الرئيس المكلف للخوف من عقوبات ترامب، إذا ما ضمت حكومته تمثيلا ولو غير مباشر لـ"حزب الله" اللبناني".
حكومة إنقاذ
يقول قاسم هاشم، عضو مجلس النواب اللبناني، إن "الأزمة التي ما زالت تحكم مسار تأليف الحكومة، والاستمرار في هذا الواقع هي نتيجة تأزيم الأوضاع وتوتر العلاقات بين الرئيس الحريري ورئيس الجمهوري في الفترة الأخيرة رغم محاولات إعادة الصلح، وتمني بعض المرجعيات لضرورة التواصل لقمة المصلحة الوطنية وإزالة العقبات من أمام إمكانية تشكيل الحكومة التي أصبحت أكثر من ضرورة وطنية في هذه المرحلة الخطيرة التي يمر بها لبنان".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك" أن "هناك إمكانية للصلح، إذا كان كل المعنيين بتشكيل الحكومة ينظرون بنظرة المصلحة المشتركة، والمصلحة الوطنية العامة، مهما كانت مقاربتهم الخاصة، وفي هذه الحالة هناك إمكانية للوصول إلى تفاهم وإعادة التواصل رغم الهوة التي نشأت في الآونة الأخيرة".
وأكد أن "التوتر القائم ينعكس على كل الواقع السياسي لأن المناخ الاستقراري أساس إعادة ترتيب الأمور وإشاعة مناخات إيجابية، لكن ارتفاع نبرة الخطاب السياسي والعودة إلى التوتر بكل ما تعني الكلمة من معنى يزيد من حدة الأزمات والتوترات التي تأخذنا إلى مناخات سلبية نحن بغنى عنها".
وبشأن المطلوب للخروج من الأزمة الراهنة، أوضح أن "معالجة كل قضايانا وأزماتنا تحتاج لمزيد من الاستقرار، وإعطاء خطاب موزون، والتعامل بحكمة ودراية مع كل الشؤون لترتيب الأوضاع الداخلية، وانتظار مد يد العون من الخارج على مستوى الأصدقاء، للبدء في إعادة الحياة إلى واقعها الوطني، بعد كل ما أصاب لبنان في هذه المرحلة الصعبة".
تعطيل متعمد
من جانبه قال الناشط اللبناني أسامة وهبي، إن "كل محاولات الصلح بين الحريري وعون باءت بالفشل، وذلك بسبب تعنت كل طرف وإصراره على موقفه واختلافهم على الحصص وعلى الثلث المعطل، ودور الحكومة التي ربما تكون الأخيرة في عهد عون، وربما تستمر إلى ما بعد انتهاء ولاية الرئيس عون".
وتابع: "بالتالي هناك عملية جمود كاملة وهناك عملية تعطيل لعمليات تأليف الحكومة، فرئيس الحكومة خارج البلاد ولا يزور رئيس الجمهورية والأخير قال في فيديو مسرب أن الحريري يكذب وهذا الكلام عالي السقف وبالتالي الحكومة لن تبصر النور في القريب العاجل".
وأكد أن "الأطراف السياسية في لبنان المعنية بتشكيل الحكومة اعتادت على التدخل الخارجي والإملاءات الخارجية بل تستدرج التدخل الخارجي في الشؤون اللبنانية لأنها توالي دولا خليجية وأجنبية وتعجز عن اتخاذ قرارها بمفردها أو باستقلالية معينة".
وأشار إلى أن "هناك حالة من الانتظار من قبل كل الفرقاء السياسين فيما يتعلق بتفعيل المبادرة الفرنسية وربما بروز مبادرات أخرى خارجية تضغط باتجاه تشكيل الحكومة".
واستطرد: "باعتقادي لا يمكن تشكيل الحكومة في لبنان إلا بضغط خارجي من خلال التلويح بالعقوبات الأمريكية وغيرها، وبالتالي الوقت الضائع بين الانتخابات الأمريكية واستلام بايدن لحكم جعل الفرقاء اللبنانيين يماطلون في عملية التأليف بانتظار تبيان وظهور المسار الذي ستسلكه الإدارة الأمريكية الجديدة وسياستها تجاه المنطقة".
وأنهى حديثه بالقول: "هناك حالة تعطيل وانتظار، والبلاد في حالة لا يرثى لها على مستوى الأزمات الاقتصادية والمعيشية والكورونا تفتك بالشعب والسلطة تعجز عن فعل أي شيء باستثناء إغلاق البلاد وانتظار شيء ما يأتي من خارج الحدود".
وتم تكليف الحريري برئاسة الحكومة للمرة الرابعة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث تعهد بتشكيل حكومة اختصاصيين لتنفيذ الإصلاحات الضرورية لتلقي مساعدات خارجية، لكن الخلافات السياسية أخرت العملية منذ ذلك الحين.