وقدَّمت وزارة المالية الكويتية مشروع الموازنة العامة للسنة المالية المقبلة 2021/ 2022 إلى مجلس الوزراء، تمهيداً لإصدار مرسوم الإحالة إلى مجلس الأمة للمداولة والإقرار.
وقال مراقبون إن "استمرار عجز الموازنة في الكويت يعود لعدة أسباب، أهمها استمرار مسلسل الهدر في المؤسسات والهيئات دون تدخل حكومي واضح، وكذلك انخفاض أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة".
الموازنة التي تبدأ في الأول من أبريل 2021، وتنتهي في 31 مارس 2022، سجلت عجزاً مالياً بلغ 12.1 مليار دينار، بانخفاض %13.8 عن الموازنة الحالية التي تنتهي في 31 مارس 2021.
وبحسب صحيفة "القبس" الكويتية فإن مصادر أكدت وجود نقاشات على أعلى المستويات الحكومية لمحاولة البحث عن حلول تمويلية للموازنة العامة بالتزامن مع المضي قدماً في الإصلاحات الاقتصادية الداخلية والخطط والإجراءات الرامية لخفض النفقات وتقليص الهدر.
وطبقا للمصادر فإن مجلس الوزراء بحث خيارات عدة، أهمها إمكان التوافق على تمرير قانون الدين العام، والاستمرار في عمليات نقل ملكيات من "الاحتياطي العام" إلى صندوق الأجيال، إلى جانب خيار الاقتراض من صندوق الأجيال.
وأشارت المصادر إلى أن مجلس الوزراء عازم على إجراء تعديلات في الهياكل الإدارية للمؤسسات والهيئات الحكومية لإعادة تنظيمها وتقليص المخصصات المالية المترتبة عليها، فضلاً عن استمرار وزارة المالية في دعم صندوق الاحتياطي العام من خلال تحصيل عدد أكبر من أرباح الشركات الحكومية وتحويلها إليه.
ولفتت إلى أن المجلس ناقش أيضا توصية لجنة الشؤون الاقتصادية بشأن مشاريع قوانين بربط ميزانيات المؤسسات ذات الميزانيات المستقلة وميزانية الوزارات والإدارات الحكومية للسنة المالية 2022-2021.
الدكتور عبدالواحد خلفان، المحلل الاقتصادي الكويتي، قال إن "هناك الكثير من الأسباب لاستمرار العجز، منها عجز أغلب الوزراء عن معالجة الهدر في الميزانية العامة، فهناك تقارير لديوان المحاسبة ولوحدة التحريات المالية، التي تؤكدك وجود هدر كبير، وحتى رئيس الوزراء في المؤتمر الصحفي تكلم عن أزمة كورونا وقال إن هناك أخطاءً وقعت مالية وغير مالية وأوعز السبب للحكومة".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "تقارير ديوان المحاسبة بشأن الهدر غير مفعلة، فهناك الكثير من الكوادر في الكويت واللجان والهيئات غير مستثمرة بشكل فعال، والحكومة تخشى معالجة هذه الملف خوفا من المحاسبة النيابية، فالكثير من الهيئات تصل ميزانياتها لملايين الدنانير، والدولة غير قادرة على دمجها، أو حلها، أو تقليل نفقاتها".
وتابع: "بجانب العجز الكبير في الميزانية العامة، هناك تراجع كبير في الإيرادات النفطية، ولا تزال أسعار البترول دون أسعارها السابقة، وهي التي كانت في السنوات السابقة تغطي على هذا الخلل، لكن الجائحة الآن لا تزال تأثيرها قائمًا، ومؤثرًا على الاستهلاك النفطي، فالميزانية العامة للدولة لم تدعمها أسعار النفط كما السابق".
أسباب وحلول
من جانبه قال خبير إدارة المخاطر والأزمات الكويتي، يوسف الملا، إن "استمرار العجز في ميزانية دولة الكويت يعود لأسباب عدة، أهمها المصاريف المرتفعة والهدر الذي يزداد سنويًا دون رقابة فاعلة وحقيقية".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الكويت إلى الآن لا يوجد لديها رؤية مستقبلية تحتوي على حلول محترفة وجادة لتفادي الهدر في المؤسسات والهيئات ومكافحة الفساد".
وعن الحلول المقترحة لتفادي الأزمة، قال: "من المفترض أن تكون للدولة رؤية مستقبلية لحالة الميزانية، ومعرفة مسار الاتجاه (العجز والفائض)، والتوافق ما بين الدخول والمصاريف، وكذلك العمل بها بشكل متواز وآني في وقت واحد، ووقف الهدر والمنح والهبات، وتشكيل لجنة من الاقتصاديين لعمل رؤية مستقبلية شاملة للسيطرة على الحجز، والاهتمام بالصناعة والاستفادة من مشتقات البترول".
يشار إلى أن الموازنة التي أعداتها وزارة المالية الكويتية تتضمن إنفاقاً رأسمالياً، يبلغ 3.5 مليارات دينار، والذي يمثل ارتفاعاً بنسبة %20 عن الموازنة الحالية، وذلك لدعم الاقتصاد الوطني، والحد من الآثار الاقتصادية الناتجة عن فيروس كورونا.
جدير بالذكر أن 29 أكاديميا كويتيا كانوا قد حذروا في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي من أزمة اقتصادية في البلاد، في ظل تراجع أسعار النفط وتبعات فيروس كورونا، وذلك في ورقة بحثية بعنوان: قبل فوات الأوان.
وركزت الورقة البحثية على "جذور الخلل الاقتصادي وسبل معالجته، وتقوم على ركائز أساسية تتمثل في تنويع الاقتصاد واستدامته ومكافحة الفساد حتى يستعيد المواطنون ثقتهم بمؤسسات الدولة".