يقول السياسي السوداني وخبير القانون الدولي الدكتور عادل عبد الغني، إن المشاكل في إقليم دارفور تعود إلى زمن بعيد، وأغلب مشاكل الإقليم يرجع إلى التداخل التاريخي والنشاط الرعوي والتعدد الإثني والقبلي، والموارد المشتركة مثل المياه والأعشاب والمراعي.
الموارد المشتركة
آليات السيطرة
وتابع عبد الغني، المجتمع الدارفوري وعلى مدى عقود استطاع أن يطور بعض الآليات لمعالجة تلك القضايا، ومن بين تلك الآليات مجالس الصلح، حيث يتسم هذا الصلح بالطريقة التكافلية التي تؤدي إلى تعويض الضحايا عن طريق جمع الديات "مال مقابل العفو عن القاتل يدفع لأهل القتيل"، علاوة على التعويضات عن الاتلاف الذي يحدث سواء بالحرق أو الدمار، ويشترك في هذا الأمر كل أفراد القبيلة أو المجتمع.
وأوضح الحقوقي السوداني، "في السنوات الأخيرة أخذت الدولة تتدخل أيضا في حلحلة تلك المشاكل وتكون على المستوى القومي ما يسمى "مجلس الصلح والسلم الأهلي" والذي يجمع القيادات القبلية والاجتماعية والتدخل السريع لمحاولة السيطرة على أي احتكاكات قبلية في أي بقعة من أرض السودان، وما يحدث الآن في الإقليم هو انعكاس لتلك المرارات السابقة، لذا يجب أن تتضافر الكثير من الجهود لحل مثل تلك القضايا، كذلك يجب على الدولة التدخل لفرض هيبتها والسيطرة الكاملة على مصادر الاحتكاك والنزاع.
وأشار عبد الغني إلى أن "أهم العوامل لمعالجة الوضع هو عملية الاستقرار للعرب الرحل في مناطق بعينها، ما يؤدي بدوره إلى الاستقرار في المرعى، وأيضا مساعدة النشاط الزراعي في أن ينمو ويبتعد عن النشاط الرعوي، والدولة الآن تريد أن تدخل الناحية القانونية في هذا الأمر وقد دخلت النيابة العامة كعنصر فاعل، لكن هذا العمل ربما يتوقف عندما يسود العمل الأهلي والصلح والسلم الاجتماعي، لأن العمل الأهلي يؤدي إلى إيقاف الإجراءات القضائية والنيابية ضد الأفراد من أجل عملية الصلح.
الفقر والجفاف
وأوضح الحقوقي السوداني "أن زيادة وتيرة الصراع في الفترة الأخيرة يعود إلى عدد من الأسباب من بينها، الفقر والجفاف ونتيجة للحروب القبلية التي حدثت في الفترة السابقة، هذا بجانب وجود الحركات المسلحة والتي تسيطر على كل منها إثنية بعينها، وربما تقوم تلك الحركة بعملية إغارة على موقع جهة أخرى، كما أن الأوضاع الاقتصادية المتردية بالبلاد أدت إلى تزايد عمليات النهب والسلب، وهى إحدى الأسباب الرئيسية في الاحتكاكات القبلية نتيجة عمليات النفير ضد القبائل وبعضها البعض نتيجة ملاحقة ما استولت عليه القبيلة الأخرى، وبالتالي يحدث الاحتكاك والصدام الذي تكون نتيجته قتلى وجرحى من الطرفين".
من جانبه قال المحلل السياسي وعضو حزب الأمة السوداني يعقوب إبراهيم البشير، لكي تستقر الأوضاع في دارفور يجب أن تتخذ الدولة زمام المبادرة وتفرض هيبتها في الإقليم، كما ينبغي أن يتم إنعاش المصالحات القبلية بين القبائل المتناحرة، وتلك الأدوات هي التي يمكن بموجبها فرض الأمن والاستقرار.
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "وفي اعتقادي بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة خلال الأيام القادمة قد يكون الوضع أفضل، حيث أن الكثير من الحركات الدارفورية المسلحة ستكون جزء من الحكومة، وهو ما قد يساعد بشكل كبير في المصالحات القبلية وفرض هيبة الدولة".
وأشار البشير إلى أن" الوضع في دارفور يمكن توصيفه بأنه صراعات سياسية ساهمت في تغذية الصراعات القبلية، وبكل تأكيد أن الثورة المضادة وحزب المؤتمر الوطني لعبت دورا كبيرا في تأجيج وإشعال تلك النعرات القبلية في الوقت الراهن، وما حدث في الجنينة غرب دارفور مؤخرا هو جزء عمل الثورة المضادة، حيث كان حزب المؤتمر الوطني في الماضي والحاضر جزء من الاشكاليات التي تحدث في الإقليم".
وصل وفد مشترك، من مجلس السيادة السوداني والجبهة الثورية السودانية، أمس الأربعاء، إلى الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور.
وضم الوفد الفريق عبد الرحيم دقلو، قائد ثاني قوات الدعم السريع، وعددا من العسكريين وممثلين للجبهة الثورية السودانية.
وكان في استقبال الوفد قائد الفرقة 15 مشاة، بشير النور بشير، رئيس اللجنة الأمنية الفنية وأعضاء حكومة الولاية.
يشار إلى أن الزيارة جاءت في إطار الوقوف على مجمل الأوضاع الأمنية في الولاية، فضلا عن تمديد الصلح بين المتنازعين في غرب دارفور.
ومن المتوقع أن يستمع الوفد الي مجمل الأوضاع الأمنية في الجنينة، بجانب الأحداث التي شهدتها منطقة كريندق والمبادرات التي انطلقت لإصلاح ذات البين غرب دارفور.
وكان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك قرر إرسال وفد إلى مدينة الجنينة، في ولاية غرب دارفور، برئاسة النائب العام تاج السر الحبر، برفقة ممثلين لجميع الأجهزة الأمنية، والعسكرية، والعدلية.
وفرضت السلطات السودانية حظر تجوال، في الولاية، إلى أجل غير مسمى على خلفية أعمال العنف، كما قرر والي غرب دارفور محمد عبد الله الدومة، تفويض القوات النظامية باستعمال القوة، لحسم ظاهرة الخروج عن القانون، على خلفية أحداث عنف اندلعت في مدينة الجنينة، إثر مشاجرة بين شخصين خلفت قتيلين وجرح آخرين وحرق لمنازل.
وكانت البعثة الأممية المشتركة في دارفور (يوناميد)، قد أعلنت أواخر العام المنصرم عن انتهاء مهامها رسميا بعد 13 عاما على تأسيسها (عام 2007)، لحفظ السلام في الإقليم الواقع غربي السودان، إثر معارك دامية راح ضحيتها الآلاف بين القوات الحكومية وحركات مسلحة.