جرائم الحرب والإنسانية التي ارتكبتها سياسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في سوريا لن ينساها السوريون، مثلهم مثل الفلسطينيون الذين لم تكن لمشاعرهم أي مكانة عندما أعلن ترامب القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، في السادس من ديسمبر/ كانون الثاني 2017. القرار الذي اتبعه بإجراءات تستبعد أي سيادة فلسطينية مستقبلية عليها، وأمر بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، ما قابل ذلك قطعا للعلاقات من قبل الفلسطينيين حتى يومنا هذا.
ترامب نفسه، في مايو/ أيار من العام المنصرم، أمر بإحراق أكثر من 2500 دونم من حقول القمح والشعير عبر رمي "بالونات حرارية" أطلقتها طائرات أباتشي في الأيام الماضية مستهدفة أراضٍ زراعية واسعة في ريف محافظة الحسكة السورية في انتهاك جديد للقانون الدولي لم تندد به الأمم المتحدة رغم قلق مسؤوليها على الأمن الغذائي السوري بالتزامن مع انتشار جائحة كورونا.
ترامب أراد محاربة الشعب السوري بأصعب أنواع الأسلحة، "التجويع"، مع علمه بوجود 9.3 مليون شخص في سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بحسب تقرير صادر من منظمة الأمم المتحدة، وتزامنا مع العقوبات، التي لم تسفر تنديدات الخارجية السورية بإلغائها، بعد انتشار وباء كورونا.
هذا كله يشابه قرار وزارة الخارجية الأمريكية، عام 2018، المتضمن حجبها 25 مليون دولار، كان من المقرر أن تقدمها مساعدة للمستشفيات الفلسطينية في القدس، وعددها 6 مستشفيات.
قبل أن يعلن ترامب خطته المعروفة بـ"صفقة القرن" وتنص على تجنب التقسيم المادي للقدس وأن تظل عاصمة لدولة إسرائيل، وأن تبقى السفارة الأمريكية فيها.
جاء بايدن، وأذكر هنا كلمة للرئيس السوري بشار الأسد في حديث مع وكالة "سبوتنيك" قال فيها: إن "الانتخابات الأمريكية تتعلق بالرئيس التنفيذي"، مشيرا إلى أن "تغيير السياسة يتعلق بتغيير مجلس الإدارة الذي لا يغير سياسته، لو تغير الرئيس التنفيذي، فالمجلس سيبقى".
جو بايدن، وبتوقعات سياسيين عدة، لن يغير من السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط عموما وسوريا خصوصا، حتى أن بلينكن نفسه نوه إلى ذلك بقوله "طالما أن الأسد في السلطة، وطالما أن إيران موجودة في سوريا، فإن الجماعات المسلحة المدعومة من إيران ونظام الأسد نفسه، تشكل تهديدا أمنيا كبيرا لإسرائيل، ومن الناحية العملية، أعتقد أن السيطرة على الجولان في هذا الوضع تظل ذات أهمية حقيقية لإسرائيل".
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، جون كيربي، إن جيش بلاده غير مسؤول عن توفير الحماية لتلك الشركات وموظفيها، وأن وظيفة القوات الأمريكية العاملة في سوريا ستنحصر في مكافحة تنظيم "داعش" (الإرهابي المحظور في روسيا) فقط.
وكان ترامب قد كلف قوات بلاده المنتشرة في شمال وشرق سوريا بتولي مهمة حماية حقول النفط والغاز في تلك المنطقة، حاثا الشركات الأمريكية على استغلالها في خطوة أثارت جدلا كبيرا لجهة عدم قانونيتها.
بالمقابل، وكما شدد بلينكن نفسه، فإن واشنطن "ملتزمة بأمن إسرائيل"... وبالتالي فإن حقوق الشعب الفلسطيني أيضا لن تكون على قائمة أولويات بايدن، ولكن قد يتخذ خطوات بدائية لعودة العلاقات معهم كما كانت قبل مجيئ ترامب.
وقد يكون الصمت المتحفظ على موضوع الجولان مجرد استفزاز لنتنياهو لا أكثر، نتنياهو نفسه الذي أشعل التحدي مع بايدن بقوله أن الجولان سيبقى إسرائيليا للأبد.
الصحفي المتخصص في الشأن الأمريكي، ستيف صهيوني، أكد في مداخلة هاتفية أن "سوريا، في الوقت الحالي، ليست أولوية بالنسبه للإدارة الأمريكية الجديدة"، منوها لوجود "حذر كبير بشأن اتخاذ القرار عن كيفية التعامل مع الأزمة السورية".
وأشار صهيوني إلى أن التسوية الوحيدة التي يمكن أن تؤثر على سوريا وتفيدها، هي أن تكون بين طهران وواشنطن وتشمل منطقة الشرق الأوسط وهذا يتضمن القضية الفلسطينية والأزمة السورية".
وأضاف أن "العلاقة بين بايدن ونتنياهو سيئة جدا وأن الادارة الأمريكية تنتظر الانتخابات الجديدة في إسرائيل وسيعمل بايدن على تغيير كل العلاقات الخارجية لواشنطن بما فيها مع فلسطين وتل أبيب بالإضافة إلى أن بايدن يريد أن يوصل رسالة لنتنياهو مفادها "زمن ترامب قد انتهى".
(المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط)