وفي نفس اليوم، وصفت عدد من وسائل الإعلام العربية والغربية حكومة الرئيس بشار الأسد بـ "النظام"، معلنة أنه رئيس دولة غير شرعي.
ثم تطورت الأحداث بسرعة وبشكل مخيف، وشهدت اشتباكات مسلحة، ومحاولات لقلب نظام الأسد، لتزيد الخسائر والدمار عدم الاستقرار وهشاشة الوضع، ما سمح للإرهابيين الذين كادوا أن يشكلوا شبه دولة في عام 2015، أن يثبتوا وجودهم في سوريا. أوقفت الكارثة المتنامية المساعدات الروسية التي طلبتها دمشق الرسمية في خريف 2015.
في الوقت نفسه، وبالنظر إلى حجم المحنة المتزايدة، عارض كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومعظم الدول العربية حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، قلة منهم اعتقدوا أنه سيكون قادرا على الاحتفاظ بالسلطة وإعادة الأراضي. حيث كانت هناك حرب حقيقية تحت سيطرة الحكومة.
أهالي درعا: "الديمقراطية لا تعني تجويع الشعب السوري"
"سبوتنيك" استطلعت آراء المواطنين في محافظة درعا ممن تحدثوا عن ذكرى اندلاع الحرب في سوريا، وما آلت إليه الأمور بعد عشر سنوات، فأكدوا أن الشعب السوري هو من يقرر مصيره بنفسه.
وقال شواخ عللوه، وهو معلم: "قبل عشر سنوات اندلعت الحرب على سوريا تحت عنوان ما يسمى "الربيع العربي" وهو ليس كذلك بل هو حرب دمرت البنية التحتية السورية بدعم غربي للإرهاب ونحن اليوم نعيش حالة الدمار إضافة إلى العقوبات الاقتصادية الظالمة التي يمثلها ما يسمى "قانون قيصر" الظالم، ونطلب من الدول الحليفة والصديقة مثل روسيا وإيران والدول الشقيقة بأن تساهم في رفع العقوبات الاقتصادية عن بلدنا لإعادة الحياة الطبيعية للشعب السوري لكي يعيش بأمان وسلام".
وقالت ناديا المحاميد، الموظفة: "بعد عشر سنوات من الحرب على سوريا أثبتت سياسة الدول الغربية التي كانت تدعي حبها للشعب السوري أنها تعمل اليوم على فرض الحصار على الشعب السوري وتجويعه وتشريده".
وقال عبد الحكيم الخطيب: "نحن كشعب سوري نرفض أي تدخل خارجي أمريكي أم غير أمريكي، نحن شعب نقرر مصيرنا بأنفسنا ونأكل من أرضنا، يكفي استغلال وحرمان وحصار".
أهالي حلب: "حروب الديمقراطية" وصفة أمريكية لنهب الثروات
دعا أهالي حلب إلى تكاتف السوريين مع بعضهم لتجاوز آثار الحصار والتعلم من دروس الحرب.
وفي الذكرى العاشرة لاندلاع شرارة الحرب في سوريا عام 2011، قال مواطنون حلبيون إن الولايات المتحدة تحارب الشعب السوري وأينما حلت قواتها يحل الدمار والخراب ونهب الثروات.
بهذه التعابير عبر عدد من المواطنين السوريين في محافظة حلب عن قراءتهم للحرب التي دخلت اليوم عامها الحادي عشر، مؤكدين أن تعويل بعض السوريين على الخارج جلب الويلات إلى البلاد.
وأشاروا إلى العلاقة الوطيدة بين المناطق التي شنت الولايات المتحدة عليها حروب (الديمقراطية) خلال العقود الأخيرة، وبين النتيجة الاعتيادية لتلك (الديمقراطية) من تدمير ونهب ثروات ونشر الفوضى في تلك
المناطق، وكيف أن الديمقراطية التي بشر بها سفير الولايات المتحدة خلال زياراته إلى المناطق التي شهدت أعمال شغب في الأيام الأولى للحرب على سوريا، مكنت جيش بلاده اليوم من احتلال أجزاء واسعة من أراضي سورية وسرقة نفطها وقمحها وثرواتها ومحاصيلها الزراعية ومحاولة تقسيمها، وتدمير ممنهج لأطواق الدفاع الجوي والنقاط العسكرية.
وشدد أهالي حلب أن الولايات المتحدة تشن اليوم حربا اقتصادية على الشعب السوري مؤكدين أن رفع الحصار عن سوريا يكون بتكاتف السوريين مع بعضهم البعض والتعلم من دروس الحرب.
سكان الجزيرة السورية: من القتل والتهجير إلى التجويع الأمريكي
عشر سنوات مرت تطورت معها سرعة الأحداث، فمن المظاهرات التي رفعت شعارات التغيير والتي قوبلت بالعديد من المراسيم والقوانين التي جاءت تلبية للمطالب من قانون للأحزاب وآخر للإعلام وثالث
للانتخابات ورابع للإدارة المحلية والخامس الخاص بمنح الجنسية للأكراد ومكتومي القيد مع الإفراج عن السجناء والموقوفين، لكن سرعان ما تطورات المظاهرات إلى مواجهات عسكرية وهجمات استهدف بشكل منهجي المواقع العسكرية والأمنية في البلاد.
تطرف وعصابات
رائد الرحيل، مواطن من محافظة الحسكة قال لـ"سبوتنيك" بأن السوريين يعيشون منذ عشر سنوات مفاجآت متتالية، المفاجأة الأولى كانت عندما خرجت المظاهرات وكأنها مرتب لها منذ سنوات، لتتحول هذه المظاهرات بشكل سريع إلى مواجهات عسكرية مع القوات العسكرية والأمنية وقوى الأمن الداخلي وهم الذين من يعملون على حمايتنا وحماية وطننا، ثم ليستعينوا بالمسلحين والمرتزقة العرب والأجانب ليحاربوا أبناء وطنهم باسم الإسلام وهم في براءة كاملة منه، وأتوا ألينا بقطع الرؤوس والذبح دون أي رادع أخلاقي أو حتى ديني.
حياتنا مأساة
بدوره فرحان نجم الخضر، من سكان الحسكة، أوضح لـ"سبوتنيك" بأن الحرب على سوريا لم تجلب للشعب سوى الدمار والخراب والجوع، حولوا حياتنا خلال هذا العقد من العمر إلى مأساة وكابوس مخيف. حربا هدفها الأول هو تجويع وإذلال الشعب السوري ليصل إلى مرحلة يقبل فيها كل شروط ومطالب الغرب وأمريكا، من خلال نشر ثقافة الغلاء وانقطاع المواد والدواء من خلال فرض التجربة العراقية وهذا الشيء لن يحدث حتى لو قطعوا عنا الهواء.
ظروف صعبة على الجميع
خالد خضر صاحب محل تجاري في سوق الحسكة قال لـ"سبوتنيك" بأن سوريا قبل الحرب كانت تعيش حياة اقتصادية مزدهرة مع نهضة عمرانية مصحوبة بحالة مميزة من الأمن والأمان، حتى شهر آذار/مارس من عام 2011، والذي جلب معه الحرب والدمار والخراب، نتحدث اليوم عن عمر استمر لمدة عشر سنوات ليس فقط يوم أو يومين بل نتحدث عن عشر سنوات، وذلك كله بسبب مجموعة من السوريين الذي تم تغريرهم بالمال والجاه والسلاح ليعيثوا فساداً في بلادنا بدعم غربي كامل.
وبيّن خضر أن السنة العاشرة من عمر الحرب كانت هي الأصعب وذلك بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية والذي وصل إلى حدود الـ 4000 ل.س هو ما انعكس بشكل سلبي على حالة جميع المواطنين السوريين سواء كانوا تجاراً أو مستهلكين لندفع ثمن كبير مقابل صمودنا كل هذه السنوات في وجه طاحونة الحرب.
حصيلة السنوات الـ10
بعد 10 سنوات من اندلاع المأساة السورية، يواصل الغرب الضغط على الحكومة السورية الشرعية. ولا تزال أشد العقوبات والحصار الاقتصادي تضر بالاقتصاد السوري. يلحق ضرر لا يمكن إصلاحه إلى حد كبير بالسوريين العاديين، الذين يجدون أنفسهم الآن دون أدوية، دون خبز، وهم الآن على شفا كارثة إنسانية.
واستنادا إلى البيانات الأخيرة الصادرة عن وزارة الخارجية والبرلمان الأوروبي، لن يخففوا الضغط على سوريا وحكومتها.
على الرغم من حقيقة أن دمشق الرسمية، بوساطة روسية، قد عملت على استقرار الوضع في جميع أنحاء البلاد تقريبا، باستثناء محافظة إدلب، فإنها تسعى ليس فقط إلى ترسيخ سياسة داخلية، بل وسياسة خارجية أيضا، فهي تستعد لإجراء انتخابات نيابية عامة. إن حكومة الأسد تتجه نحو استقرار الأوضاع في البلاد، ولا تقدم أي شروط لرحيله.