وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، إن لبنان ينهار وعلى الاتحاد الأوروبي التحرك، فيما وجد البعض في دعوة فرنسا مطالبة صريحة للاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على من يعرقل تشكيل حكومة لبنانية، خاصة في ظل تهديد فرنسا بهذه الورقة في عدة مناسبات.
مطالب فرنسية
وتصاعدت الأزمة في الأيام الأخيرة مع انخفاض قيمة العملة بدرجة أكبر وإغلاق العديد من المتاجر مؤقتا بسبب نقص الإمدادات.
وقال لو دريان لدى وصوله لحضور اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي: "فرنسا تتمنى أن نبحث قضية لبنان... البلد يسير على غير هدى ومنقسم... عندما ينهار بلد ما يجب أن تكون أوروبا مستعدة".
وأطلق لودريان، النقاش حول لبنان في اجتماع الاثنين، مطالبًا إدارة العلاقات الخارجية بالتفكير في إجراءات للضغط السياسي لمنع انهيار الوضع في البلاد.
وكان دبلوماسيون فرنسيون وغربيون قد قالوا إن فرنسا مستعدة الآن وبعد جمود مستمر منذ أشهر لبحث احتمال فرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين، سواء على مستوى الاتحاد الأوروبي أو على المستوى الوطني، لكن من المستبعد أن يحدث ذلك على الفور.
يرى مصطفى الطوسة، المحلل السياسي المقيم في فرنسا، إن الرسالة التي فهمت من طلب فرنسا للاتحاد الأوروبي بالتدخل المباشر في الوضع الداخلي اللبناني، هي أن باريس تدعو مراكز القرار السياسي والاقتصادي والدبلوماسي الأوروبي بالتلويح بفرض عقوبات جماعية على الطبقة السياسية اللبنانية إذا استمرت في تعطيل تشكيل الحكومة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يجد الطوسة أن الرسالة الباريسية واضحة وموجهة للطبقة السياسية اللبنانية، أن صبر فرنسا قد نفد، وأن العقوبات قد تأتي في أي وقت، ليس من فرنسا فقط، بل من الاتحاد الأوروبي كله.
وطرح المحلل السياسي تساؤلًا مهمًا بشأن، التهديدات الفرنسية وما كانت ستظل على المستوى الإعلامي أم تتحقق على أرض الواقع، وأجاب بالقول، إن "لا أحد صراحة يتوقع أنه سيتم تفعيل هذه العقوبات في الأسابيع المقبلة، رغم اعتقاد البعض بضرورة هذا التصعيد السياسي والدبلوماسي الأوروبي لإضافته إلى ترسانة الضغط التي يمارسها المجتمع الدولي ضد الطبقة السياسية اللبنانية الفاسدة".
المقاربة الأوروبية، والكلام لا يزال على لسان الطوسة، تقوم على بذل جهودًا سياسية ودبلوماسية لإقناع السياسيين اللبنانيين في التوافق، أما فيما يتعلق بعملية كسر عظام وتجميد الأرصدة وفرض عقوبات على شخصيات سياسية لبنانية فهي ورقة لا تزال بعيدة عن التطبيق، على الأقل في الفترة القريبة المقبلة.
تحرك أوروبي
ويتفق سركيس أبوزيد، المحلل السياسي اللبناني مع الطوسة، في أن فرنسا تسعى جاهدة للضغط على القوى السياسية اللبنانية لتشكيل الحكومة وتنفيذ المبادرة الفرنسية، خاصة بعد تأزم الأوضاع ومراوحة مبادرة باريس مكانها.
وفي حديثه لـ "سبوتنيك"، أكد سركيس أنه وبعد فشل تشكيل الحكومة، تحاول فرنسا توسيع دائرة الحلفاء والمؤيدين، لذلك كان هناك تنسيق كبير بين فرنسا وروسيا ومع مصر والسعودية والإمارات.
"محاولة إحياء للمبادرة الفرنسية"، هكذا يجد سركيس التحرك الفرنسي في الفضاء الأوروبي، مؤكدًا أن فرنسا لا تريد أن تكون شاهدة على انهيار لبنان دون اتخاذ أي خطوة، خاصة بعد أن وصلت البلاد إلى انهيار شبه تام في كل الأوضاع الاقتصادية والمالية والسياسية".
تصاعدت حدة الخلاف السياسي في لبنان بعد اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس اللبناني ميشال عون مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، اليوم الاثنين.
وفي حين رفض الحريري طريقة تعاطي رئاسة الجمهورية مع ملف تشكيل الحكومة، مشيراً إلى رسالة بعثها له الرئيس اللبناني وتتضمن كيفية تشكيل الحكومة مع حق إعطاء الثلث المعطل لعون.
ردت رئاسة الجمهورية على كلام الحريري، معتبرة أن رسالة رئيس الجمهورية تتضمن ورقة تنص فقط على منهجية تشكيل الحكومة.
وكان قد أعلن مكتب رئاسة الجمهورية، في وقت سابق، أن "رئيس الجمهورية حريص على تشكيل حكومة وفقاً للدستور وكل كلام ورد على لسان رئيس الحكومة المكلف وقبله رؤساء الحكومات السابقين حول أن رئيس الجمهورية لا يشكل بل يصدر هو كلام مخالف للميثاق والدستور وغير مقبول، ذلك أن توقيعه لإصدار مرسوم التأليف هو إنشائي وليس إعلانياً".
وتم تكليف الحريري رسميا بتشكيل الحكومة اللبنانية، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لكنه لم يتمكن من إتمام هذه المهمة بالنظر إلى الخلافات السياسية، لا سيما بينه وبين رئيس الجمهورية، في وقت تشهد البلاد أزمة اقتصادية حادة تلامس الانهيار.