فاطمة ضيا، فنانة تشكيلية ومهندسة مساحة، من مواليد عام 1986، الجنوب اللبناني، حيث اكتشفت موهبتها في الرسم بعمر مبكر، بتشجيع من الأهل، وخاصة والدها الذي آمن بموهبتها منذ الصغر، ودعمها بكل ما يقدر لتنميتها، إن كان ماديا ومعنويا، هكذا تقول لوكالة "سبوتنيك".
البدايات
وتضيف فاطمة، مع مرور الوقت تمكنت من المضي في طريق الاحتراف دون أن اتعلم الرسم أكاديميا، إنما من خلال العمل على ذاتي، إذ أن الرسم لم يكن أكثر من مجرد هواية وملاذا لنفسي، أما أكادميا فقد دخلت كلية الهندسة وأكملت بها، وقبل سنة ونصف من الآن أنشأت صفحتي الفنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبدأت المشاركة في المعارض، وهنا كانت الانطلاقة.
اللوحة الأشهر.. كارثة بيروت
"الملائكة الصاعدة".. لوحة رسمتها فاطمة بعد كارثة بيروت التي أدت لمقتل العديد من الناس في انفجار هز أركان العاصمة اللبنانية، وخرب بنيتها التحتية، شبهت بها الفنانة الشابة أرواحهم البريئة بالملائكة التي صعدت لمقابلة ربها، معبرة عن وهل الضرر الحاصل، حيث أثارت عواطف كل من رآها، لتعرضها بعد ذلك بمزاد علني يذهب ريعه لأسر الضحايا وعائلاتهم.. تقول فاطمة لوكالة "سبوتنيك": "هذه اللوحة عبرت بكل صدق عما كان يدور في قلبي وعقلي آنذاك".
الفن رسالة
وتوضح فاطمة، لم يكن يوماً الهدف الأساسي من الفن بالنسبة لي ماديا، بل على العكس كنت أشعر دائماً عند الانتهاء من كل لوحة برابط قوي جداً بيني وبينها.. خاصةً إذا كانت نابعة عن إحساس عندي ما يجعل بالتالي من الصعب بالنسبة لي التخلي عنها.
وتشرح فاطمة رسالة الفن بهذا المثال، "بالنسبة للوحة "الملائكة الصاعدة" والتي بيعت بمبلغ 45 ألف دولار أمريكي، كان أشد ما آلمني أنني لم أعد قادرة على رؤية اللوحة مرة أخرى، ولكن ما كان يواسيني أنّني من خلال بيعها تمكنت من مساعدة 75 عائلة من العائلات الأشد فقراً والتي تضررت جراء انفجار بيروت، وهنا يكون الفن رسالة أولاً".
وتستدرك موضحة، "إذا ليست كل اللوحات التي أقوم بها معروضة للبيع، ولكن طبعاً لا مانع من الاستفادة المادية من بعض الأعمال وذلك من أجل الاستمرار في الرسم لأن الرسم والمواد المستخدمة في الرسم مكلفة وخاصةً في وضعنا اليوم".
الرسم قصة
وتضيف، "يقال عن الفنان أنه ذو إحساس مرهف، يعبر عما بداخله بريشة أو قلم رصاص أو ألوان على لوحة يريدها أن تتحدث دون كلمات.. لوحة صامتة، ولكنها تحكي عن أي حدث، إن كان مفرحا أو محزنا أو أليما، يفرغ الرسام من رؤيته لهذا الحدث من مكونات ذاته، وكل ما يجول في رأسه من أفكار تكون سببا لعواطف تنشأ من صلب الموضوع".
وتتابع، "خلال زيارتي الأولى لمتحف "اللوفر" في باريس استوقفتني لوحة من أجمل اللوحات اللي شاهدتها وهي لوحة "la jeune martyre" للفنان الفرنسي "Paul Delaroche" وصراحة بقيت واقفة أمامها لوقت طويل وأنا أتأمل بها وشعرت بشعور غريب يربطني بها وبمزيج من مشاعر الحزن والخوف والظلم والتعاطف... استلهمت القيام بالأعمال التي تلامس الروح بشكل مباشر وتتناول المواضيع المؤثرة، فكل فنان يتأثر بشكل أو بآخر بأعمال فنية واسلوب فني أو حياة وشخصية فنان آخر.
الرسم مرونة
تقول فاطمة: فن الرسم لم يكن محصورا بنوع معين فقط، بل جربت، تقريباً، كل أنواعه وكل المواد المتاحة عندي من رصاص وفحم وباستيل وألوان خشب إلى إكريليك وزيت وأكواريل وكانت كل مادة جديدة تضيف لي شيئا جديدا في مسيرتي الفنية، وكنت أتعلم منها و لكن المحببة على قلبي طبعاً كانت الألوان الزيتية.
روسيا.. رائدة عالم الفن
تقول الفنانة فاطمة: السوق الخارجية هدف أساسي من أهدافي المستقبلية، فالفنان دائماً يتوق إلى نشر أعماله وتعريف العالم بفنه وربما الحصول على الاهتمام والتقدير وخاصةً في الدول والمجتمعات التي تعطي للفن أهمية والدول الرائدة في عالم الفنون، وأكيد من أهمها روسيا لما للفن الروسي من مكانة عالمية، بالإضافة للحضارة والثقافة الروسيتين الغنيتين عن التعريف.
مشكلة الفن العربي
تطرح فاطمة مشكلة في الفن العربي، وتوضح، "مما لا شك فيه أن الفنون التشكيلية العربية متنوعة جدا، وقد أبتدع العرب المسلمين فنًا جديدًا أضافوه إلى الفنون التشكيلية العربية وهو فن الخط العربي الذي لاقى أيضاً اهتماما وإعجابا من قبل متذوقي الفنون.. ولكن بعد ذلك ومع الاستعمار والانفتاح على الغرب أصبح الفن العربي في حالة ضياع بين الحفاظ على الهوية العربية التي كانت تميزه آنذاك ومجاراة الحداثة في الفن واعتماد الأساليب الجديدة المستوحاة من المدارس الغربية الجديدة، مما خلق مزيجاً بين هذين النوعين من الفنون".
وتكمل، "لكن بالنسبة لي أخطر ما يواجه الفن العربي في يومنا هذا أنه، وللأسف، لا يلاقي اهتماماً كبيراً من قبل المجتمعات العربية المنهمكة في أمورها المعيشية الصعبة إثر الحروب والمشاكل الاقتصادية التي تواجها منذ عقود وبالتالي أصبح الفن من الأمور الكمالية ما يؤثر سلبياً على الفنان بشكل عام و إنتاجه وإبداعه".
كلمة أخيرة.. المستقبل
فاطمة ضيا تختم مع "سبوتنيك": "أريد رسم قصة بدلا من رسم صورة، قصة تتناول مواضيع تستفزني وتؤثر بي.. قصة أشعر بالحاجة للتعبير عن رأيي فيها على طريقتي وبالتالي نشر التوعية ومحاولة تغيير الواقع المتعلق بها قدر المستطاع كلوحة "أحلام مسروقة" التي نشرتها مؤخراً والتي تعالج موضوع زواج القاصرات والأثر السلبي الكبير والظلم الذي تتعرض له الفتاة القاصر من خلال القضاء على مستقبلها وأحلامها والتحكم بمصيرها".