فإلى أي مدى يمكن أن ينجح الكاظمي، وما الآليات التي يمكن بها تهدئة الأوضاع ووضع خارطة طريق لسلام شامل وتجنيب المنطقة كوارث جديدة؟
الباحث والمحلل السياسي الإيراني الدكتور حسين رويوران قال، إن السعودية وإيران حتى الآن لم يؤكدا ما تناولته بعض وسائل الإعلام عن جولة مفاوضات جرت بين الجانبين، وينتظر أن يكون هناك لقاء جديد خلال الأسبوع المقبل، وإن صح هذا الخبر، ففي تصوري أن العراق على علاقة جيدة مع إيران ومع السعودية.
البحث عن توافقات
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، نظرا لتلك العلاقة الجيدة التي تربط بغداد وكل من طهران والرياض في الوقت الراهن، هذا الأمر يؤهلها للعب دور محوري وفاعل، كما أن هناك ضرورات لمثل هذا الدور، حيث وصلت الأحداث في اليمن إلى مرحلة تتطلب توافقات تخرج السعودية من المستنقع اليمني، وهو ما يعطي انطباعا بأن هذا الأمر قد يكون مطروح أو موجود بالفعل، لكن التأكيد الرسمي غير موجود أو غير معلن حتى الآن.
وتابع رويوران، الآن في فترة ولاية رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، العلاقات العراقية - السعودية تطورت، والعراق الآن يمتلك القدرة في أن يقوم بدور الوساطة بين الطرفين، رغم أن هناك أطراف أخرى يمكن أن تقوم بهذا الدور مثل سلطنة عمان، والحاجة إلى وجود مثل هذا الحوار هو أمر مطروح، لكن التحدي الآن هو عدم وجود تأكيد لهذا الطرح أو نفي له.
علاقات مختلفة
وحول نوع العلاقات القاد مة بين السعودية وإيران إذا ما أكدت الدولتان تلك الأخبار أكد الباحث والمحلل السياسي، خلال السنوات الخمس سنوات الماضية يمكننا القول أن العلاقات بين السعودية وإيران غير موجودة "مقطوعة"، وفي تصوري أن أي علاقات جديدة ستكون نتاج الظرف الراهن والمعادلات القائمة في المنطقة.
وأكد أنه طبيعي أن تكون تلك العلاقات مختلفة عما كانت عليه في السابق، حيث أن إيران اليوم هى على رأس محور المقاومة وتمتلك تحالفات إقليمية كبيرة، وهى قوة إقليمية صاعدة، ولا أتصور أي معادلة تسوية قادمة يمكن أن تتجاوز هذه الأمور.
نقاط الخلاف
وكشف المحلل السياسي السعودي الدكتور عبد الله العساف عن بعض النقاط الخلافية والتي لا يمكن تجاوزها بين السعودية وإيران، من بينها تخلي إيران عن سياساتها القديمة تجاه المنطقة والعالم العربي على وجه التحديد.
وأشار العساف في حديثه لـ"سبوتنيك"، إلى أن العراق يحظى بقبول جيد لدى الطرفين في الرياض وطهران، وبشكل خاص مع مجيء مصطفى الكاظمي الذي يقف في المنتصف وعلى الحياد بين الطرفين ويبتعد عن سياسة المحاور بشكل كبير.
وأوضح أنه علينا قبل الحديث عن التفاوض أن نتعرف على أسباب الخلاف، حيث تستطيع السعودية التحدث بشكل مباشر مع طهران، لكن السلوك الإيراني هو الذي يجعل الدول تبتعد عنها وتتخذ الكثير من الاحتياطات، مثل سلوكها للتغول في المنطقة العربية ودعم الإرهاب، التدخل في الشأن الداخلي والسلاح النووي، وكذا المخاوف البيئية والأمنية.
تغيير السلوك
وتابع، الاستراتيجية الإيرانية قائمة على التدخل في الشأن الداخلي والتمدد، كل هذه الأمور تمثل معضلة لأي وساطة، وإذا أردنا الحديث بإنصاف للوصول إلى نتائج وطرح الحقائق على الأرض علينا أن نرصد، هل تستطيع إيران تغيير سلوكها، فإذا استطاعت أن تؤدلج أيديولوجيتها، ثم ينعكس ذلك على سلوكها، اعتقد في تلك الحالة سوف يرحب بها العالم أجمع وليس السعودية فحسب.
وأوضح المحلل السياسي، أن الحديث عن مؤامرة أمريكية أمر غير دقيق، الولايات المتحدة الأن تربطها بدول المنطقة علاقة صداقة أو شراكة أو حلف استراتيجي وهى لا تتدخل في المنطقة، لكن إيران اليوم، هى من تتدخل في الشأن الداخلي لدول المنطقة، بل إن طهران هى من تعتدي على مناطق بها قوات أمريكية، ولا شك أن الولايات المتحدة كقوة عظمى تدافع عن مصالحها، لكنها لا تريد شىء من إيران، بل إن طهران هى من تعتدي على المصالح الأمريكية في المنطقة، وهى أيضا من تريد أن تفرض واقعا على الولايات المتحدة، وهى أيضا تريد أن تدخل النادي النووي بقوة.
وكانت صحيفة "فايننشال تايمز" قد كشفت أن مسؤولين سعوديين وإيرانيين رفيعي المستوى عقدوا محادثات مباشرة خلال الشهر الجاري، في محاولة لإصلاح العلاقات بين البلدين.
ونقلت الصحيفة البريطانية، اليوم الأحد، عن 3 مسؤولين على اطلاع بالمحادثات أن هذه المفاوضات جرت في بغداد بين الخصمين الإقليميين، بعد 5 سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية.
وذكرت الصحيفة نقلا عن أحد المسؤولين أن الجولة الأولى من المحادثات السعودية الإيرانية جرت في بغداد، في التاسع من أبريل/ نيسان، وتضمنت مباحثات بشأن هجمات الحوثيين وكانت إيجابية.
وأوضح المسؤول أن الوفد السعودي ترأسه خالد بن علي الحميدان رئيس جهاز المخابرات، مشيرا إلى أن هناك جولة أخرى من المحادثات من المقرر أن تعقد في الأسبوع المقبل.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي عقد محادثات مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الشهر الماضي، يلعب دورا في تسهيل إجراء المفاوضات.
وعلق المسؤول على المحادثات، قائلا: "إنها تسير بشكل أسرع لأن محادثات الولايات المتحدة (المتعلقة بالاتفاق النووي) تتحرك بشكل أسرع، بسبب أيضا هجمات الحوثين".
ويأتي الكشف عن هذه المحادثات في الوقت الذي تحرص فيه السعودية على إنهاء الحرب في اليمن ضد جماعة "أنصار الله"، المدعومة من إيران، والتي صعدت من هجماتها ضد المدن السعودية والبنية التحتية للمنشآت النفطية في المملكة. وأطلقت الجماعة عشرات الصواريخ والطائرات المسيرة المفخخة باتجاه السعودية.