يرى رئيس مركز جهود للدراسات باليمن الدكتور عبد الستار الشميري، أن "عملية السلام ومساعي السلام والمسار السياسي تكاد تكون غائبة في الحقيقة، صحيح أن هناك أحاديث كثيرة وتقارير وبيانات وتحركات وتداعيات كثيرة تقول إن هناك أفقا مفتوحا للسلام في اليمن، ورغبة لدى كل الأطراف لوقف الحرب، لكن في الحقيقة أن كل هذا غير صحيح على أرض الواقع".
رغبة في الاستمرار
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، ما هو كائن في اليمن ولا سيما من جانب الحوثيين "أنصار الله"، هو رغبة في بقاء الحرب والمحافظة على الجغرافيا التي استطاع الحوثيون استقطاعها بالدعم الإيراني في الشمال تحديدا، حيث إن هناك إصرارا عجيبا على مهاجمة مأرب والتوسع في مناطق أخرى هنا وهناك.
وتابع الشميري: "كل المحاولات والرؤى الأمريكية اصطدمت بواقع وصخرة كبيرة من التعنت الإيراني الحوثي، وكان ذلك متوقعا، وقد قلنا أن المسار السياسي ومساعي السلام لن تتحقق ما لم تكن هناك إرادة وقوة عسكرية للشرعية والتحالف قادرة على زحزحة الحوثي من المناطق الرئيسية، كالحديدة ومأرب وما تبقى من تعز، غير ذلك لن يذهب الحوثيون إلى السلام والتفاوض على الإطلاق، فمثل تلك الحركات لا تتخلى عن المكاسب التي تحققها إلا تحت ضغط القوة".
إغلاق الحدود
وأوضح رئيس مركز جهود، أن "المطالبات بإغلاق الحدود اليمنية مع سلطنة عمان وبشكل خاص في محافظة المهرة كان حوله أحاديث كثيرة، وقد ثبت بالفعل أن هناك عمليات تهريب وتدفق للأسلحة الإيرانية عبر الحدود اليمنية، لكن هذا الطريق ليس هو الوحيد حيث إن التدفق الأكبر يأتي بحرا، عبر قوارب الصيد وجماعات شباب الصومال، فهناك مسارب ومداخل عبر الشواطىء اليمنية تصل عبرها الأسلحة الإيرانية، ابتداء من الشريط الساحلي في الحديدة ومناطق أخرى، هذا بجانب أن ميناء الحديدة يتم اختراقه مع موانئ أخرى يسيطر عليها الحوثيون مثل، رأس عيسى والصنيف".
وأشار الشميري، إلى أن "اتهام الولايات المتحدة لإيران بدعم أنصار الله يثير العجب، لأن ما يحدث ليس دعما من جانب طهران وإنما هو تبني كامل، لأن هذا مشروع إيراني واستثمار جماعة تسمى "أنصار الله"، بداية من المشورة السياسية وصولا للصاروخ الباليستي الذي يطلق على مأرب أو على المملكة العربية السعودية، لذا فإن كل مسارات السلام وعمليات التفاوض هى مضيعة للوقت، ومحاولة للعب في مرحلة الحلول الوسط، التي لن تفضي إلى أي حلول واقعية على الأرض".
غياب الخطوات العملية
من جانب آخر، قال عضو مجلس الشورى في صنعاء النائب بليغ الشامي، إن "الاتهامات الأمريكية بدعم إيران لـ"أنصار الله" ليست جديدة، أما فيما يتعلق بالمبادرات الأمريكية للسلام، فمنذ أن تم إطلاق التصريحات الأمريكية حول وقف الحرب في اليمن، لم نجد أي خطوات واقعية على الأرض تقول أنهم يسعون بالفعل لوقف الحرب وإحلال السلام، فما يزال الحصار مطبق والمطار والميناء مغلقين، فليس هناك أي شىء فعلي حتى يمكننا القول الآن أن واشنطن تراجعت عن مساعي السلام في البلاد".
وأضاف الشامي في حديثه مع "سبوتنيك":
"هم يتحدثون إعلاميا عن السلام، لكن الواقع العملي يقول أنه لا توجد خطوات فاعلة على الأرض، فليس هناك خطوات تمت حتى يمكننا اليوم الإعلان عن تعثر أو وقف لتلك التحركات".
وقد قال عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي "إننا مع السلام، لكننا نريد الخطوات العملية، وقد كررنا طوال السنوات الماضية بأننا مع أي مبادرة لإحلال السلام، فلو قاموا بفك الحصار أو تشغيل مطار صنعاء، علاوة على ترك السفن النفطية تصل إلى الموانىء اليمنية، هنا يمكننا القول بأن هناك خطوات على الأرض يمكن البناء عليها، أما غير ذلك فهو مجرد أحاديث إعلامية".
المبعوث الأمريكي
قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ: إن "دعم إيران لحركة "أنصار الله" الحوثية "كبير جدا وفتاك"، معتبرا أن المعركة التي تدور حول منطقة مأرب "تشكّل أكبر تهديد لجهود السلام".
وقال ليندركينغ في جلسة للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي إن "إيران تدعم الحوثيين بطرق عديدة، منها من خلال التدريب وتزويدهم بدعم فتاك ومساعدتهم على صقل برامجهم للطائرات المسيرة والصواريخ".
وأضاف: "للأسف، كل هذا يحدث آثارا قوية للغاية حيث نرى المزيد والمزيد من الهجمات على المملكة العربية السعودية، وربما دول أخرى، أكثر دقة وأشد فتكا. ولذا، فإن هذا مبعث قلق شديد بالنسبة لنا".
وتابع: "دعم إيران للحوثيين كبير جدا وفتاك"، مشيرا إلى أنه "لا يرى أي مؤشرات على أن إيران تدعم الحل السياسي في اليمن".
وأردف: "ما أراه هو دعم متواصل وتحريض لجيش من الحوثيين من قبل الإيرانيين حتى يتمكنوا من مواصلة الهجوم على السعودية، وللأسف هذه الهجمات تزايدت بقوة في الشهرين الماضيين".
وأعلنت المملكة العربية السعودية، في 22 مارس/ آذار الماضي، عن مبادرة جديدة لإنهاء الأزمة في اليمن والوصول لاتفاق سياسي شامل، تشمل وقفاً شاملاً لإطلاق النار بإشراف الأمم المتحدة.
وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إن "المبادرة تتضمن فتح مطار صنعاء لعدد محدد من الوجهات، وتخصيص الإيرادات في دفع رواتب الموظفين"، داعيا "الحكومة الشرعية والحوثيين للقبول بمبادرة إنهاء الأزمة"، ومعتبرا أنها "الحل الوحيد للخروج بحل سياسي".
وأكد الوزير بن فرحان أن "المبادرة سارية منذ الآن وننتظر قبول الحوثيين"، ودعى الحوثيين إلى "الالتزام بوقف إطلاق النار حماية للشعب اليمني"، كما شدّد على أن "وقف إطلاق النار سيساعد للانتقال إلى مناقشة الحل السياسي في اليمن. وعلى الحوثيين أن يقرروا ما إذا كانوا سيضعون مصلحتهم أولا أم مصالح إيران".
وتوقع الوزير السعودي "دعم واشنطن والمجتمع الدولي لمبادرة إنهاء الأزمة باليمن"، معتبراً أن "التدخلات الإيرانية هي السبب الرئيسي في إطالة أزمة اليمن".
وتقود السعودية، منذ 26 آذار/ مارس 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها جماعة "أنصار الله" في أواخر 2014، أبرزها العاصمة صنعاء.