هل يؤدي هذا التحول في العلاقات بين أنقرة والقاهرة إلى تحولات في ملفات شرق المتوسط وتوازنات المنطقة؟
يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي، أن "التقارب المصري التركي الذي يجري الحديث عنه يجب أن يصاحبه تعديل في مواقف أنقرة من كل المسائل التي واجهتها، فقد كان لنا موقف قوي من تركيا ووافقنا الرأي الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلنطي وهم أكبر شركاء أنقرة، فلم يكونوا راضين عن سلوكها سواء في شرق المتوسط أو ليبيا أو سوريا".
ضغوط على تركيا
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، "أعتقد أن تراجع تركيا عن السير في طريقها الذي تسبب في خلافات كثيرة، جاء نتيجة ضغوط مورست عليها من كل شركائها، وموقف مصر الأساسي واضح من البيان الذي أعلنا فيه سحب السفير المصري من أنقرة، والذي قلنا فيه أن مصر تٌكن أفضل المشاعر للشعب التركي الشقيق، وقبل تلك المرحلة كانت مصر تفكر في دعوة تركيا لأن تكون عضوا مراقبا في جامعة الدول العربية، وقد أنشأنا مع تركيا مجموعة الدول الإسلامية المتقدمة صناعيا، وكنا نسير باتجاه مشروع كبير للتعاون الصناعي".
تعارض المصالح
أما ما يتعلق بالموقف في شرق المتوسط فقال بيومي، "لا يمكن أن توافق مصر على سلوك تركيا في شرق المتوسط، خصوصا فيما يتعلق بالتعارض بين مصالح تركيا ومصالح اليونان وقبرص، وكل هذه ستكون مواقف في إطار التفاوض بحث نصل في النهاية إلى موقف يرضي جميع الأطراف، ووقتها سوف تشعر اليونان بالامتنان نحو مصر، نظرا لأنها استطاعت أن تقنع تركيا بأن تكون شريكا إيجابيا في مسائل التنمية والتعاون، حيث أن ميزة أي عملية تفاوضية، هى جعل كل طرف يخرج بميزة أفضل مما كان عليه قبل التفاوض أو في حالة المعاداة أو الصراع".
توازنات جديدة
من جانبه قال خبير العلاقات الدولية المصري الدكتور أيمن سمير، "لا أعتقد أن التقارب المصري التركي قد يخلق توازنات جديدة في المنطقة، ربما هذا التقارب في شرق المتوسط يضيف جديدا إلى مساحة الهدوء والاستقرار والسلام والتعاون في المنطقة".
مصر واليونان
وتابع خبير العلاقات الدولية، أن "العلاقة فيما بين مصر واليونان وقبرص في هذا الوقت، أعتقد أنها سوف تقوى في الفترة القادمة، لأن الرهان المصري على قبرص واليونان منذ العام 2014 ثبت أنه رهان حقيقي، وقد دافعت قبرص واليونان عن الموقف المصري والثورة المصرية في دوائر الاتحاد الأوروبي ونجحوا في ذلك نجاحا كبيرا للغاية، علاوة على التعاون المصري القبرصي اليوناني في شرق المتوسط والذي وصل إلى مراحل متقدمة للغاية، فلدينا دراسة جدوى من قبل الاتحاد الأوروبي لعمل خطين لنقل الغاز أولهما خط أفروديت من قبرص والذي يتجه إلى إدكو ودمياط لإسالة الغاز على ساحل البحر الأبيض المتوسط، كما أن لدينا خط آخر يمتد من السواحل المصرية وصولا إلى جزيرة كريت اليونانية ثم يرتبط بعد ذلك بشبكة الغاز الأوروبية في اليونان، أيضا هناك عمليات تعاون للربط الكهربائي المصري الأوروبي من خلال الكابل المصري القبرصي الذي يصل إلى أثينا خلال الشهور القادمة".
علاقات استراتيجية
وأشار سمير إلى أن "تلك المشاريع الكبرى بين القاهرة وأثينا ونيقوسيا سوف تتدرج وتتطور مع الاقتراب والدفء التدريجي في العلاقة المصرية التركية، ولا أتصور أن هناك تناقضا في علاقة مصر القديمة مع اليونان وقبرص، وعلاقتها المستحدثة مع تركيا، وهناك حذر مصري حول المدى الذي يمكن أن تصل أليه العلاقة مع تركيا، حيث يرى البعض أن هذا الاندفاع التركي هو نتيجة لمشاكل داخلية ومشاكل مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، والخسائر الاستراتيجية في منطقة آسيا الصغرى وغيرها، وبالتالي قد تحدث انتكاسة في العلاقة المصرية - التركية في فترة ما، لذا ليس من الحكمة أن تضحي مصر بعلاقتها مع قبرص واليونان لمجرد دفء العلاقة مع تركيا".