وأعادت الاحتجاجات المغربية -المطالبة بإسقاط التطبيع- مشهد إغلاق مكتب الاتصال بين الجانبين في أكتوبر/ تشرين الأول 2000، إذ قرر المغرب حينها إغلاق مكتب الارتباط المغربي في تل أبيب.
وأوضح البيان أن المغرب اتخذ هذا القرار بسبب (انتكاسة عملية السلام عقب الأعمال اللاإنسانية التي ترتكبها القوات الإسرائيلية بحق أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل، واستخدامها الألة الحربية لقتل المدنيين الأبرياء.. نظرا للظروف الخطيرة التي خلقتها الحكومة الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية وموقفها المتعنت بإعلانها عن توقيف عملية السلام).
تأثير مباشر على العلاقات
رغم توقيع المغرب منذ أشهر قليلة اتفاقية ثلاثية بينه وبين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى الكثير من الترتيبات التي يعد لها خلال الفترة المقبلة، إلا أن الأحداث الجارية ألقت بظلالها على الترتيبات المبرمجة بين الجانبين والتي كانت تتضمن افتتاح سفارة إسرائيلية في المغرب.
تشير الآراء الواردة من الجانب المغربي، أن العمليات الدائرة في فلسطين قد تؤثر بشكل مباشر على درجة التمثيل الإسرائيلي في المغرب، وأنه قد يتم الاكتفاء بمكتب التمثيل دون افتتاح سفارة كما كان يخطط له خلال الفترة المقبلة، مع عدم استبعاد سيناريو العام 2000 تحت تأثير الشارع المغربي.
تضامن شعبي
تقول النائبة المغربية عن الاتحاد الاشتراكي رحاب حنان، إن "الشارع المغربي متأثر بمختلف الأحداث التي تعيشها الساحة الفلسطينية، نظرا لارتباط المغاربة بفلسطين عامة والقدس خاصة، وأن باب المغاربة في القدس شاهد على الموقف المغربي".
وترى في تصريحات لـ"سبوتنيك" أن "انتفاضة الشارع المغربي جاءت تضامنا مع الشعب الفلسطيني أمام ما يتعرض له من اعتداء إجرامي على مقدساته، وتهجير من البيوت وهدم المساكن فوق رؤوس العائلات الفلسطينية".
وتعتقد البرلمانية المغربية أن "انتفاضة الشارع المغربي ضد إسرائيل ستؤثر على الاتفاق بين المغرب وإسرائيل، إذ سبق لمسيرة الشعب المغربي نصرة لغزة أن أدت إلى إقفال المكتب الإسرائيلي في الرباط عام 2000".
فرصة ضائعة
بحسب البرلمانية المغربية أضاعت إسرائيل خلال عملياتها الحالية، فرصة مد يد السلام من طرف المغرب بسبب الجرائم التي ترتكب الآن بحق الشعب الفلسطيني.
يسعى المغرب في الوقت الراهن بصفته رئيس لجنة القدس لوقف إطلاق النار بين الطرفين، والعودة إلى حل الدولتين، رغم أن الوضع السياسي لدى الجانبين يفتقد إلى الشرعية الديمقراطية، حيث أن الجانب الفلسطيني في حاجة إلى عقد انتخابات لإفراز قيادة تتحدث باسمه، كما أن الجانب الإسرائيلي تديره حكومة تصريف الأعمال في انتظار تشكيل حكومة أو انتخابات سادسة.
رفض قاطع
من ناحيته قال عبد العزيز أفتاتي القيادي بحزب العدالة والتنمية المغربي، إنه "على المستوى الرسمي لم يتم الإقدام على شيء يذكر بحكم أن الجميع يعلم أجندة ما يصفه بـ"الكيان" في ابتلاع فلسطين واستتباع باقي الأقطار الإسلامية، وإخضاعها للعلو الصهيوني"، حسب وصفه.
وأشار في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الرفض القاطع على المستوى الشعبي للإجرام، والداعم للمقاومة ضد الغطرسة الاستعمارية، يؤكد أن مسار التطبيع إلى زوال.
مواقف رسمية وشعبية
في الإطار قالت شامة درشول الباحثة المغربية، إن "الموقف المغربي على المستويين الرسمي والشعبي دائما يقف في صف الفلسطينيين، ويندد بسياسة الحكومة الإسرائيلية، وعدم احترامها للمواثيق الدولية، إثر دعمها لعمليات الاستيطان، والترحيل، والهجوم العسكري، ضد الشعب الفلسطيني".
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك": "هذه المرة جاءت عملية حارس الأسوار بعد بضعة شهور من الاتفاق الثلاثي بين أمريكا، وإسرائيل، والمغرب، والذي نص على اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء، وإعادة فتح المغرب لمكتب التواصل بعد 22 سنة من إغلاقه، مع فتح خط مباشر بين المغرب، وإسرائيل، وأن الأمر لم يشكل أي إحراج للمملكة لعدة أسباب".
تمسك مغربي بالموقف الدائم
وبحسب درشول، البلاغ الملكي الصادر في 10 ديسمبر/ كانون الأول، الذي أُعلن فيه عن استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، شدد على تشبث المغرب بدعمه للقضية الفلسطينية، وحل الدولتين، وضرورة استئناف المفاوضات، وهو ما يؤكد عدم أي تغير في الموقف المغربي من القضية الفلسطينية.
كما يرأس العاهل المغربي لجنة القدس، وهي لجنة دائمة في منظمة التعاون الإسلامي، حيث شدد الملك محمد السادس خلال الاتفاق الثلاثي، والبلاغ الملكي عنه، أن قرار استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل لن يجعل المغرب يتراجع عن دوره كرئيس لهذه اللجنة، وحرصه على الحفاظ على الهوية الإسلامية للقدس، والمسجد الأقصى.
انعكاسات مستقبلية
بعد اندلاع احداث الشيخ جراح، وعملية حارس الأسوار، أعلنت بعض المؤسسات الخاصة، وغير الرسمية وقف أنشطتها، ولقاءاتها مع الجانب الإسرائيلي، منها اتحاد المقاولات.
في المقابل لم تعلن إسرائيل عن تراجعها عن استضافة المغرب في المعرض العالمي للسياحة، والذي سيعقد شهر يونيو/حزيران المقبل.
تشير الباحثة إلى أن المغرب "سبق وأغلق المغرب مكتب الاتصال احتجاجا على سياسة العنف التي انتهجها شارون ضد الشعب الفلسطيني، وأبقى على علاقات التعاون الأمني، ولم يمنع المغاربة من السفر إلى إسرائيل، وظلت العلاقات الاقتصادية غير المباشرة قائمة".
توقف الإجراءات
حتى الآن لم يفتتح مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب، ولا المغربي في إسرائيل، بشكل رسمي، وهو ما يُرجح معه وجود تأثيرات لأحداث الشيخ جراح، وعملية حارس الأسوار، وأنها قد تبطئ المفاوضات حول الانتقال من تمثيلية دبلوماسية في شكل مكتب اتصال، إلى تمثيلية دبلوماسية في شكل سفارة، وأنه يمكن الاكتفاء الآن بمكتب اتصال إلى إشعار أخر، بحسب الباحثة.
وشددت درشول على أن "المغرب يدعم عملية السلام في المنطقة، وأن قيام المغرب بخطوة استئناف العلاقات مع إسرائيل يقينا منه بأن المفاوضات والحوار، هما الطريق الأمثل نحو سلام شامل وعادل".
وترى درشول أن المغرب لن يقبل بتجاوزات نتنياهو، واليمين الإسرائيلي، ولا يمكن أن يقبل بسياسة "الغدر" و"الأمر الواقع".
وتشهد الساحة الفلسطينية مواجهات منذ عدة أيام مع الجانب الإسرائيلي، في ظل عمليات قصف متبادلة سقطت على إثرها مئات الضحايا، فيما هدمت نحو 10 آلاف منزل منذ في قطاع غزة إثر القصف الإسرائيلي.