وتتفاوض تونس على قرض بقيمة 4 مليار دولار، إلا أن الخبراء يتوقعون عدم موافقة الصندوق على القيمة، وأن تونس قد تحصل على نحو 2 أو 3 مليارات دولار.
وتحتاج تونس إلى ما يزيد على 18.5 مليار دينار لتحقيق التوازن بين نفقاتها ومواردها، بعد أن بلغ عجز الموازنة 7.3% من الناتج المحلي.
كما سجلت تونس عجزا بنسبة 11.5% في نهاية 2020، ونسبة نمو سلبية للاقتصاد في حدود 8.8 % بسبب تداعيات أزمة جائحة كورونا.
وتواجه الحكومة التونسية أزمة مع الداخل، خاصة أن من بين التعهدات المقررة، تجميد الزيادة في الأجور خلال سنة 2021 وخفض نسبتها من 17.4% من الناتج الداخلي الخام في 2020 إلى نسبة 15% في سنة 2022.
وبحسب الخبراء فإن "كتلة الأجور قدرت بـ 19030 مليون دينار تونسي خلال سنة 2020، أي ما يعادل 60.6% من الميزانية.
ويرى الخبراء من الجانب التونسي أن "القرض لن يقدم أي شيء، حيث سيذهب لسداد الأقساط المستحقة عام 2021، إلا أنه يعد بمثابة ضمان ومحاولة رفع التصنيف الائتماني لتونس".
وكانت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني خفضت خلال فبراير/ شباط الماضي تصنيف الإصدار الطويل الأجل للعملة الأجنبية والمحلية لتونس من B2 إلى B3، وحافظت على توقعاتها السلبية.
من ناحيته، قال البرلماني التونسي حاتم المليكي، إن "الحكومة التونسية لم تستطع أن تقدم برنامج حقيقي لإنقاذ الاقتصاد التونسي من الأزمة الحالية".
وأضاف المليكي في حديثه لـ "سبوتنيك"، أنه "كان من المفترض العمل مع المنظمات الوطنية على بلورة تصور جديد لدفع النمو والاستثمار، عوضا عن التركيز عن سياسة تقشفية ذات عواقب كارثية مرفوضة من كل مكونات المجتمع التونسي".
ويرى البرلماني أن "التركيز على الاقتراض عوضا عن إنقاذ الاقتصاد الوطني، يعني أن المقاربة الحكومية ستؤدي إلى مزيد من التداين دون تحريك الاقتصاد والاستثمار".
من جهته، قال الخبير الاقتصادي، معز الجودي، إن "لجوء تونس للمرة الثالثة للاقتراض من صندوق النقد الدولي، يعني أن الاقتصاد الوطني في حالة احتضار".
وأضاف الجودي في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الحكومات المتعاقبة لم تقم بتعهداتها بشأن الإصلاحات المنتظرة من قبل صندوق النقد، وهو ما يضعف موقف المفاوض التونسي الآن، خاصة أن القروض السابقة لم تصل إلى أهدافها".
وأضاف: أن "البرنامج الحالي سيكون صعبا على مستوى الشكل والمضمون، خاصة أنه بدأ في وقت متأخر، في ظل استياء صندوق النقد من عدم جدية الحكومة في التعامل مع الوضع الاقتصادي".
ويرى الجودي أن "الإصلاحات الأساسية المتعلقة بالمؤسسات العمومية والوظائف العمومية، ومنظومة الدعم، والإصلاح الجبائي، والصناديق الاجتماعية، وهي محل خلاف بين الداخل التونسي".
وأشار إلى ضرورة القيام بالإصلاحات المطلوبة من قبل صندوق النقد، إلا أن المناخ السياسي في تونس يصعب الموقف.
وتابع: أن "الخلافات السياسية الحالية تخلق حالة من عدم الاطمئنان لدى صندوق النقد الدولي، ولا يثق في إمكانية تفعيل البرنامج الإصلاحي الذي يحتاج إلى عمل مكثف وقرارات جادة".
وأضاف: "هناك مخاطر عدة تترتب على تطبيق الإصلاحات المطلوبة، خاصة فيما يتعلق بتراجع القدرة الشرائية، إلا أن الحكومة قد تتجه على عدم رفع الدعم في المرحلة الأولى عن المواد الأساسية.
من جهته، قال الناطق الرسمي باسم حزب "قلب تونس"، الصادق جبنون: "إن القيمة التي تتفاوض عليها تونس مع صندوق النقد والمقدرة بـ 4 مليار دولار ليست نهائية، حيث ستحدد عملية التفاوض القيمة النهائية".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "أهمية القرض أنه يعتبر كوثيقة اعتماد لتونس، خاصة أمام تدهور التقييم السيادي لتونس من قبل المنظمات الاقتصادية".
ويتوقع جبنون أن "القرض قد يكون في حدود 2 أو 3 مليار دولار، إلا أنه يدفع نحو تشجيع المقرضين بالعودة إلى السندات السيادية التونسية".
وشدد على أهمية القرض، إلا أنه سيتطلب مفاوضات صعبة وعسيرة، في ظل اشتراط صندوق النقد إنجاز الإصلاحات من خلال العديد من الإجراءات منها خصخصة المؤسسات العمومية المتعثرة، وإعادة هيكلة الأجور، وكذلك فيما يتعلق بالدعم، وهو ما يواجه بالرفض من قبل الاتحاد العام للشغل.
ويرى جبنون أنه "على الحكومة التونسية التوفيق بين متطلبات صندوق النقد والوضع الداخلي التونسي، وأنها عملية صعبة تحتاج إلى إقناع صندوق النقد بخصوصية الوضع الداخلي في تونس".