وقال مصرف لبنان المركزي، أمس الخميس، إنه لا يمكنه مواصلة استيراد المستلزمات الطبية المدعومة دون المساس بالاحتياطيات الإلزامية للمصارف، مطالبا السلطات المعنية كافة بإيجاد الحل المناسب "لهذه المعضلة الإنسانية والمالية المتفاقمة".
وقال مراقبون إن ما يحدث ما هو إلا عملية ابتزاز من قبل مصرف لبنان والطبقة السياسية الحاكمة التي هربت الأموال للخارج، وهو ما يعني أن لبنان على حافة الإفلاس، وأن أموال اللبنانيين آخذة في النفاد.
الاحتياطي الإلزامي
وأكّد مصرف لبنان في بيان أن المبالغ التي تمّ تحويلها إلى المصارف لحساب شركات استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية وحليب الرضع والمواد الأولية للصناعة الدوائية، من بداية العام وحتى الآن، تعادل 485 مليون دولار، ويضاف إليها الملفات المرسلة إلى مصرف لبنان وتساوي 535 مليونا، وفقا لسكاي نيوز.
وأشار المصرف المركزي إلى أنه منذ بدء العمل بآلية الموافقة المسبقة تسلم 719 طلبا، بقيمة 290 مليون دولارا أمريكيا ليصبح إجمالي الفواتير يساوي 1.3 مليار دولار.
وبناء عليه، طلب مصرف لبنان من السلطات المعنية كافة إيجاد الحل المناسب لهذه المعضلة الإنسانية والمالية المتفاقمة، خاصة وأن الأدوية وباقي المستلزمات الطبية معظمها مفقود في الصيدليات والمستشفيات، وقد أفاد وزير الصحة بشكل صريح وعلني أن هذه الأدوية متوفرة في مخازن المستوردين.
ضغط سياسي
بدوره اعتبر سركيس أبوزيد، المحلل اللبناني أن تلميح البنوك لإمكانية اللجوء للاحتياطات الإلزامية، نوع من التهديد والضغط، بعد سرقة هذه المصارف لأموال المودعين، وتهريبها للخارج، مؤكدًا أن اللجوء لهذه الأموال تعقد الأزمة الاقتصادية، وتضيع مباشرة أموال المودعين.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، البنوك اللبنانية تقوم بمخططات جديدة من أجل سرقة أموال المودعين المتبقية لديها، تحت مسميات وذرائع شتى، والمطلوب الآن تدخل الدولة بشكل سريع.
ويرى أبوزيد أن الدولة اللبنانية عليها الآن اتخاذ خطوات سريعة لحل الأزمة، ومنها الحجز على الممتلاكات التي تعود للمصارف، حتى تصحح أوضاعها، باعتباها من ضمن الشركاء المسؤولين عن وصول البلاد لهذه الحالة.
وأوضح أن التهديدات والتلميحات غير المسؤولة من قبل المصارف اللبنانية، سيكون لها الكثير من الانعكاسات السلبية، والتي بدورها ستدفع الوضع المالي والاقتصادي إلى مزيد من الانهيار والأزمات، ما يقرب لبنان من خطر الإفلاس.
وأكد أبوزيد أن هذه الأمور الخطيرة لا تحل بالترقيع، ويجب أن يكون هناك تصور شامل وقرار موحد، وذلك لن يحدث إلا بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية تعبر عن جميع القوى، لاتخاذ الإجراءات الإصلاحية الجذرية الضرورية لإنقاذ البلاد من الهلاك.
عملية ابتزاز
من جانبه قال الناشط المدني اللبناني، أسامة وهبي، إن سياسة الدعم في لبنان تعتمد على أموال المودعين في البنوك، وهذا الدعم غير المدروس والعشوائي الذي يعطى للغني والفقير يستفيد منه التجار والمحتكرين الذين يحصولون على البضائع بأسعار قليلة وبكميات كبيرة لتهريبها إلى الخارج بالدولار، لتحقيق أرباح خيالية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذه السياسة تعني أن أموال اللبنانيين تتبخر بشكل سريع وآخذة في النفاد، ومصرف لبنان بهذه التلميحات يؤكد أن سياسة الدعم ستكون من الاحتياطي الإلزامي، أي آخر 15% من أموال المودعين في المصارف.
ويرى أن هذا يعني أن هناك توجهًا للمس بحجر الزاوية الذي يحافظ على النظام المصرفي والاقتصاد اللبناني، ويؤكد أننا ذاهبون إلى الإفلاس الكامل والانهيار الشامل، وهذا له تبعات خطيرة جدًا.
وأكد أن حاكم مصرف لبنان يقول للبنانيين إما ندعم السلع الأساسية والدواء من أموالكم، وإما رفع الدعم وتصبح الأسعار مرتفعة جدا ما يحول دون حصول اللبنانيين على المواد الأساسية والدواء والبنزين.
بالتالي (والكلام لا يزال على لسان وهبة)، فإن هذا النظام المصرفي والطبقة السياسية الفاسدة هربت أموالها الخاصة للخارج وتريد تدفيع الشعب اللبناني هذه الخسائر نتيجة سياساتهم الفاشلة من جيوبهم، وتبتزهم بعملية الدعم.
وأوضح الناشط اللبناني، أن هذه عملية ابتزاز واضحة بحق الشعب اللبناني، وبحق المودعين الذين تبخرت أموالهم نتيجة المنظومة الحاكمة التي تعمدت تهريب الأموال للخارج.
ودعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كل المودعين في المصارف اللبنانية إلى التقدم بطلبات حجز على الاحتياطي الإلزامي العائد للمصارف في مصرف لبنان أمام دوائر التنفيذ المختصة؛ وذلك استباقاً لما يمكن أن تقوم به السلطة من سطو على أموال الناس بحجج مختلفة مع العلم أنّه قانوناً ومن دون الحاجة إلى أي إجراء يمنع على مصرف لبنان التصرف بهذا الاحتياط.
وكان مصرف لبنان وفي كتاب وجهه إلى وزارة المالية أشار إلى أن المس بالاحتياطي سيؤدي إلى تحميله مسؤوليات قانونية وقضائية والمس بعلاقات مصرف لبنان مع المصارف المراسلة في الخارج.