وبحسب الخبراء فإن التنظيمات اتبعت آلية جديدة في عملية اختيار قادة التنظيمات على شكل انقودي، بدلا من الاعتماد الكامل على رأس الجماعة وزعيمها الأوحد.
في مارس /آذار الماضي، شن تنظيم "داعش" (المحظور في روسيا) هجوما على النيجر في منطقة تاهوا جنوب غرب البلاد ما أدى إلى مقتل 137 شخصا.
وقالت الحكومة، في بيان عرضه التلفزيون، إن "عدد القتلى جراء الهجوم الإرهابي في تاهوا ارتفع إلى 137 شخصا" بعد أن كانت الحصيلة حسب البيانات السابقة عند مستوى 55 قتيلا.
فرصة للإرهابيين
من ناحيته قال محمد علي كيلاني، مدير مركز رصد الصراعات في الساحل الأفريقي، إن اتساع دائرة الصراع السياسي في دول الساحل الأفريقي تمنح فرصة للإرهابيين بالتمدد باتجاه دول الساحل، لاسيما وأن العمليات العسكرية الفرنسية ومنذ بدئها في عام 2012، تواجه مشاكل كبيرة في فرض الأمن في هذه الدول.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن التحولات التي طرأت وسط الجماعات المتطرفة جاءت في سياق التنافس بين قياداتها لأسباب تتعلق بطبيعة قيادة هذه الجماعات، بجانب التنافس بينها، والذي أخذ الطابع الأثني للسيطرة على زمام القيادة العسكرية لها.
ويرى أن احتدام الصراع بين مكونات الجماعة المتطرقة يحدث لأسباب عرقية.
وأشار إلى أن الصراع بين تلك القيادات الإرهابية يؤثر سلبا على عملياتها الإرهابية في المنطقة، إلا أن الخطر سيظل قائما في ظل هشاشة الأوضاع الأمنية والسياسية للأنظمة الإفريقية.
في مارس / آذار 2017 تأسست ما يعرف "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" بقيادة إياد أغ غالي، والتي تضم إمارة القاعدة في المغرب الإسلامي في الصحراء التابعة للجزائري يحيا أبو الهمام، وأنصار الدين التابعة لإياد أغ غالي، والمرابطون التابعون لمحمد أولد نويني المعروف باسم حسن الأنصاري، وجبهة تحرير ماكينا التابعة لأمادو كوفا (جماعات محظورة في روسيا).
استفادة الجماعات
هذه الجماعات تستفيد بشكل كبير من الأحداث الواقعة في بعض الدول بحسب رأي الخبير منها، الانقلاب في مالي عدة مرات، والحرب الدائرة في تشاد، والتي أدت إلى مقتل الرئيس التشادي مؤخرا، أو تأجيج الصراع الدولي، والذي انعكس بصورة كبيرة على الأوضاع جراء التنافس الدولي بين القوى الإقليمية والدولية في هذه المنطقة.
سيناريوهات مرتقبة
فيما يتعلق بالسيناريوهات المحتملة في المنطقة والتي تساعد الجماعات الإرهابية في التمدد، يشير الخبير إلى أنها لا تبدو واضحة المعالم، بسبب تطورات الأحداث بصورة سريعة، وأنه يمكن إجمالها في الآتي:
- هشاشة أنظمة سياسية تتسم ممارستها بالتقليدية والصراع حول السلطة.
- صراع مسلح وأحيانا قبلي بين بعض مكونات تلك الدول.
- تنافس إقليمي ودولي في المنطقة.
- مراوحة العمليات العسكرية الفرنسية مكانها، دون حسم الأمر نهائيا.
- عجز قوات الأمم المتحدة في المنطقة لمواجهة التمرد الداخلي والإرهاب، بصورة أكثر فاعلية.
- تمدد شبكات الإجرام في المنطقة كتهريب البشر والمخدرات والسلاح.
هجوم "داعش"
كما شن تنظيم "داعش" 59 هجوما في عام 2020 و3 هجمات عام 2020 ضد تنظيم "القاعدة" (المحظور في روسيا)، في أفريقيا الغربية بمنطقة الساحل.
ووصفت "النبأ" الصادرة عن تنظيم "داعش"، مقاتلي "القاعدة" بـ"المرتدّين"(جماعات مصنفة إرهابية في روسيا)، في مالي وبوركينا فاسو.
تغيير التكتيك
في هذا الإطار قال الخبير الأمني المغربي محمد اكضيض، إن الجماعات الإرهابية المسلحة لها قناعة بإعادة انتشارها أفقيا وعموديا، بإسناد قيادة فروعها على صعيد الجهات، وفسح المجال أمام أسماء أثبتت قدرتها وكفاءتها على تدبير العمليات الميدانية.
الجماعات تتبع نظام اللامركزية
أما عموديا فإن الجماعات اتخذت من اللامركزية عبر التقسيم الجهوي لمجموعاتها الجهادية القتالية، منها أبوبكر العنابي المتحدر من الجزائر وأبو وليد الصحراوي، من "البوليساريو".
وأضاف أن غاية هذا التعيين في شمال أفريقيا إلى حدود مالي، في حين صور الصراع بين القيادات بأنه تنافس من أجل دولة الخلافة حسب أيديولوجية الفكر المتطرف.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن الجماعات تسعى للانتشار في الدول الهشة جغرافيا، لوجود مساحات شاسعة بطبيعة قاسية غير محروسة من طرف قوات الأمن.
وأوضح أن التنظيمات الإرهابية وجدت ضالتها في دول الساحل والصحراء، وأصبحت المنطقة ملاذا آمنا، وحاضنة من جهة وغاية لتمدد التنظيمات المتطرفة واكتساح المنطقة والأنظمة، وعدم وجود صعوبة في الحصول على السلاح والمال.
تحول على مستوى الشكل
فيما قال الخبير الأمني الجزائري، إدريس عطية، إن التحول الذي حدث في معظم الجماعات من الشكل الهرمي إلى الشكل العنقودي، منح الجماعات الإرهابية القدرة على استخلاف القيادة دون الارتباط برأس التنظيم.
وأوضح أن الصراع القائم بين قيادات التنظيمات يرتبط بالزعامة والتي عادة ما تنقسم بسببها بعض الجماعات.
ويرى أن خسارة مناطق الشام يدفعها نحو البحث عن أماكن جديدة في المنطقة الأفريقية.
وبحسب الخبراء فإن تنظيم "داعش" بدأ استعادة قوته في منطقة الصحراء الكبرى، في ظل تواجد قوي لجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، (جماعات مصنفة إرهابية في روسيا) التي خاضت معارك شرسة مع التنظيم.