ودعت اليونيسف ومنظمة العمل الدولية (ILO) ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO) ومؤسسة إنقاذ الطفل بالأردن إلى تجديد الالتزام الجماعي لإنهاء أسوأ أشكال عمل الأطفال في الأردن بحلول عام 2025.
وفقًا لتقرير عالمي جديد صادر عن اليونيسف ومنظمة العمل الدولية (ILO)، هناك 9 ملايين طفل إضافي في العالم معرضون لخطر الاضطرار إلى العمل بحلول نهاية عام 2022 بسبب جائحة كورونا.
وقالت ممثلة "يونيسف"، في الأردن تانيا شابوزيت إن العواقب المترتبة على أسوأ أشكال عمل الأطفال مروعة، فهو يضعف رفاهية الأطفال البدنية والعقلية والنفسية-الاجتماعية، كما يجعل من حياتهم ومستقبلهم عُرضة للخطر، وفقا لصحيفة للغد الأردنية.
وتتضمن مبادرة "ما بدي أشتغل بدي أتعلم" حملة توعوية تنفذها وزارة العمل في جميع محافظات الأردن خلال الفترة 13- 17يونيو/حزيران الجاري، وتهدف إلى نشر الوعي بين أرباب العمل والأطفال حول التشريعات القانونية والمخاطر المهنية التي قد يتعرض لها الطفل في بيئة العمل.
فقر وبطالة
أكدت كلثم مريش، عضو الهيئة الإدارية في جميعة معهد تضامن النساء الأردني (تضامن)، ورئيسة الاتحاد النسائي في العاصمة الأردن، أن الأردن يعاني من ارتفاع أعداد عمالة الأطفال، لأسباب اقتصادية أهمها الفقر، وكذلك التفكك الأسري، وجائحة كورونا التي أثرت بشكل كبير على الأسرة، وأيضا ارتفاع ظاهرة التسرب من المدارس.
وبحسب حديثها لـ"سبوتنيك"، أظهر المسح الوطني لعمالة الأطفال الصادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، أن نسبة عمالة الأطفال في الفئة من 5 إلى 17 عاما بلغت 75.982 ألف طفلا، بينهم 8868 طفلة تعمل بنسبة تصل إلى 11.6%، وهذا الرقم قابل للزيادة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الأردن.
وأكدت أن جائحة كورونا عمقت من جراح الأردن الاقتصادية، وكذلك زيادة أعداد اللاجئين، وزيادة وتيرة الحروب التي تنعكس على ظاهرة الفقر والبطالة وعمالة الأطفال، لا سيما في ظل إغلاق المؤسسات والمدارس وتعطل أصحاب العمل الخاص.
وترى مريش أن حلول الظاهرة موجودة في حال كانت هناك رغبة حقيقية للتخلص منها، وأهمها التشريعات والعودة للمواثيق الدولية وتطبيقها خاصة لعمالة الأطفال، وكذلك تحديد التشريعات سن العمل المسموح بها، واشتراطات الصحة والسلامة المهنية التي يسمح في إطارها باستخدام عمالة الأطفال.
وتابعت: "هناك ضرورة كذلك لتحديث القوانين المتعلقة بعمالة الأطفال، وخاصة ممن تجاوزت أعمارهم 16 و17 سنة، وإعداد برامج خاصة للمتسربين من المدارس لإلحاقهم بمن في أعمارهم بالمدارس، وتعزيز أدوار المتابعة للجهات الرسمية في الرصد وتبادل المعلومات خاصة بين وزارة التربية والتعليم والتنمية والعمل.
وتشدد على ضرورة أن يكون هناك دورا لمؤسسات المجتمع المدني، للخماية لفئة الذين يعانون من الهشاشة الاقتصادية، وحل مشاكل الفقر والبطالة، وذلك بالتنسيق بين الحكومة والقطاع الخاص لتسهيل استيعابهم للعاطلين عن العمل من الآباء.
وتجد مريش ضرورة ملحة في العودة للتعليم الوجاهي،حيث التعليم في الأردن إلزامي لمرحلة معينة، ويعاقب الآباء الذين يمتنعون عن إرسال أولادهم للمدارس، ما يعالج أزمة تسرب التلاميذ من التعليم.
حلول عاجلة
وتوقع تقرير أصدره بيت العمال الأردني، زيادة عدد الأطفال العاملين في المملكة بنسبة 25% عما كانت عليه في آخر مسح إحصائي تم في عام 2016، وأن يكون عدد الأطفال العاملين قد ارتفع إلى حوالي 100 ألف طفل عامل بعد أن كان عام 2016 حوالي 76 ألفا.
وقال حماد أبونجمة، رئيس بيت العمال الأردني، والخبير الدولي في قضايا العمل، إن مشكلة عمل الأطفال باتت تشكل تهديدًا واضحًا مع ارتفاع معدل البطالة إلى مستوى قياسي (24.7%) وانضمام أكثر من 80 ألف متعطل عن العمل إلى صفوف البطالة خلال عام 2020، وانخفاض أجور أكثر من 500 ألف عامل مما أثر سلبا على دخل ما يقرب من مليونين ونصف مليون مواطن، وتوقف أعمال معظم العاملين في القطاع غير المنظم، وارتفاع معدل الفقر، ونقص الخدمات والحمايات الاجتماعية، في ظل إغلاق المدارس والتعليم عن بعد.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، دفع هذا الأمر العديد من الأسر التي فقدت عملها ومصدر رزقها أو تعرضت لتخفيض دخل معيلها إلى الزجّ بأطفالها إلى سوق العمل من أجل توفير قوتها اليومي.
ويرى أبونجمة أن هناك حاجة ماسة إلى تحديث البيانات الخاصة بعمل الأطفال لقياس مدى الأثر الذي سببته الجائحة، حيث لا تتوفر سوى أرقام المسح الوطني لعمل الأطفال عام 2016، الذي كان يشير إلى أن عدد الأطفال العاملين في الفئة العمرية (5-17 سنة) كان يبلغ حوالي 76 ألف طفل، منهم حوالي 70 ألف طفل يعتبر تشغيلهم مخالفا للقانون، يعمل ما يقرب من 45 ألف منهم في أعمال تصنف بأنها خطرة وفق معايير العمل الدولية وقانون العمل.
وأكد أن مصادقة الأردن على الاتفاقيات الدولية في مكافحة عمل الأطفال، والقوانين التي تمنع تشغيل الحدث إذا لم يكمل 16 عامًا، ومنع تشغيله في الأعمال الخطرة والشاقة والمضرة بالصحة قبل بلوغه سن الـ 18، لم تفلح في الحد من هذه المشكلة التي ما زالت تتفاقم سنويا، وما زالت حالات المخالفات التي يتم ضبطها والتي تبلغ سنويا ما يقرب من 500 حالة ضئيلة جدا مقارنة بعدد الأطفال العاملين، في وقت افتقدت فيه السياسات والبرامج الخاصة بالحد من عمل الأطفال للتنسيق الفعال بين الجهات المعنية لتنفيذها.
واعتبر رئيس بيت العمال أن صدور "الإطار الوطني للحد من حالات الأطفال العاملين والمتسولين" وكذلك "دليل إجراءات التعامل مع حالات الأطفال العاملين والمتسولين" وإقرارهما من مجلس الوزراء في مارس/ آذار من هذا العام يمثل نقلة نوعية في التعامل مع حالات عمل الأطفال.
وشدد على ضرورة إعادة تشكيل الفريق الوطني لعمل الأطفال ووضع آلية عمل محكمة له من حيث المهام والصلاحيات وفعاليتها وتضمن دورية اجتماعاته، وكذلك تحديث الاستراتيجية الوطنية للحد من عمل الأطفال واعتمادها من مجلس الوزراء بحيث تكون ملزمة لجميع الجهات ذات العلاقة، كما أوصى بأن يتم اتخاذ إجراءات عاجلة على مستوى السياسات الاجتماعية للمساهم في التصدي لهذه المشكلة، وتطوير سياسات الحد من الفقر، وتحسين الظروف الإقتصادية لأسر الأطفال المعرضين للانخراط في سوق العمل، وتطوير سياسات الحد من البطالة، وشمول عمال المياومة والعاملين لحسابهم الخاص بمظلة الضمان الإجتماعي، وربط الأسر المتضررة بشبكات الأمان الاجتماعي، وتطوير نظام متابعة لأسر الأطفال العاملين والمشردين لتقديم الدعم الاجتماعي والإرشادي لهم.
وينسجم قانون العمل الأردني وفقا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) مع أهم الاتفاقيات الدولية في مجال مكافحة عمل الأطفال، ومنها اتفاقية حقوق الطفل التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، واتفاقيتا العمل الدوليتان الأولى رقم 138 الخاصة بـ"الحد الأدنى لسن الاستخدام" والثانية رقم 182 الخاصة بـ"حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال".
ويمنع قانون العمل الأردني تشغيل الحدث إذا لم يكمل السادسة عشرة من عمره، ويحظر تشغيله في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة قبل بلوغه الثامنة عشرة من عمره، على أن لا تزيد ساعات عمله عن 6 ساعات، وأن لا يتم تشغيله ليلا وفي الأعياد والعطل الرسمية والأسبوعية.