بحسب اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، فإن الأعداد المعلنة داخل مراكز الإيواء والتي تبلغ نحو 4 آلاف، ما هي إلا نسبة قليلة من 700 ألف فوق التراب الليبي، بحسب إحصاءات لمؤسسات معنية بالأمر.
محاولات توطين هؤلاء المهاجرين ليست وليدة اللحظة، وربما أن الإشارة التي جاءت في البيان الختامي لمؤتمر برلين الثاني بشأن العودة الطوعية للمهاجرين غير الشرعيين، ما هي إلا حلقة في عملية تثبيت التوطين في ليبيا.
وجاء في البند 53 بشأن المهاجرين غير الشرعيين: "ندعو السلطات الليبية المؤقتة إلى تسهيل الدعم الإنساني ورحلات الإجلاء الإنساني والمغادرة على أساس طوعي دون انقطاع".
تسلسل زمني
في مارس/آذار الماضي، جددت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، رفضها الاستمرار العمل بمذكرات التفاهم حول الهجرة غير الشرعية التي تم المصادقة عليها بين إيطاليا ومالطا، والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني السابقة خلال سنوات 2017 و2020م.
وذكرت اللجنة، أن ليبيا ليست طرفا في اتفاقية شؤون اللاجئين لسنة 1951 ولا البروتكول الملحق بها لسنة 1967، وبالتالي "فإنها غير ملزمة بأي التزام ترتبه تلك الاتفاقية".
وفي ديسمبر 2020، قال وزير الدفاع بحكومة الوفاق الليبية صلاح النمروش: "اتفقنا مع الجانب الإيطالي على التعاون في مجالات التدريب والتعليم العسكري وتبادل الخبرات والدعم والتطوير والصيانة والاستشارات والتعاون في مجال الهجرة غير الشرعية وأمن الحدود البرية والبحرية وعمليات التخلص من الذخائر والألغام وعمليات الإغاثة في حالات الكوارث الطبيعية".
وفي فبراير/ شباط 2017 وقعت السلطات الإيطالية مذكرة تفاهم مع ليبيا لوقف الهجرة غير الشرعية، وقال المجلس الرئاسي، إن "الاتفاقية وقع عليها أيضا أعضاء المجلس الرئاسي قبل التوقيع النهائي، وإنها خضعت لمشاورات من قبل لجان فنية استمرت 7 أشهر من النقاش".
اتفاقية 2017
في مارس/ آذار 2017، قضت دائرة القضاء الإداري بمحكمة استئناف طرابلس، بوقف تنفيذ مذكرة التفاهم التي وقعها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق مع إيطاليا مطلع فبراير من نفس العام، بشأن قضية الهجرة غير الشرعية، بحسب بوابة الوسط.
وكان محامون تقدموا نيابة عن عدد من المواطنين بطعن أمام دائرة القضاء الإداري بمحكمة استئناف طرابلس، ضد قرار توقيع مذكرة التفاهم الموقعة بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج والحكومة الإيطالية مطلع شهر فبراير من ذات العام .
واستندت صحيفة الطعن إلى عدة أسباب بين دستورية وقانونية تتعلق بانعدام صفة المجلس الرئاسي لتوقيع المذكرة، وعدم تشكيل حكومته وبين أخرى فنيّة تتعلق بصلب المذكرة الموقعة.
قواعد بحرية
في الثاني من أغسطس 2017، صادق البرلمان الإيطالي على مشروع قانون بإرسال بواخر إلى المياه الليبية لأجل وقف الهجرة غير القانونية ومنع تهريب البشر في اتجاه أوروبا، في اتفاق بين إيطاليا وحكومة فايز السراج، وهو ما رفضه برلمان مدينة طبرق، واعتبره حقوقيون محاولة لتثبيت توطين المهاجرين في ليبيا.
موقف حقوقي
من ناحيته، قال أحمد عبد الحكيم حمزة مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، إن محاولة توطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا ليس بجديد.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الأمر طرح بقوة منذ سنوات، وأن الدول الأوروبية تعمل على إيجاد بدائل لاستقبال المهاجرين غير الشرعيين عبر ليبيا.
وأوضح أن مذكرات التفاهم التي وقعت في وقت سابق بين حكومة الوفاق وبعض الدول من الاتحاد الأوروبي بصفة فردية، ومنها مالطا وإيطاليا، تمثل انتهاكا للقانون الدولي وتنصلا من مسؤوليات الدول الأوروبية بشأن حماية المهاجرين غير الشرعيين.
وشدد على أن الدول الموقعة على اتفاقية عام 1951 بشأن قبول المهاجرين وطالبي اللجوء يقع على عاتقها الكثير من المسؤوليات لتحمل مسؤولياتها.
تعمد دولي لتوطين المهاجرين
ويرى الحقوقي الليبي، أن
بعض التحركات الدولية مررت قضية الهجرة وظروف الاحتجاز في مراكز الإيواء في اتفاقيات دولية، وكذلك بعض البيانات التي تضمنت المطالبة بإطلاق سراحهم من مراكز الإيواء تطرح الكثير من التساؤلات، خاصة بشأن تضمينها في مخرجات مؤتمر برلين.
وأشار إلى أن تضمين مثل هذا البند إلى جانب نقاط ذات أولوية خاصة لاستقرار الأزمة الليبية، وهو ما يثير الريبة بشأن النوايا الدولية.
ويبلغ عدد المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا أكثر من 700 ألف مهاجر، حسب آخر الإحصاءات، في حين أن الأعداد داخل مراكز الإيواء ما بين 3 و 4 آلاف فقط.
وشدد على أن اقتصار التوصيف على العودة الطوعية لبلدانهم يمثل كارثة، دون التأكيد على عدم الإبقاء على أي مهاجرين في الأراضي الليبية.
في الإطار قال الدكتور علي الصول عضو البرلمان الليبي، إن مخاطر عدة تترتب على الخطوة، من حيث الناحية الديموغرافية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الداخل الليبي مجمع على رفض أي عمليات توطين للمهاجرين على الأراضي الليبية، وأنهم سيواجهون أي محاولات لذلك ولن يسمحوا بها.
حصيلة التعاون
شنت منظمات إنسانية دولية هجوما حادا على الاتفاقية التي وقعتها إيطاليا مع حكومة الوفاق غير الشرعية، قبل 4 سنوات.
وطالبت المنظمات الإنسانية البرلمان الإيطالي بإلغاء فوري للاتفاقية بعد "4 سنوات من الفشل وسوء المعاملة"، واستئناف أنشطة البحث والإنقاذ المؤسساتية على طريق وسط البحر المتوسط.
حصيلة قاتمة
في فبراير /شباط 2021 قالت منظمات الدراسات القانونية حول الهجرة، أطباء بلا حدود، إيميرجنسي، أوكسفام، و"ميديتيرانيا"، في بيان مشترك، إن "الحصيلة بعد أربع سنوات من الاتفاقية الإيطالية الليبية، حول احتواء تدفقات الهجرة، قاتمة على نحو متزايد وتعكس فشل السياسة الإيطالية والأوروبية، التي تواصل تخصيص الأموال العامة بهدف وحيد هو منع وصول الوافدين إلى بلادنا".
وأكدت المنظمات الإنسانية، أن
منع وصول المهاجرين إلى إيطاليا، "يتم على حساب حماية حقوق الإنسان واستمرار فقدان المهاجرين حياتهم في عرض البحر، بدون وضع أي حل على المدى المتوسط لإنشاء قنوات آمنة لوصول منتظم للمهاجرين إلى إيطاليا وأوروبا".
وبحسب البيان، أنه "منذ توقيع الاتفاقية، أنفقت إيطاليا، مبلغا كبيرا يقدر بـ785 مليون يورو لمنع تدفقات الهجرة من ليبيا، وتمويل المهمات البحرية الإيطالية الأوروبية".
وأضاف البيان، أن "جزءا كبيرا من تلك الأموال (210 مليون دولار)، أنفق بشكل مباشر في ليبيا، دون جدوى".