يأتي ذلك بعد أن دخل قرار السلطات الإسرائيلية بهدم منازل المقدسيين في حي البستان في بلدة سلوان، في القدس المحتلة، حيز التنفيذ، مؤخرا، بعد انتهاء مهلة 21 يوما حددتها لطرد 86 عائلة فلسطينية، قسرا من منازلهم لصالح جمعية عطيرات كوهانيم الاستيطانية، وتعد هذه الخطوة ضمن مخطط إسرائيلي للاستيلاء على حي البستان المقدسي.
واقتحمت قوات عسكرية ضخمة تابعة للجيش الإسرائيلي، ترافقها جرافات وآليات عسكرية، أمس الثلاثاء، بلدة سلوان، ومحيط خيمة الاعتصام في حي البستان.
هدم المنازل
واندلعت مواجهات عنيفة، الثلاثاء، بين الشرطة الإسرائيلية وأهالي حي سلوان في القدس الشرقية، في أعقاب تنفيذ أمر بهدم مبنى فلسطيني في الحي.
وذكرت قناة "كان" الإسرائيلية الرسمية، أن المواجهات اندلعت بين قوات الشرطة وبلدية القدس الإسرائيلية وسكان حي سلوان الفلسطينيين، خلال تأمين عملية هدم مبنى "غير قانوني" في الحي المذكور.
وتعرضت القوات التي وصلت إلى الموقع للرشق بالحجارة وأصيب شرطيان، لحقت أضرار بثلاث مركبات، كما اعتقل ثلاثة فلسطينيين.
والمبنى الذي تم هدمه هو واحد من بين 17 مبنى فلسطينيا في حي سلوان الذي يقول المقدسيون إنه يتعرض لعملية تهجير واسعة النطاق لسكانه من قبل السلطات الإسرائيلية لصالح المستوطنين.
وقالت القناة: "كجزء من العملية، تخطط بلدية القدس في الأيام المقبلة لهدم عدة مبان غير قانونية في منطقة البستان وهي منطقة صدرت بحقها أوامر هدم استنفدت الإجراءات القانونية بحقها، وبدأ اليوم هدم أول مبنى من أصل 17".
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، إن
"جريمة هدم المنازل والمنشآت التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في حي البستان ببلدة سلوان بالقدس المحتلة، امتداد لعملية التطهير العرقي واسعة النطاق ضد المواطنين المقدسيين التي مارستها الحكومات الإسرائيلية السابقة، وتستكملها الحكومة الحالية".
وأعربت بعثة الاتحاد الأوروبي في فلسطين عن أسفها لطرد السلطات الإسرائيلية مواطنين من أهالي القدس من منازلهم في حي البستان في بلدة سلوان، ولإصابة 4 أشخاص في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية إثر هدم متجر في الحي.
وأفادت البعثة، عبر حسابها الرسمي على تويتر، أمس الثلاثاء، بأنه "في حي البستان في مدينة القدس، أكثر من 1000 فلسطيني مهددون بالطرد وهدم منازلهم"، موضحة أن "أنشطة الاستيطان، بما في ذلك عمليات الإخلاء والهدم في الحي، غير قانونية بموجب القانون الدولي وتقوض آفاق السلام".
جريمة حرب جديدة
اعتبر المستشار زيد الأيوبي، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، أن الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل في مدينة القدس تنذر بجريمة حرب جديدة بحق أهالي حي البستان، من خلال هدم منازل المقدسين، وتهجيرهم قسرا، بهدف إحلال المستوطنين الإسرائيليين مكانهم.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، أكد الأيوبي أن القيادة الفلسطينية ومن خلفها الشعب الفلسطيني لن يقفوا صامتين حيال هذه الجرائم، والتي تمهد لتوتير الأوضاع والتصعيد بين الفلسطينيين والمستوطنين من جديد.
ويرى الأيوبي أن المجتمع الدولي عليه التدخل بجدية هذه المرة، للضغط على حكومة بينت الإسرائيلية للتراجع عن جرائم التطهير العرقي والتهجير القسري بحق المقدسيين، مؤكدا أن الإدانات والاستنكارات لم تعد كافية لردع إسرائيل التي تضرب بكل القوانين والقرارات الدولية عرض الحائط.
وطالب الأيوبي المجتمع الدولي بإرسال قوات حماية دولية للمقدسيين ولجان تحقيق دولية لتوثيق كل ما يجرى في القدس على أرض الواقع، ولإثبات جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المقدسيين.
وأشار القيادي في حركة فتح، إلى أن إسرائيل تهدف من خلف هذه الجرائم إلى تقويض إقامة الدولة الفلسطينية من خلال فرض واقع استيطاني في القدس، بشطب تاريخ المدينة وعروبتها.
استهداف الهوية الفلسطينية
بدوره، اعتبر الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية أن استمرار إسرائيل بعمليات الهدم في المدن الفلسطينية بالقدس يدل على عدم وجود رغبة لديهم بتحقيق السلام.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، إسرائيل مستمرة بطغيانها، وعدوانها على الإنسان والأرض والشجر والبيوت والممتلكات والمساجد والكنائس، حيث تستهدف بالدرجة الأولى الهوية الوطنية الفلسطينية بكل مكوناتها.
ويرى شعث أن التهاون الدولي مع إسرائيل يمنحها مزيدا من الغطرسة والطغيان ويسمح بها بمزيد من الهدم والتدمير والقتل والاعتقال والتعذيب الهمجي للأطفال والنساء.
ويعتقد شعث أن عدم تحرك المجتمع الدولي، لا سيما مجلس الأمن الدولي، والإدارة الأمريكية للجم إسرائيل وردعها عن ارتكاب هذه الجرائم، فلن يكون هناك أي سلام أو استقرار في المنطقة.
ويذكر أن قرار السلطات الإسرائيلية بهدم منازل المقدسيين في حي البستان في بلدة سلوان، في القدس المحتلة، قد دخل حيز التنفيذ، مؤخرا، بعد انتهاء مهلة 21 يوما حددتها لطرد 86 عائلة فلسطينية، قسرا من منازلهم لصالح جمعية عطيرات كوهانيم الاستيطانية، وتعد هذه الخطوة ضمن مخطط إسرائيلي للاستيلاء على حي البستان المقدسي.
يشار إلى أن بلدية القدس كانت قد قررت، في نوفمبر/تشرين الثاني 2004، هدم منازل المقدسيين في حي البستان بحجة البناء دون ترخيص، فيما بدأت، في مطلع العام التالي، بتوزيع أوامر الهدم على سكان الحي، وقامت خلال العام نفسه بهدم بيوت تابعة لعائلتين فيه، وفق الأنباء الفلسطينية.
وإثر ضغوط دولية، وافقت البلدية عام 2006 على تعليق قرارات الهدم، لحين قيام السكان بـ"ترخيص" منازلهم، وعند قيامهم بتقديم مخطط هيكلي للحي رفض بادعاء ضرورة الحفاظ على تلك المنطقة "مفتوحة".
وكان الدكتور فادي الهدمي، وزير شؤون القدس، قد أكد في لقاء سابق مع "سبوتنيك"، أن الاحتلال يسعى لإخلاء سكان الشيخ جراح من منازلهم، والبالغ عددهم 28 عائلة، وكذلك إجلاء 120 عائلة في سلوان في حي البستان، وعشرات العائلات في مناطق أخرى.