ويطلق البحارة على هذه الحيوانات الغريبة اسم ديدان السفن أو "نمل البحر الأبيض"، لكنها في الحقيقة مجموعة استثنائية من المحارات الملزمية التي تعيش في المياه المالحة والتي تحمل على أجسامها أصدافا صغيرة جداً.
اكتسبت هذه المخلوقات سمعتها السيئة على مر العصور بسبب قدرتها الغريبة على تحطيم كل المنشآت البحرية الخشبية أو غيرها من السفن والموانئ والأرصفة البحرية.
وتحيّر هذه المخلوقات منذ آلاف السنين البحارة بسبب قدرتها الغريبة على التهام الأخشاب بسرعة كبيرة جدا، ولها سجل كبير وقديم بارتكاب "جرائم البحر" الغامضة حيث تسببت بانهيار الكثير من الموانئ والأرصفة البحرية القديمة وغرق السفن الخشبية أو التهامها للمواد الخشبية التي تستخدم بداخل السفن الجديدة.
قدرة "لا تصدق" تميز نمل البحر الأبيض
وبحسب المقال المنشور في مجلة "sciencealert" العلمية المتخصصة، تحت عنوان (الخراب الذي تسببه ديدان السفن لا يزال لغزا بعد آلاف السنين)، لا تزال هذه الديدان الغامضة تشكل مشكلة حقيقية غير معروفة بالنسبة للعلماء.
وأكد عالم الأحياء الدقيقة، روبن شيبواي، من جامعة "بورتسموث" البريطانية أن قدرة هذه الكائنات غريبة جدا، واصفا هذه القدرة بـ"الأمر الذي لا يصدق".
وقال العالم في ورقة بحثية نشرها في مجلة "Frontiers in Microbiology" العلمية المتخصصة بعلم الأحياء الدقيقة، واصفا الجرائم التاريخية لهذه الدودة: "كتب الإغريق القدماء عنها، وفقد كريستوفر كولومبوس أسطوله بسبب ما أسماه (الخراب الذي أحدثته الدودة)، واليوم، تسبب ديدان السفن أضرارًا بمليارات الدولارات سنويًا".
عادة ما تتعلق قدرة هضم الأخشاب لدى المخلوقات التي تتغذى عليها بالميكروبات، ولكن اكتشف أن ديدان السفن، التي هي في الواقع محار، تمتلك أحشاء معقدة وخارقة بشكل مدهش. ولا يستطيع الباحثون معرفة الطريقة التي تستطيع من خلالها هذه المخلوقات التهام "الخرسانة الخشبية" وتحليل مادة اللغنين (الليغنين عبارة عن مركب كيميائي معقد يستخرج في أغلب الأحيان من الخشب، حيث يشكل حوالي ربع إلى ثلث الكتلة الجافة منه. يعد الليغنين من المكونات الجدار الثانوي في الجدار الخلوي للنباتات، وبعض الأشنيات).
الأبحاث ما تزال عاجزة عن كشف السر
يقول عالم الأحياء المجهرية ستيفانوس سترافورافديس، من جامعة "ماساتشوستس" في أمهيرست: "لقد قمت بتحليل الجينوم لخمسة أنواع مختلفة من دودة السفن، بحثًا عن مجموعات بروتينية معينة تنتج الإنزيمات التي نعرف أنها قادرة على هضم اللجنين... لم يظهر بحثي أي شيء، فكيف تقوم ديدان السفن بهضم كل هذا الخشب؟ يبقى ذلك لغزا".
وبحسب المقال، فشلت جميع الأبحاث السابقة التي أجريت على هذه المجموعة من المحار في تحديد أي إنزيمات معروفة تستطيع تحليل مركب اللغنين.