الجزائر - سبوتنيك. الساعة تشير إلى السابعة صباحا، في أحد نقاط بيع الأغنام شرق العاصمة الجزائرية، قطع سمير موال 274 كيلومتر للوصول إلى العاصمة، لبيع آخر الرؤوس حسب حديثه مع وكالة سبوتنيك. يقول، "ككل عام، هناك من يقرر شراء الأضحية في آخر لحظة، لهذا لم أعد إلى مقر إقامتي بعد".
"خفّض الأسعار لكي نشتري"، يقاطعه مواطن مبتسما، وهو يتحقق من سماكة صوف الخروف.
وفي حديث مع وكالة سبوتنيك يقول عبد القادر، موظف في إدارة عمومية، "الأسعار تقريبا مثل العام الماضي، من 180 دولار إلى 500 دولار للحصول على كبش، شخصيا توقعت أن تكون أقل بعد كل ما عشناه من مصاعب هذا العام".
لم يوافق سمير، "لقد بعت تقريبا بنفس الأسعار التي أعلنت عنها الجزائرية للحوم، والتي وصفَت بالأسعار المقبولة (المؤسسة العمومية أعلنت بيع قرابة 2000 رأس بأسعار تتراوح من 30 ألف دينار (210 دولار) إلى 60 ألف دينار (444 دولار".
وعن نسب التقريبية لمبيعاته مقارنة بالعام الماضي، أجاب الموال "كنت أخشى تراجعا أكثر من هذا، لكن الحمد الله بعت العديد من الرؤوس".
وأضاف، "لم يكن بوسعي أن أبيع أرخص، أسعار أعلاف الغنم مرتفعة، وواجهت مشاكل كبيرة في الحصول على الماء في حقولي، وفي الإسطبل كذلك".
سوق الخضروات والفواكه.. الغلاء أول الوافدين
"عيد ضاغط، سنحاول أن نجد فيه بعض نسمات الفرحة"، يقول سليمان، شاب فقد عمله في مجال الإطعام مؤخرا، ليجد نفس يبيع سماعات الهواتف النقالة قبالة السوق الشعبي بباب الواد.
وقال سليمان،
"الوضع المالي صعب، رغم ارتفاع حالات الإصابات بوباء كورونا، لا أريد من الحكومة أن تعود بنا إلى الغلق شبه الكلي، هناك احتجاجات اجتماعية في ولايات عديدة، لأن التبعات الاقتصادية لعامين من كورونا نعيشها اليوم، لم أشتر الأضحية، سأحاول شراء بعض اللحم للأطفال عشية العيد، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها".
على نفس النهج، تستشعر في الأسواق الشعبية مكان تسوق الطبقة المتوسطة، وضعيفي الدخل، الصعوبة البالغة التي يجدها المواطن البسيط أمام غلاء المعيشة.
تقول سيدة طاعنة في السن وهي تقلب الخضروات " الكوسة 280 دينار (أكثر من دولارين) للكيلوغرام الواحد، اللفت ب 240 دينار، الطماطم 100 دينار، الأسعار كلها تضاعفت في أقل من أسبوع"، ارتفاع سببه قانون العرض والطلب حسب بائع الخضار، والذي يقول "بائعو الجملة يرفعون الأسعار، فنقوم نحن أيضا برفعها، لا يمكننا أن نبيع بخسارة".
"على حساب المواطن البسيط"، تجيب العجوز وهي تغادر نحو بائع خضر آخر، علها تجد أسعارا تناسبها.
غير بعيد عن باب الواد، وتحديدا في قلب العاصمة بشارع ديدوش مراد، تحاول العائلات المتكدسة أمام متاجر العلامات العالمية العثور على أحسن توليفة ممكنة، خاصة وأن الباعة يقسمون بأن المنتوجات "أصلية" وسعرها الملتهب مبرر بنوعيتها الرفيعة، فيما يفضل الأطفال التجمع أمام طاولات بائعي الشوارع لاقتناء الحلويات والألعاب بمصروف الجيب.
كورونا.. اللاعب الأبرز
بين غلاء أسعار الأضحية، والمواد الاستهلاكية الأساسية، فرضت الموجة الثالثة من فيروس كورونا التي تضرب الجزائر نفسها على سيرورة العيد، حيث تسجل البلاد يوميا أكثر من ألف إصابة تحصيها وزارة الصحة، دون احتساب الحالات العديدة التي لا تحصيها الوزارة.
وأمام هذه الوضعية اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي بحملات توعية تحذر من الزيارات العائلية، أحد كبرى مميزات العيد، حيث يكرر الجميع نفس الرسالة، "من يحب أهله حقيقة، خاصة المسنين منهم، يجب أن يعايدهم عن بعد، فالمستشفيات لم تعد تتحمل، والأكسجين لا يكفي جميع المرضى، فالحذر الحذر".
ورغم الرواج الكبير لهذه الحملات، والتأثر البادي على الناس مع توالي نعي الناس لأقربائهم، يبقى الالتزام بالتدابير الوقائية في الشارع محدودا، خاصة في الأسواق الشعبية.
وبين من اشترى أنبوبة أكسجين عوض الكبش لمواجهة مرض فرد من أفراد عائلته، ومن يسارع الزمن لتحصين عائلته بالمطهرات والكمامات التي شهدت هي الأخرى ارتفاعا في الأسعار، تقدم العديد من المواطنين لإجراء مسحات الكشف عن فيروس كورونا، للتأكد من عدم إصابتهم بالوباء قبل زيارة عائلاتهم.
"كنت في اتصال مع صديق ظهر أنه مصاب، سأقوم بالمسحة وأنتظر، فإن كانت سلبية سأقضي العيد مع والدتي، غير ذلك سأبقى بعيدا لحمايتها"، يؤكد شاب ينتظر دوره في طابور العيادة، لوكالة سبوتنيك.
الأمر ليس بهذه السهولة بالنسبة للجالية الجزائرية بالمهجر، والتي وجدت نفسها أمام استحالة الحصول على مقعد طائرة باتجاه الجزائر بعد فتح الحدود الجزئي الذي أقرته السلطات.
وفي حال حدثت المعجزة، تعجز معظم العائلات عن دفع الأثمان الباهظة التي تقرها شركات الطيران، والتي بلغ بعضها 700 يورو لرحلة ذهاب بين باريس والجزائر العاصمة، ليقتنع العديد من الجزائريين المقيمين في كل بقاع العالم..أن العيد هذا العام سيكون "بعيدا" كذلك.
ولاحتواء الأزمة التي ستتفاقم أيام العيد في حال لم يلتزم الناس بإجراءات الوقاية، أعلنت اللجنة الوزارية للفتوى ضرورة الالتزام بتدابير عدة في صلاة العيد، على رأسها احترام وقت الدخول إلى المساجد والمصليات والخروج منها، وتخفيفُ صلاة العيد وخطبتيها، وتطبيق لتدابير البروتوكول الصحي في عملية نحر الأضحية.
ولمواجهة الجائحة كذلك، أقرت السلطات اليوم تمديدا لإجراءات الحجر الصحي، مع تطبيق إجراءات الحجر المنزلي الجزئي من الساعة الحادية عشر ليلا، إلى الساعة الرابعة صباحا.