طورخم – سبوتنيك. تلك الحدود كانت في السابق، ملاذا لعناصر إرهابية دولية لاسيما لتنظيم "القاعدة" الإرهابي (المحظور في روسيا).
وبعد قرار حلف شمال الأطلسي "الناتو" والقوات الأمريكية الانسحاب الكامل من أفغانستان، وفي ظل المتغيرات الميدانية التي تحسب لتقدم عناصر حركة "طالبان" المتطرفة (المحظورة في روسيا)، تتعالى المخاوف الإقليمية والدولية من عودة الحركة وسيطرتها على زمام الحكم في أفغانستان.
وهنا تفادت إسلام آباد، هذه السيناريوهات بخطوات استباقية، حيث قامت بتسريع عملية تسييج الحدود مع جارتها أفغانستان لحماية حدودها الغربية، إذ نظم الجيش الباكستاني رحلة خاصة للصحفيين الأجانب إلى المنطقة الحدودية لإطلاعهم على آخر المستجدات في هذه المنطقة.
رحلة إلى الحدود
وفي خضم هذه التطورات التي تعصف بأفغانستان، حرص الجيش الباكستاني على استكمال عملية تسييج الحدود مع أفغانستان، ومن هذا المنطلق قام الجيش الباكستاني بتنظيم رحلة خاصة لمعبر "طورخم" الحدودي، لإطلاع الصحفيين الأجانب على الإجراءات الأمنية الصارمة التي اتخذها الجيش، لمنع تسلل عناصر إرهابية أو مسلحة لداخل الحدود الباكستانية.
وكان وزير الخارجية الباكستاني قد صرح في وقت سابق أن باكستان، لن تفتح حدودها مرة أخرى أخرى لاستقبال لاجئين أفغان على أراضيها.
وقال قائد المنطقة الحدودية لمعبر "طورخم"، العقيد رضوان الله نذير، في حديثه حول الأوضاع الأمنية على الحدود إن الجيش الباكستاني، وضع قواته في أهبة الاستعداد على طول الخط الحدودي، وإن الجيش أنهي المراحل الأخيرة لتسييج الحدود.
وسرد القائد الباكستاني الصعوبات التي واجهها الجيش في التعامل مع تضاريس المنطقة الحبلية، فالمناطق الشمالية الغربية تتنوع فيها التضاريس الجغرافية والصعوبات كانت جمة أمام الجيش في مواجهة تحديات كبيرة في التعامل مع التضاريس الجبلية الوعرة خاصة في منطقة "شترال"، التي ترتفع نحو ألفين أربعمائة متر عن سطح الأرض، وكذلك في أكبر نقطة منخفضة هي بالقرب من العاصمة الأفغانية كابول وهي معبر "طورخم".
وشرح قائد المنطقة الحدودية لمعبر طورخم، الآلية المتقدمة التي استخدمها الجيش في مراقبة الحدود، إذ قام بنشر وربط نقاط المراقبة بمجسات إلكترونية متطورة تتيح لقوات المراقبة رصد العناصر المتسللة عبر الحدود.
كما قام الجيش بتشكيل وحدات خاصة تعتني بتشغيل ومراقبة الحدود، موضحا أن هذه الإجراءات لن تساهم فحسب في مراقبة عمليات التسلل الحدود من أفغانستان إلى الجارة الباكستانية، بل ساهمت بشكل كبير في وق
ت عمليات تهريب البضائع، والتي قضت على تجارة التهريب التي كانت تكبد الاقتصاد الوطني أكثر من 91 مليار دولار سنويا، وهذا ما رفع التجارة البينية بين البلدين إلى 271 مليار دولار.
وأشار المسؤول العسكري، إلى أنه قبل عملية التسييج، كان هناك أكثر من 78 نقطة حدودية يستخدمها المهربون والمسلحون للتنقل عبر الحدود وبعد عملية التسييج تم تقنيين خمس نقاط منها اثنان رئيسيتان للعبور فقط هي معبر طورخم في الشمال الغربي ومعبر " تشامان" الواقع قرب مدينة كويتا في إقليم بلوشيتان بالجنوب الغربي.
وفي معرض رده على سؤال في حال اندلاع حرب أهلية في أفغانستان كيف سيتعامل الجيش مع عمليات تدفع اللاجئين الأفغان، قال إن إسلام آباد لا تستبق الأحداث في أفغانستان، فهي تستضيف أكثر من خمسة ملايين لاجئ أفغاني بالفعل على أراضيها.
وأضاف بقوله "أعتقد أن الحكومة الباكستانية لن تتمكن من استضافة المزيد من اللاجئين في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة".
يجدر الإشارة، إلى أن الرئيس الباكستاني الأسبق، برويز مشرف، هو صاحب مقترح البدء في عملية تسييج الحدود، وهناك خلاف حدودي كبير بين كابول وإسلام آباد حول عملية ترسيم الحدود البرية بينهما، والذي كان يعرف باسم خط "دوران" الحدودي.
وفي هذا الخصوص أكد العقيد ضوان، أنه بعد عملية التسييج أصبحت ملامح الحدود بين الدولتين واضحة، ومعترف بها من قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة.
ولفت إلى أنه لا يوجد أي خلاف حدودي بين الدولتين موضحا أن الوضع الراهن هو الأمر المتفق عليه بين باكستان وأفغانستان.
من المعروف أن هذه المنطقة تعتبر شريط قبائلي يتكون من عشائر قبلية بشتونية العرق، وكان على الجيش الباكستاني أن يضع ذلك في الحسبان قبل الدخول وبدء عملية التسييج.
ففي منطقة " لاندي كوتال"، التقينا زعيم منطقة خيبر التي تقع بالقرب من معبر " طورخم" الحدودي، وصرح لوكالة " سبوتنيك" أن هناك توافق قبلي واتفاق مبرم بين القبائل والجيش.
وقال المسؤول القبلي في هذه المنطقة، خالد خان أقريدي، إن القبائل عانت الأمرين في هذه المنطقة، بسبب العمليات التفجيرية والمسلحة، التي كانت تحدث في هذه المناطق والتي أسفرت عن مقبل العديد من المدنيين وقوات الأمن.
واكد أفريدي، في حديثه إلى " سبوتنيك" أن الضرر الوحيد الذي تسببت فيه عملية التسييج، هو قطع أوصر القرابة العرقية، التي تربط العرق والأسر البشتونية الموزعة بين حدودي البلدين، وهذا ما قد نعاني منه وأصبحت عملية التواصل بيننا وبين أقاربنا على الطرف الآخر من الحدود صعبا، خاصة في حال قرار من قبل الحكومتين في كابول وإسلام آباد بغلق الحدود بينهما لسبب ما.
وأكد أن الحدود سُيجت بين جارتين تربطهما حدود جغرافية وعرقية ومصالح إقليمية، بيد أن عدم استقرار الأوضاع الأمنية في أفغانستان منذ أربعة عقود تقريبا غير من الخارطة الإنسانية والاقتصادية والسياسية والاقتصادية للمنطقة بأسرها، والترقب هو سيد الموقف لما ستؤول إليه الأحداث والسيناريوهات الأنية في الملف الأفغاني.