زيارة أردوغان إلى الإمارات "مودة وتسامح" أم مصالح متبادلة بين البلدين
تابعنا عبر
شكلت زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الإمارات العربية المتحدة منعطفا جديدا في العلاقات بين الدولتين بدأ بتعهد الأطراف بفتح صفحة جديدة وتعاون وتنسيق في مختلف المجالات قد تؤثر بشكل كبير على ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط.
غادر رجب طيب أردوغان الإمارات بعد استضافة "غنية" تمثلت بحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة العربية من الإماراتيين، حيث وصلت إلى حد قيام أحد الفنانين المشهورين بإنشاء أغنية خاصة بالمناسبة باللغة التركية عرضت على القنوات التلفزيونية المختلفة في البلاد.
Birleşik Arap Emirlikleri’ne ziyaretimiz boyunca büyük bir muhabbet ve yakınlık gördük.
— Recep Tayyip Erdoğan (@RTErdogan) February 15, 2022
Şahsıma ve heyetime gösterilen nazik ev sahipliğinden dolayı Abu Dabi Veliaht Prensi, değerli kardeşim @MohamedBinZayed'e şükranlarımı sunuyorum. 🇹🇷 🇦🇪 pic.twitter.com/ECKEDmejtX
التقط أردوغان الإشارات والرغبة الإماراتية في "التصالح والتسامح" وتجسد ذلك من خلال سياسة "مد اليد" التي رد عليها الرئيس التركي بعد ساعات من المغادرة برسالة أبرقها للمسؤولين الإماراتيين قائلا: "لمسنا مودة ومحبة كبيرة طوال فترة زيارتنا إلى الإمارات العربية المتحدة".
زيارة "أردوغان" المكلفة على الإماراتيين
لم تأتي زيارة أردوغان من فراغ، حيث مهدت أبو ظبي لهذا الحدث من خلال زيارات متتالية لمسؤولين إماراتيين إلى أنقرة لحث الرئيس التركي على رد الزيارة لإنهاء الجفاء السياسي بين البلدين، حيث سجلت آخر زيارة لأردوغان إلى الإمارات عام 2013.
استطاعت الاستثمارات الإماراتية والضخ المالي في الاقتصاد التركي (10 مليارات دولارات أمريكية) من تشجيع أردوغان على فكرة رد الزيارة وفتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين، لا سيما بعد التنافس الحاد بينهما على النفوذ في مناطق عدة بينها ليبيا وسوريا واليمن وبعض الدول الأفريقية، بالإضافة إلى نمو العلاقات التركية القطرية في ذروة الأزمة الخليجية والتي زادت الطين بلة.
لكن الزعل والسخط التركي الأهم كان من خلال اتهام أبوظبي علنا بتورطها المباشر بمحاولة الانقلاب العسكري في 15 يوليو/ تموز 2016، حيث أعلن وقتها وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، أن الولايات المتحدة والإمارات تعاونا في تنظيم الانقلاب الفاشل ضد النظام والرئيس أردوغان.
المكرمة الإماراتية لأردوغان
سعت الإمارات بكل ما يمكن لإرضاء أردوغان وشوهد ذلك من لحظة خروجه من الطائرة الرئاسية وصولا إلى القصر، بالإضافة إلى الضيافة العربية الاستثنائية والمكرمات التي حصل عليها الرئيس التركي من خلال التصديق الثنائي على اتفاقيات تتعلق بمجال الصناعة الدفاعية والتجارة والرعاية الصحية والزراعة، بالإضافة إلى اتفاقيات مرتبطة بتغير المناخ والنقل البري والبحري.
كما وقع الجانبان وثيقة لبدء المفاوضات بشأن صفقة تجارية واستثمارية ثنائية سميت بـ "اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة" التي بدورها ستعزز من التجارة بين البلدين عموما والصادرات التركية إلى الإمارات خصوصا، ما سيزيد بالتأكيد حجم التبادل التجاري بين الدولتين.
© AFP 2023 / MUSTAFA KAMACIالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قصر الوطن في أبوظبي، الإمارات، 14 فبراير 2022
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قصر الوطن في أبوظبي، الإمارات، 14 فبراير 2022
© AFP 2023 / MUSTAFA KAMACI
كما اتفق الجانبان على التنسيق والعمل المشترك في المجال الأمني والسياسي لتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة.
في المحصلة، غادر أردوغان الإمارات وفي جعبته العديد من النقاط الايجابية الرابحة، داخليا حصل الرئيس التركي على محفزات هامة لاقتصاده سيستخدمها كرافعة في الانتخابات الرئاسية القادمة. أما على المستوى الخارجي استطاع أردوغان استمالة الإمارات لطرفه بعد قطر ما يعطي انطباعا على نجاح تركيا بخرق المنطقة الخليجية واقترباها من السعودية التي لطالما أكدت أنها تمتلك القرار الخليجي.
أما الإمارات التي تنتهج في السنوات الأخيرة سياسة الانفتاح على الدول المختلفة وتقوم بتعزيز وتوطيد العلاقات من خلال الاستثمارات والاتفاقات والإنفاق المالي كمحفز رئيسي للعلاقات، أعطى ذلك بدوره أبوظبي اهتماما دوليا وعالميا ساهم مؤخرا بالرفع من شأنها وتعزيز دورها الاقليمي والسياسي في المنطقة.
المقال يعبرعن رأي كاتبه