بعد التجديد لها.. هل تنجح البعثة الأممية في إخراج السودان من أزمته السياسية؟
© AP Photo / Abd Raoufعلم السودان
© AP Photo / Abd Raouf
تابعنا عبر
أعلنت الأمم المتحدة تمديد عمل بعثتها في السودان لمدة عام لاستكمال ما تقوم به من محاولة جمع الأطراف السودانية على طاولة الحوار للخروج بالبلاد من أفق الانسداد السياسي بعد أحداث 25أكتوبر/تشرين أول الماضي التي نفذها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان.
هل تنجح البعثة الأممية في تجاوز العقبات والوصول إلى صيغة توافقية بين كل الأطراف وتصل بالبلاد إلى مرحلة الانتخابات والدولة المدنية في ظل رفض من قوى الشارع واستمرار الاحتجاجات؟.
بداية يقول القيادي بجبهة المقاومة السودانية، محمد صالح رزق الله، إن البعثة الأممية أصبح دورها مشكوك فيه، وبالتحديد بعد أن أصبح الاتحاد الأفريقى جزء أصيل منها، وهى إن مدد لها أم لم يمدد لها ليس فى مقدورها الاستجابة لما ينادى به الشارع السوداني الثائر الذى تقوده لجان المقاومة التى استطاعت تجاوز قوى المساومة و البيع والشراء السياسي من أحزاب وتنظيمات سياسية و حركات مسلحة.
الحوار مع العسكر
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك" أن: "طرح لجان المقاومة تقدم كثيرا عن ما تقول به القوى السياسية العاجزة تماما، و غير الجادة في مواكبة ما يمر به السودان من تغييرات تهدف إلى بناء سودان يسع الجميع، لذلك نراها كل يوم في رأي جديد يناقض ما قالت به بالأمس، و يغازلون العسكر و المجتمع الدولى من وراء الكواليس، ويسعون لاختراق قوى الثورة الحية و لجان المقاومة لتدجينها و إثنائها عن خطها الواضح في طرحها لما تراه من حلول لمعضلة البلاد، ورفضها القاطع للتحاور مع عسكر الانقلاب أو الجلوس مع البعثة الأممية التي تسعى بصورة دبلوماسية مراوغة إلى جر قوى الثورة و المقاومة للاعتراف الضمنى بانقلاب الفئة العسكرية بقيادة البرهان و زعيم الجنجويد، و فرضه كأمر واقع".
وأشار رزق الله إلى أن: "البعثة الأممية تسعى إلى خلق نظام في السودان يحافظ على مصالح رأس المال العالمي ومن خلفه من دول الاستكبار و لايجدون حرج في أن يتحالف الانقلابيون مع بعض القوى السياسية المنبطحة لتشكيل هذا النظام، و لا غضاضة حتى وإن اصطحبوا معهم بعض قيادات نظام الإنقاذ الذى لم يسقط تماما بعد، ووكيله البرهان أكبر شاهد على ذلك بتصرفاته بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر".
وتابع القيادي بجبهة المقاومة: "لذلك لن يؤثر التجديد للبعثة الأممية فى المسار السياسى السوداني الراهن، إلا إذا جددت البعثة الأممية من مقاربتها للواقع الموضوعي السوداني و ارتضت أن تكون بعيدة عن مصالح الرأسمال العالمي، و هذا كما يقول المثل لن يحدث حتى يلج الجمل في سم الخياط، وإن حاول البعض من لجان المقاومة الجلوس مع البعثة الأممية و التنازل عن شعارات الشارع الثائر، فيكونون قد حرقوا أنفسهم و سوف يلفظهم الشارع السوداني و قوى الثورة و المقاومة".
فرص النجاح
وأكد رزق الله أنه لا يعتقد أن للبعثة الأممية بشكلها و برامجها الحالية أى فرصة في النجاح في مساعيها، و لا أظنها تقبل بلاءات الثورة الثلاثة (لا تفاوض لا حوار و لا مساومة) مع العسكر، والحقيقة التي لا يتقبلها الكثيرون، هي أن السودان لن يعود إلى ما كان عليه منذ ما سمى بالاستقلال، فقد ولى هذا الوضع و لن يعود إطلاقا من جديد، و هذا هو منطق الحاضر و التاريخ و ديناميكية الحياة، و سيحدث التغيير الجذري و إن أصابت طريقه بعض العقبات، وإن سعى البعض إلى تعطيل مسيرته بكل ما أوتوا من قوة و أدوات و دوما النصر حليف الشعوب الثائرة المتمسكة بثوابت حقوقها الأساسية.
من جانبه يقول السياسي السوداني، خضر عطا المنان إن: "اللجنة الأممية قامت بعمل مسح شامل لكل ما تتعرض له الثورة السودانية من عثرات، لذا تم التجديد لها لعام ٱخر، وفي اعتقادي أن الوضع الراهن يمثل الصراع ما بين الخير والشر ومن تهفو نفوسهم إلى الماضي وبين الوضع الثوري الحالي، فهناك من يريد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لأنهم فقدوا ما كانوا ينعمون به خلال العقود الثلاث الماضية".
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك" أن مهمة البعثة الدولية الٱن تعمل على جمع الأطراف السودانية من أجل الحوار ولو بالحد الأدنى، وتواصل مسيرتها حتى الوصول إلى انتخابات حرة بإشراف دولي، يختار فيها الشعب من يحكمه وكيف يحكمه.
وأكد المنان على أن: "الحوار مع العسكر مرفوض من الشارع ومن كل الفئات الحرة من الشعب، الحوار مع العسكر مرفوض تماما، على أي شىء نتفاوض، العسكر لهم مهمة محددة لا يجب تجاوزها وهي التي أقيموا عليها، كما أن الشراكة معهم محدودة وفي إطار الدور المنوط بهم لبناء الوطن، وكما هو معمول به في كل دول العالم، نحن لدينا إشكالية أن كل من يتخرج من العسكر ومن أول يوم يكون عينه على السلطة، وهذا هو سبب رفض الحوار معهم، لانه لا يمكن أن يكون العسكر جزء من أي نظام حكم ديمقراطي".
كان مجلس الأمن الدولي قد مدد أمس الجمعة، تفويض البعثة الأممية إلى السودان عاما إضافيا في خضم احتجاجات تشهدها البلاد ضد رئيس البعثة الذي يبذل جهودا لحل الأزمة السياسية الناجمة عن إجراءات أعلن عنها الجيش أكتوبر الماضي.
فقد صوت ممثلو الدول الأعضاء في مجلس الأمن بالاجماع لصالح تمديد التفويض الممنوح لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان "يونيتامس" حتى الثالث من يونيو 2023.
نشطت الجهود الدولية والإقليمية في الأشهر الماضية لحل أزمة الجمود السياسي في السودان، كان أبرزها مبادرة بعثة الأمم المتحدة (يونيتامس) مبادرة الاتحاد الأفريقي ومبادرة الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، التي توحدت في "الآلية الثلاثية" لحل الأزمة السياسية.
وتتمحور مبادرة الآلية الثلاثية حول تهيئة الأوضاع من أجل الحوار لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد عبر ترتيبات دستورية وتحديد معايير لاختيار رئيس الحكومة والوزراء ووضع خارطة طريق لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة.
وفي 18 نيسان/أبريل الماضي، أعلنت قوى الحرية والتغيير في السودان، رفضها الدخول في مفاوضات وفق الآلية الثلاثية إلا بعد تهيئة المناخ لذلك، بوقف العنف وإلغاء الطوارئ.
واشترطت أيضا إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين من قوَى الثورة وعلى رأسهم لجان المقاومة وقادة الحرية والتغيير ولجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو/ حزيران واسترداد الأموال العامة.
وكان قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، قد حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين في 25 من تشرين الأول/أكتوبر2021 عقب فشل توصل الأطراف السودانية لإعادة تشكيل مجلس وزراء جديد في ظل تدهور مستمر للوضع الاقتصادي والسياسي والأمني ببعض أجزاء البلاد، بجانب فرض حالة الطوارئ، وتبع ذلك حملة اعتقالات طالت سياسيين معارضين.