إخراج السوريين من لبنان... ما أهداف تصريحات ميقاتي وتأثيرها على العلاقات بين دمشق وبيروت
19:21 GMT 22.06.2022 (تم التحديث: 19:42 GMT 22.06.2022)
© Sputnik . Mohammad Maaroufعودة النازحين السوريين من لبنان
© Sputnik . Mohammad Maarouf
تابعنا عبر
تصريحات مثيرة أطلقها رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي، عن إمكانية إخراج النازحين السوريين من بلاده، في حال فشل المجتمع الدولي في التعاون من أجل إعادتهم لسوريا.
وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، أن لبنان يعاني من أزمة غير مسبوقة، ما يتطلب تسليط الضوء على ما يحتاجه البلد، الذي يستضيف نسبة كبيرة من النازحين السوريين قياسا إلى عدد السكان، من مقومات مالية واقتصادية لإنهاض قطاعاته كافة.
ويتساءل البعض عن طبيعة التصريحات اللبنانية والهدف منها، وسط مخاوف من أن تثير أزمة سياسية بين بيروت ودمشق، في ظل الدعم والتعاون المتبادل بينهما.
تصريحات ميقاتي
ونقلت وكالة "النشرة" تصريحات ميقاتي الذي شدّد على أن "من المهم الآن أيضا، وأكثر من أي وقت مضى، إعطاء الأولوية لدعم الإدارات المحلية والمرافق والبنى التحتية والموارد والخدمات العامة المنهكة بسبب الضغط البشري، بالتوازي مع الدعم الإنساني للفئات الأكثر حاجة من النازحين السوريين والمجتمعات اللبنانية المضيفة".
وأكد ميقاتي أنه "على مدى السنوات الإحدى عشرة الماضية، تحمل لبنان عبئا ضاغطا لا يحتمل، بسبب وجود أكثر من 1.7 مليون نازح سوري ولاجئ فلسطيني يعيشون في جميع أنحاء البلاد، أي في 97% من البلديات في كل لبنان"، مبينا "أننا استقبلنا النازحين السوريين بحفاوة وقناعة، هذا هو واجبنا الإنساني. وقد أظهر لبنان أعلى مستويات الاحتضان والضيافة للنازحين السوريين، على الرغم من حقيقة ضعف وهشاشة مجتمعاتنا المضيفة التي تزداد حاجة وعوزا".
وأشار ميقاتي إلى أن "دعم البلديات بمشاريع حيوية مستدامة أمر حيوي وأساسي، ما يسهم في تخفيف الاعباء الناجمة حاليا عن الأكلاف التشغيلية الباهظة، وعدم القدرة على الاستمرار في أداء المهام بفعالية"، جازما أن "وضعنا الحالي اختلف جذريا عما كان عليه سابقا، لأننا نمر الآن بواحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية في العالم. نتيجة لذلك، يعيش نحو 85 في المئة من اللبنانيين الآن تحت خط الفقر".
كما أوضح أن "نحو ثلث سكان لبنان هم الآن نازحون يعانون من فقر أيضا، ما يعني انه بعد 11 عاما على بدء الازمة السورية، لم يعد لدى لبنان القدرة على تحمل كل هذا العبء، لا سيما في ظل الظروف الحالية. لذلك لا يمكننا إهمال اللبنانيين في المجتمعات المضيفة الذين يعيشون أيضا في ظروف أكثر صعوبة وهشاشة من أي وقت مضى". وبيّن أن "لذلك، يعتمد لبنان عليكم الآن في مساعدتنا في الحفاظ على الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي".
وركز ميقاتي، قائلا: "إننا، اذ نتفق وإياكم اليوم، على أن الأزمة السورية ليست "أزمة طبيعية" يمكن مواجهتها بالوسائل العادية، نجدد المطالبة بوجوب تحقيق العودة الكريمة للنازحين السوريين إلى بلدهم"، لافتا إلى "أننا نشجع الحكومات الشريكة والصديقة والفاعلة والأمم المتحدة على مضاعفة الجهود لتحقيق العودة الآمنة للنازحين الى سوريا، كما ندعو إلى زيادة المساعدة للسوريين في بلدهم لدعم المجتمعات للترحيب بالعائدين. نحن بحاجة أيضا إلى أن نرى مضاعفة الجهود في الاستجابة للحاجات في لبنان وزيادة التنسيق بين جميع الشركاء، ما يمكننا من عبور آمن للأزمات".
ودعا المجتمع الدولي إلى"التعاون مع لبنان لإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، وإلا فسيكون للبنان موقف ليس مستحبا على دول الغرب، وهو العمل على إخراج السوريين من لبنان بالطرق القانونية، من خلال تطبيق القوانين اللبنانية بحزم".
مخططات الدمج
اعتبر المحلل السياسي الإيراني، سركيس أبوزيد أن الحديث عن طرد النازحين السوريين من لبنان غير مطروح بهذا الشكل، لكن هناك محاولات أوروبية من أجل دمج السوريين في لبنان، وهذا نوع من التوطين المبطن، ولبنان بوضعه الاقتصادي والمالي والسياسي الحالي لا يستطيع أن يتحمل دمج مليوني نازح سوري في بيروت.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، كان هناك محاولات لتسهيل عودة النازحين السوريين إلى الأماكن الآمنة في سوريا، خاصة أن هناك أماكن كثيرة آمنة لهم إذا توفر لهم الدعم العالمي، لا سيما وأن هناك مؤسسات دولية توفر لهم المساعدات، ويمكن توفيرها في سوريا من أجل حل هذه المسألة إنسانيًا وسياسيًا.
وتابع: "هناك اتصالات بين لبنان وسوريا من أجل توفير عودة آمنة ولائقة للنازحين، لكن هذا يتطلب أن يكون هناك حوار جدي وتنسيق بين الدولتين من أجل توفير هذه العودة الآمنة والكريمة، خاصة أن ظروف لبنان الاقتصادية والمالية لم تعد تستطيع أن تتحمل أو أن توفر الخدمات الأساسية للنازحين من كهرباء وماء ومعيشة لائقة، لا سيما وأن عددًا كبيرًا من اللبنانيين تحولوا لحالة الفقر والعوز، إضافة إلى النقص الكبير في المواد الغذائية".
وأوضح أنه إذا كانت المؤسسات الدولية جادة بإيجاد حل إنساني للنازحين السوريين عليها أن تؤمن عودة كريمة وآمنة لهم، وتوفير المساعدات اللائقة لهم في أرضهم وديارهم، وهذا هو المطلب اللبناني الحقيقي.
ابتزاز أوروبا
بدوره اعتبر المحلل السياسي السوري غسان يوسف، أن مطالبة لبنان بترحيل النازحين السوريين لعبة سياسية يمارسها رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي لابتزاز الدول الأوروبية والحصول على مساعدات أكبر كما كانت تفعل تركيا التي حصلت على أكثر من 6 ملايين يورو، ولبنان أيضا يحاول أن يستفيد من ذلك الموضوع مثل الأردن.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، رئيس الحكومة اللبنانية غير جاد في هذا الموضوع، لكن هذه المطالبة ربما قد تأتي بالمال للبنان، سواء من البنك الدولي أو الأمم المتحدة، لذلك جاء هذا التصريح.
وبشأن تأثير ذلك على العلاقات السورية اللبنانية، قال إن لبنان كان من الدول التي ساهمت في تدفق اللاجئين للبنان، حيث كان دائمًا يسير كحكومة مع ما تمليه عليه الدول الأووربية والولايات المتحدة وبعض الدول العربية، ما ساهم في تدفق اللاجئين للبنان، ومن ثم تباطئ في ترحيل اللاجئين وإعادتهم لسوريا، ولم تكن الحكومة اللبنانية يومًا من الأيام جدية في إعادة اللاجئين السورين إلى بلدهم، على الرغم من أن وجود اللاجئين السوريين في لبنان يشكل عبئًا اقتصاديًا على لبنان، واللاجئون السوريون يستفيدون من الأموال التي تنفق عليهم من الأمم المتحدة، لذلك هم أيضا غير مستعجلين للعودة إلى سوريا.
ويرى يوسف أن الأمر معقد لكنه لا يعتقد أنه سيؤثر كثيرا على العلاقات باعتبار أن العلاقة السورية اللبنانية تحكمها الكثير من التفاصيل الدقيقة، ورئاسة الجمهورية لديها رأي آخر وكذلك وزارة الخارجية بينما الحكومة تحاول أن تستغل ورقة اللاجئين السوريين.
يذكر أن عدد اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان يبلغ 1.5 مليون تقريبا، نحو 900 ألف منهم مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ويعاني معظمهم أوضاعاً معيشية صعبة.
ويعيش لبنان أزمة غير مسبوقة، مع نقص الوقود والطعام والمواد الضرورية الأخرى نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وانخفاض قيمة العملة، ووصف البنك الدولي هذه الأزمة، بأنها الأسوأ على المستوى العالمي منذ قرن ونصف.