بعد اقتحام البرلمان... ما هى السيناريوهات القادمة في المشهد السياسي العراقي؟
15:10 GMT 31.07.2022 (تم التحديث: 13:11 GMT 16.02.2023)
© AFP 2023 / Ahmad Al-Rubayeأنصار مقتدى الصدر يحتجون على ترشيح الكتلة المنافسة لرئاسة الوزراء في بغداد، ويدخلون مبنى البرلمان العراقي، العراق 27 يوليو 2022
© AFP 2023 / Ahmad Al-Rubaye
تابعنا عبر
دخل العراق مرحلة جديدة من التعقيد في المشهد السياسي المتأزم منذ إجراء الانتخابات المبكرة في أكتوبر/تشرين أول الماضي، حيث فشلت كل الأطراف في استكمال مؤسسات الدولة. ما أوصل البلاد إلى المشهد الضبابي الحالي.
يرى مراقبون أن الصدر استطاع خلط الأوراق وخلخلة المشهد السياسي بعد خطوة الانسحاب من البرلمان، وبعث برسائل قوية لخصومه وأنه انسحب من المشهد الرسمي، لكنه يستند للشارع صاحب الحق في الاختيار، لذا فإن المشهد أو السيناريو القادم غير واضح المعالم، بل يتسم بالتشابك وشدة التعقيد.
ماذا ينتظر العراق؟
قال المحلل السياسي العراقي، أياد العناز، لوكالة "سبوتنيك"، "جاءت الأحداث الأخيرة من اقتحامات واعتصامات داخل البرلمان، لتؤكد عمق حالة الصراع السياسي والاختلاف الكبير بين الكتل والأحزاب السياسية العراقية وعدم وجود قاعدة مشتركة لكيفية معالجة الأزمات السياسية التي تعصف بالبلاد، وإيجاد الحلول الجذرية لمعالجتها والخروج منها برؤية ميدانية تساهم في الابتعاد عن الفوضى السياسية التي تعيشها الأحزاب، والنظر إلى حاجيات ومتطلبات الشعب العراقي".
رفض جماهيري
وأضاف: "التظاهرات والحراك الشعبي الذي نلمسه الآن هو للتيار الصدري ومناصريه كما هو معلوم لدى الجميع، ولكن هو يشكل عاملا جماهيريا لرفض العملية السياسية والقيادات الحزبية والتدخل الإقليمي والدولي في شؤون العراق، بعد مضي عقدين من الزمن على الغزو الأمريكي للعراق في التاسع من أبريل/ نيسان عام 2003، ورغم تشكيل سبع حكومات تلت الاحتلال، إلا أنها لم تساهم في تطوير البلاد واستثمار خبراته وثرواته في البناء والأعمار ورفع المستوى المناسب لشعبه".
وتابع العناز: "لهذا كانت الجموع البشرية التي رافقت عملية الدخول للمنطقة الخضراء ومجلس النواب العراقي تمثل التعبير عن الظلم الاجتماعي، رغم أن مساحة الصراع السياسي بين قطبي الأحزاب المؤتلفة بعد الانتخابات الأخيرة التي أجريت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول عام 2021، والمتمثلة بتحالف إنقاذ وطن والإطار التنسيقي كان حاضرا في طبيعة التظاهرات، والرفض الشعبي للأوضاع المأساوية التي يعيشها أبناء المجتمع العراقي، ولهذا سارعت جميع الأطراف السياسية لتدارك الأزمة، ولكنها لم تتمكن نظرا لاتساع الهوة في الخلاف بين جميع الأطراف المتصارعة".
حالة من التأزم
وأكد المحلل السياسي أن المشهد السياسي العراقي سيبقى في حالة من التأزم والتباعد والاحتدام بفعل الاختلاف في وجهات النظر والابتعاد عن الإرادة الشعبية وفهم الواقع الميداني وما يريده أبناء الوطن، بعيدا عن المصالح والمنافع الفئوية والمادية التي يسعى لها بعض من مسؤولي الأحزاب، مشيرا إلى أن الاختيارات السياسية قائمة بين إعادة الانتخابات والإبقاء على حكومة الكاظمي أو اختيار شخصية مستقلة لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة.
هيبة البرلمان
من جانبه، قال عضو الميثاق الوطني للتغيير بالعراق، عبد القادر النايل، إن "المشهد السياسي في العراق بعد اقتحام أنصار التيار الصدري للبرلمان وإعلانهم اعتصاما مفتوحا داخله أربك الساحة الداخلية للإطار التنسيقي والخارجية على حد سواء، حيث كان الإطار التنسيقي والمالكي يشعرون بنشوة إقصاء التيار الصدري من العملية السياسية الحالية، واستطاع المالكي أن يرشح نفسه لولاية ثالثة لولا التسريبات التي مثلت اعترافات خطيرة، ومنها اتهامه للصدر بأنه عميل لإسرائيل وهي تمهيد لاغتياله لاحقا فضلا على سرعة استبدال نواب الصدر".
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك": "مثلت عملية تجييش الشارع ليكون الصدر بذلك قد عطل البرلمان شعبيا وقلب الطاولة على الإطار التنسيقي والمالكي تحديدا، والذي تبين لاحقا أنه مفكك وفيه خلافات تعصف بتماسكه بعد أن تبرأ أبرز قيادات الإطار من بيان تصعيدي ضد الصدر كتبه المالكي، ومشاهد إسقاط هيبة البرلمان كانت مقصودة وحاضرة من قبل المتظاهرين، عندما تم إدخال المواشي والدواجن والاستيلاء على مقتنيات البرلمانيين وعمليات الطبخ وأحياء المراسيم العاشورية داخل قبته التشريعية".
عسكرة المجتمع
وأكد النايل أن "الشارع انتقل نحو عسكرة المجتمع لأن الطرفين لديهم مليشيات مسلحة، وبالتالي سياسة كسر العظام دخلت في طريق اللاعودة ما ينذر بتحول الأمور نحو استخدام السلاح، ولم ينفع أي تدخل حتى وإن جرت التهدئة في هذه الأيام، فإنها لن تصمد طويلا وسرعان ما تتفجر الأوضاع، لأن التنافس الصفري بين التيار والإطار التنسيقي هو الأساس حيث تطمح قوى الإطار لإخضاع الصدر ضمن حضيرتها".
السيناريوهات القادمة
إن أبرز السيناريوهات المحتملة للتهدئة هي إعلان حكومة الكاظمي حكومة طوارئ وحل البرلمان والذهاب نحو انتخابات جديدة، وهذا ما يدفع به الصدر ولن يسمح بانعقاد جلسة مجلس النواب التي يدفع المالكي وإيران لانعقادها في السليمانية وإذا انعقدت هناك فان الصدر سيجبر على رفع السلاح بوجه الأطراف السياسية ومليشيات الإطار، أما السيناريو الثاني يتمثل بأقدام المحكمة الاتحادية التي اصطفت بقراراتها التفسيرية مع الإطار التنسيقي، ونفذت رغبات نوري المالكي في إفشال الصدر بتشكيل حكومة الأغلبية الانتخابية بالتحالف الثلاثي بتجميد جميع قراراتها وإعادة نواب الصدر، وإصدار مذكرة اعتقال بحق المالكي بعد التسريبات الأخيرة وفتح تحقيق شفاف، وهذا السيناريو إذا أقدمت قوى الإطار على التضحية بالمالكي فإنه سيكون كفيل بالمصالحة بينهم وبين التيار الصدري، وإلا فإن السيناريو الأبرز هو التصعيد الحالي والدخول نحو نفق الفوضى.
استمرار الاعتصام
أكد مدير مكتب زعيم التيار الصدري في بغداد إبراهيم الجابري، اليوم الأحد، أن اعتصام أنصار التيار الصدري في مبنى البرلمان داخل المنطقة الخضراء ببغداد سيظل مفتوحا لحين إزاحة "الزمر الفاسدة" عن الحكم.
وقال الجابري، في تصريحات لـ"سبوتنيك": "الاعتصام بالبرلمان مفتوح والقول للشعب العراقي الذي سار وجاء من أغلب الجسور إلى بغداد ودخل إلى البرلمان، وقال إنه سيكون هناك اعتصام مفتوح حتى تزاح هذه الزمرة الفاسدة من على دكة الحكم".
وأضاف أن "الهدف الأول والأخير من الاعتصام هو إزاحة الفساد، إذا تمت إزاحة الفساد انتعش العراق وإذا لم يزح لن ينتعش العراق".
وتابع: "وستبقى الطائفية وسيبقى من يتعلقون بهذه الطائفية للأسف الشديد والذين يتعلقون بحب أوطان خارج وطنهم وهذا لا يرضاه الضمير الحي من الذين جاؤوا ودخلوا إلى البرلمان من أبناء الشعب العراقي".
وحول استعداد التيار الصدري للحوار مع "الإطار التنسيقي" بعد دعوات قادة الإطار أمس للجلوس والتفاوض مع التيار، تسائل الجابري، "من الذي يمثل الإطار؟ هل هو نوري المالكي أم حيدر العبادي أم هادي العامري أم السيد عمار الحكيم أم من؟".
وواصل: "جميعهم قالوا نطالب الإطار والتيار الصدري بالجلوس على طاولة المفاوضات، فمن هو الإطار؟ لا نعلم من".
واستطرد قائلا: "هل هناك انشقاق لكي نعلم أن فلان قد خرج عن الإطار؟ جميعهم اليوم ينادون الإطار فمن هو الإطار؟ الإطار داخل العراق أم خارج العراق؟".
وكان المتظاهرون المؤيدون للتيار الصدري قد نظموا احتجاجات داخل المنطقة الخضراء في بغداد، اعتراضا على ترشيح تحالف "الإطار التنسيقي" محمد شياع السوداني، لمنصب رئيس الحكومة.
في المقابل، دعا "الإطار التنسيقي" الذي يضم القوى الشيعية في البلاد باستثناء التيار الصدري وقوى متحالفة معه، أنصاره إلى التظاهر السلمي، من أجل مواجهة الضغوط التي يمارسها أنصار التيار الصدري، وذلك قبل أن يتراجع ويقرر تأجيل هذه التظاهرات إلى إشعار آخر لإفساح المجال أمام الحوار.
ويعد "الإطار التنسيقي" حاليا الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي بعد استقالة نواب "الكتلة الصدرية"، حيث وجّه مقتدى الصدر (الفائز الأول في الانتخابات) الشهر الماضي، أعضاء الكتلة الصدرية في مجلس النواب العراقي، إلى تقديم استقالاتهم، اعتراضا على الانسداد السياسي في العراق.
ويعاني العراق منذ إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في أكتوبر/تشرين الأول 2021 من أزمة سياسية حادة، حيث لم تفض المشاورات بين الأطراف السياسية لتسمية رئيس للوزراء إلى نتيجة.