خبير اقتصادي: قرار "أوبك +" يعكس سعي دول الخليج لتعزيز الشراكة النفطية مع روسيا
08:53 GMT 11.10.2022 (تم التحديث: 09:10 GMT 11.10.2022)
© AP Photo / Jon Gambrell
تابعنا عبر
أثار قرار "أوبك+" بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا، اعتبارا من شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل غضب واشنطن، ما دفع بمجموعة من النواب الديمقراطيين الأمريكيين باقتراح مشروع قانون ينص على سحب جميع القوات من السعودية والإمارات، بالإضافة لسحب أنظمة الدفاع الصاروخي.
تحرك قد يكون الأكبر حتى الآن منذ تفشي أزمة "كورونا" لمعالجة الضعف بأسواق النفط، وصفعة وصدمة للجانب الأمريكي بهذا القرار، فهل هذا القرار بمثابة إعلان ظهور نظام عالمي متعدد الأقطاب، وكيف سيكون الرد الأمريكي على قرار "أوبك +" وبالأخص على الدول الخليجية؟
عالم متعدد الأقطاب
ناقشنا هذا الموضوع، مع الباحث في العلاقات الدولية، الأستاذ محمود علّـــوش، الذي قال لوكالة "سبوتنيك":
"إنّه بغض النظر عن الدوافع النفطية الرئيسة التي دفعت بشكل رئيسي دول الخليج (السعودية والإمارات) إلى دعم خفض إنتاج النفط وهي في الغالب مرتبطة بمخاوف من ركود اقتصادي محتمل، وبالتالي هذا الأمر يهدّد صناعة النفط في الخليج، وهذه الدول تعتمد في اقتصادها على النّفط، وبطبيعة الحال اتخاذ هذه الخطوة في ظل الاضطرابات والأزمة الجيوسياسية العالمية والصّراع الواسع بين روسيا والغرب، لاشكّ أنّ له تأثير كبير على الجغرافيا السياسية العالمية وعلى أمن الطاقة العالمي".
وتابع: "حسب تقديري، لايمكن عزل هذه الخطوة التي دعمتها دول الخليج وهي مصنفة على أنها حليفة للولايات المتحدة عن التّوجهات الخليجية والنظرة الخليجية لهذا العالم المتحول، نحن أمام تغيّر كبير في النظام العالمي، هناك صعود لروسيا والصين، وتراجع للدور الغربي، وبالتالي دول الخليج تحاول التكيف مع هذه التحولات".
وأشار المتحدث إلى أن "قرار "أوبك +" يعكس تراجع الشراكة الأمريكية الخليجية التاريخية، وهذا التراجع له أسبابه العديدة، وهذا يفرض على دول الخليج تنويع السياسات الخارجية بما في ذلك تعزيز العلاقات والشراكات النفطية مع روسيا والصين وأطراف أخرى، واللجوء إلى الاعتماد بشكل أكبرعلى أنفسها في مواجهة التحديات والتكيف مع شرق أوسط جديد ينشأ الآن، في ظل انخراط أمريكي أقل، فهناك رغبة أمريكية بتخفيض ارتباطها في هذه المنطقة".
وأضاف: "هناك جانب ثالث مهم مرتبط بأمن الطاقة العالمي، وهو الصراع الكبير بين منتجي النفط الرئيسيين والمستهلكين الرئيسيين، بين "أوبك +" وبين الولايات المتحدة الأمريكية على تحديد القواعد النفطية للسياسات العالمية، هناك قلق في دول الخليج من تحرك أمريكا لفرض سعر أو حد أقصى لسعر صادرات النفط الروسية، وذلك يعني أن الولايات المتحدة تسعى لأن تغير قواعد أسواق النفط العالمية، من خلال أن الدول المستهلكة هي التي تتحكم في القوة التسعيرية للنفط بدل من الدول المنتجة".
وتابع: "من الواضح أن قرار خطوة "أوبك +" يعكس كيف أن الدول الخليجية تسعى لتعزيز الشراكة النفطية مع روسيا وتحاول أن تنوّع في سياسياتها الخارجية لأنها باتت تتعامل مع عالم جديد يتشكل لم يعد فيه الغرب، وعلى وجه التحديد الولايات المتحدة الأمريكية".
هل اختارت الدول الخليجية الحليف الروسي؟
خطوة خفض إنتاج النفط فتحت باب التهديدات الأمريكية كالمعتاد على الدول الخليجية، ودعوات بسحب القوات ومنظومات الصواريخ من الخليج، فما عواقب ذلك وهل سترضخ الدول الخليجية لهذه التهديدات، أم أنها اختارت الحليف الروسي؟
يقول الأستاذ محمود علّوش بهذا الخصوص: "إنّ هناك معضلة تواجه أمريكا في إدارة علاقاتها مع حلفائها الرئيسيّين في الشرق الأوسط، فإذا ما نظرنا إلى المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط، نجد بأن الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة الأمريكية، مثل السعودية والإمارات وبدرجة أقل تركيا ومصر، أصبحت لديهم مشكلة مع إدارة أمريكا وتبحث عن شراكات وتنويع في السياسات الخارجية وبناء شراكات نفطية مع روسيا تحديدا، وبالتالي هناك أزمة تواجه أمريكا في فهم الشرق الأوسط المتغير الجديد الذي يسعى إلى البحث عن حيز من الاستقلالية في السياسة الخارجية عن الولايات المتحدة الأمريكية".
وأضاف: "أعتقد أن العودة إلى نهج ترهيب الحلفاء من أجل تبني سياسات نفطية لن يؤدي سوى إلى مشكلة في العلاقات بين واشنطن ودول الخليج، وكما تعلمون أن الأخيرة تعتمد كليا على أمريكا في الجانب الأمني، ولكن على واشنطن أن تكون واقعية في التعامل مع الرياض وأبوظبي بتفكيك الارتباط الأمني معها، ولكن عليها أن تكون واقعية".
وتابع: "وبالتالي لايمكن تجاهل المملكة العربية السعودية، فهي حليف رئيسي لأمريكا وهناك مصالح أمريكية في المنطقة تفرض عليها التعامل مع المملكة في القضايا الملحة، مثل حرب اليمن وملف التطبيع مع إسرائيل ومجال السياسات النفطية".
وأضاف: "هذه الموازنة أظهرت أن واشنطن تحاول فهم الشكل الجديد للشراكة مع دول الخليج والتي لم تعد مرهونة بالتأثير الأمريكي بشكل أكبر، لأن هناك تحولا كبيرا في هذه الشراكة، ودول الخليج تريد أن تستفيد من هذه الشراكة وتشعر أنها تحقق مصالح، وبالتالي أي خطوة أمريكية من شأنها أن تزيد من التعقيدات التي تواجه العلاقة بين الجانبين".
هل دفعت أوروبا ثمن عقوباتها على روسيا؟
حذر الرّئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الاتحاد الأوروبي من عواقب فرض قيود على توريد الغاز لأوروبا، بعد اشتداد الأزمة الاقتصادية واتساع الاحتجاجات والمظاهرات في الدول الأوروبية بسبب أزمة الطاقة، فهل هناك احتمال بتراجع الدول الأوروبية عن العقوبات المفروضة على روسيا؟
بهذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي لـ"سبوتنيك":
"إن أوروبا الآن تعيش أزمة طاقة وهذه الأزمة هي ببساطة نتيجة سوء تقدير في الدول الأوروبية للعواقب المحتملة لتبنّي سياسات قريبة من الولايات المتحدة إزاء روسيا، في نهاية المطاف أوروبا تعتمد بشكل رئيسي على الطاقة من روسيا، وعليها أن تتحمل العقبات، طالما أنها أرادت أن تواجه روسيا في أوكرانيا، وحسب تقديري فإنّ من ظنّ أن الرئيس الروسي لن يستخدم الطاقة كسلاح في صراعه مع الغرب فقد كان مخطئا، فهي ورقة ضغط لاسيما مع الاقتراب من فصل الشتاء، لهذا ربما سنشهد في الفترة القادمة المزيد من الحذر الأوروبي في مواصلة تصعيد الضغط الأقصى على الجانب الروسي".
وأضاف: "هناك مخاوف من استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا ومن تحول الصراع إلى مواجهة نووية، والولايات المتحدة الأمريكية تسعى لإيجاد مخرج يحفظ ماء الوجه لروسيا لإنهاء هذا الصراع، وبالتالي بدأنا نلاحظ قلقا غربيافيما يتعلق بعواقب بمحاولة حشر روسيا في الزاوية".
أجرت الحوار: فرح القادري
9 أكتوبر 2022, 18:39 GMT
