مراقبون: العلاقات بين روسيا والسعودية تحقق قفزات هامة... والتعاون يشمل جميع المجالات
© Sputnik . Michail Klimentjev
/ تابعنا عبر
يمثل التنسيق بين روسيا والسعودية أهمية كبيرة على صعيد استقرار "أمن الطاقة"، فيما تتجه المجالات الأخرى إلى مستويات غير مسبوقة بفضل التقارب والتعاون والتنسيق بين البلدين.
مراقبون وخبراء يرون أن العلاقات بين البلدين في الفترة الأخيرة تدفع نحو تعميق التعاون بشكل أكبر على كافة المستويات بما فيها العسكرية والاقتصادية، فبالأمس أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأربعاء، محادثة هاتفية مع وزير خارجية المملكة العربية السعودية فيصل بن فرحان آل سعود.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان الأربعاء: "ناقش الوزيران القضايا ذات الأولوية للتطوير التدريجي للتعاون الروسي السعودي المتنوع متبادل المنفعة بما يتماشى مع تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في وقت سابق على أعلى مستوى".
وأوضح الخبراء أن الاتصال بين الوزيرين يؤكد استمرار التعاون بين البلدين على جميع المستويات، سواء الدبلوماسية أو الطاقة والمجالات الأخرى.
مؤشرات هامة
تشير الأرقام والمؤشرات مؤخرا إلى تنامي وتيرة التعاون والتبادل بين البلدين بدرجة كبيرة، في ظل توقعات بنسب أكبر مما هي عليه في الوقت الراهن، وفي أغسطس/ آب الماضي، صرح الممثل التجاري لروسيا في السعودية ستانيسلاف يانكوفيتس، أن المملكة مهتمة بزيادة استيراد المواد الغذائية والزراعية من روسيا.
وقال يانكوفيتس إن حجم التداول التجاري الحالي في هذا المجال يبلغ 700 مليون دولار، مشيرا إلى إمكانية رفعه بمقدار ضعفين إلى ثلاثة أضعاف، مضيفا خلال ندوة عُقدت تحت عنوان "Business Russia": "يمكن زيادة التبادل التجاري بين السعودية وروسيا بكل سهولة، فالسوق السعودي كبير جداً وسيبتلع كل شيء"، وأوضح أن "قطاع الأغذية هو الاتجاه الواعد لزيادة التبادل التجاري مع المملكة".
توقعات الخبراء تشير إلى أن موسكو التي أصبحت الشريك الاستراتيجي للسعودية بشأن الطاقة، تعد من الدول التي ترغب المملكة في إقامة علاقات قوية معها على كافة الأصعدة، وخاصة فيما يتعلق بالتصنيع العسكري.
في الإطار، قال المستشار الاقتصادي عيد العيد، إن التنسيق بين البلدين مستمر وبشكل دائم بين وزراء البلدين على مستوى الخارجية والطاقة أيضا والشركات الكبرى.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن هناك تبادلا كبيرا للمعلومات بين البلدين من أجل الاستمرار في الحفاظ على سوق الطاقة العالمية، وتحقيق عوائد جيدة للاستمرار في الاستثمار في قطاع الطاقة والنفط، وكذلك التنسيق بين البلدين على مستوى "أوبك+" خلق حالة من التقارب على مستويات عدة أخرى، وفتح المجال أمام جميع المجالات وفي مقدمتها الصناعية والعسكرية.
وفيما يتعلق بمستقبل التعاون بين روسيا والمملكة السعودية، أوضح العيد أن التعاون على المستوى الاقتصادي قد يكون غير ممكنا في الوقت الراهن، لكن المملكة السعودية تنظر بشكل قوي لتنويع شراكتها الاقتصادية مستقبلا، كما جرى مع الصين.
ويرى أن "توقيع اتفاقيات شراكة مع الجانب الروسي يظل قائما عند استقرار الأوضاع بشأن "الأزمة الأوكرانية"، خاصة في ظل رغبة المملكة العربية السعودية والقدرات التي تمتلكها روسيا".
وشدد على أن روسيا لديها إمكانيات كبيرة في قطاعي الطاقة والتسليح، وأن المملكة ترغب في أن تكون دولة قادرة على تصنيع السلاح، وهو ما يتطلب وجود شراكات مع مجموعة كبرى من الشركات، ومن بينها الشركات الروسية.
توازن العلاقات
من ناحيته، قال وجدي القليطي المحلل السياسي السعودي، إن السعودية تتعامل مع جميع الدول بشفافية وأنها "تعطي جميع الدول مكانتها الطبيعية ومنها روسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية والغرب"، وأن هذه الدول من اللاعبين الأساسيين في السياسية الدولية ومنطقة الشرق الأوسط.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن روسيا هي دولة محورية تتطور علاقتها مع الملكة العربية السعودية من مرحلة لأخرى، مع الأخذ بالاعتبار أن التنسيق بين البلدين بشأن الطاقة و"أوبك +" يعزز استقرار أمن الطاقة في العالم.
ويرى أن التنسيق بين البلدين يمثل أهمية كبيرة من أجل استقرار أسواق الطاقة، وأن المملكة تقوم بدور كبير في دعم الاستقرار على مستوى العالم.
بشأن مستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين، أوضح القليطي أن "السعودية منفتحة على أي دولة في العالم تساهم في نمو اقتصادها وتلبية احتياجاتها، خاصة فيما يرتبط برؤية 2030، وإنشاء المصانع بما في ذلك عمليات التسليح".
18 أكتوبر 2022, 09:24 GMT
وشدد على أن السعودية تسعى للاستقلال في جميع المجالات، دون الارتهان لدولة بعينها، متوقعا أن يصل التعاون الاقتصادي بين البلدين إلى مستويات عليا خلال الفترة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بالتصنيع مع الجانب الروسي.
المستوى العسكري
في الإطار، قال اللواء عيسى آل فايع، الخبير العسكري والباحث في الشؤون الاستراتيجية والأمن الدولي، إن "العلاقات السعودية-الروسية جيدة وتتطور بناءً على المصالح المشتركة بين البلدين وتتسم أيضاً بالاحترام المتبادل بين قيادتي وشعبي البلدين".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أنه على "صعيد الطاقة هناك تنسيق عالي على مستوى "أوبك+" حيث تسعى السعودية إلى تبني استراتيجيات توازن بين تلبية المتطلبات العالمية من الطاقة، وبين الأسعار العادلة القائمة على قانون العرض والطلب، وعزل السياسة عن ملف الطاقة، وروسيا تتفهم هذه الاستراتيجيات وتتعاون بشكل جيد ومثمر".
ويرى الخبير السعودي أن "مستقبل العلاقات بين البلدين إيجابي ويشكل امتداداً لتفاهمات نجحت في المرحلة الصعبة السابقة التي أعقبت جائحة كورونا العالمية، وتخللت الأزمة الحالية في أوكرانيا، حيث نجحت هذه العلاقات في ملفات معقدة مثل الوساطة لإطلاق عدد من أسرى الحرب، والتي كانت بمبادرة من ولي العهد السعودي، ولا تزال جهود الوساطة السعودية بين أطراف الصراع قائمة لإنهاء الأزمة وتطوير الحل السياسي بدلاً من القوة العسكرية".
وأشار إلى أن" السعودية وروسيا تسعيان إلى تعزيز علاقات التعاون متعدد المجالات وتنويعها، بما ينعكس على أمن البلدين ومصالحهما المشتركة وعلى الأمن الإقليمي بمنطقتي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وكذلك الأمن على المستوى الدولي، حيث أن روسيا والسعودية لديهما مقومات جيوستراتيجية مهمة مؤثرة جيوسياسياً واقتصادياً على المستويين الإقليمي والدولي".
قفزات إيجابية
فيما قال العميد فيصل العنزي الخبير العسكري السعودي، إن الاتصال بين وزيري الخارجية في السعودية وروسيا يؤكد استمرار التنسيق بين الجانبين، لافتا إلى أن العلاقات بين الرياض وموسكو أخذت قفزات إيجابية منذ 2007 حتى توجت بالتعاون على مستوى "أوبك + ".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن روسيا هي الشريك الاستراتيجي للسعودية في الوقت الراهن، فيما يتعلق بالطاقة، وأن العلاقات بين البلدين بحاجة لمزيد من التعاون، مؤكدا أن الفرص بشأن الجانب العسكري قائمة وكبيرة خاصة في ظل سعي المملكة للوصول إلى 50% في الصناعة المحلية، وعدم تحفظ روسيا على نقل التكنولوجيا للسعودية.
وأوضح أن المملكة "تنظر لمنظومات الإسناد الناري بأهمية كبيرة، منها الراجمات والمدفعية، والصواريخ التكتيكية"، متوقعا المزيد من التعاون بين الجانبين على المستوى العسكري والتصنيع العسكري.
وسُجل تقارب مواقف البلدين من قضايا الساعة في جدول الأعمال الإقليمي والعالمي، وأعيد التأكيد على الاهتمام المتبادل بمواصلة التنسيق الوثيق للسياسة الخارجية على الصعيدين الثنائي والدولي.
