محلل: الأسد في موسكو تتويجا لمبادرة روسية لإطفاء حرائق أمريكا في الشرق الأوسط وآسيا
07:42 GMT 15.03.2023 (تم التحديث: 14:34 GMT 15.03.2023)
© Sputnik . Mikhail Klimentyevالرئيس الروسي فلاديمير بوتين و الرئيس السوري بشار الأسد
© Sputnik . Mikhail Klimentyev
تابعنا عبر
حصري
وصف محللون توقيت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو بالمهم جداً لإنضاج المبادرة التي عملت عليها روسيا بصبر وأناة استراتيجيين، لحل الوضع القائم بين سوريا وتركيا أولا، تمهيداً لخروج القوات التركية من الأراضي السورية وحل قضية اللاجئين السوريين في تركيا.
بالتوازي مع المبادرة الصينية التي أفضت إلى الاتفاق السعودي الإيراني وما يحمله ذلك من انعكاسات على عمليات فض الاشتباك في العديد من ملفات المنطقة.
مبادرة عمل عليها الروس
في هذ السياق، قال المحلل السياسي والاستراتيجي السوري الدكتور أسامة دنورة في تصريح خاص لـ "سبوتنيك": "تأتي هذه الزيارة في توقيت هام جداً على مستوى الوضع في سوريا ومنطقة غرب آسيا، وعلى مستوى عدد من الملفات الدولية، فنحن نتحدث هنا عن إنضاج المبادرة التي اشتغل عليها الروس طويلاً بصبر وأناة ونفس طويل، لحل الوضع القائم ما بين سوريا وتركيا بشكل أساسي، في سياق إطفاء الحرائق التي أشعلتها الولايات المتحدة الأمريكية في عموم الشرق الأوسط وغرب آسيا".
وأَضاف المحلل السياسي السوري: "هنا أصبحنا في مرحلة ينبغي فيها أن يتم البدء بحصد النتائج لهذه الوساطة، والبدء بصياغة خارطة طريق لحل الملفات العالقة، وخروج الاحتلال التركي من الأراضي السورية، وتفتيت المجموعات الإرهابية وضمان أمن الحدود من الجانبين السوري والتركي، وأيضاً حل قضية اللاجئين السوريين في الداخل التركي".
مرحلة جديدة من حسن الجوار
واستطرد الدكتور دنورة: "نحن هنا نتحدث عن مراحل تجاوز كسر الجليد، وبناء الحد الأدنى من الثقة اللازمة للتواصل المباشر، والبدء بمرحلة جديدة تقتضي بلورة التفاهمات الاتفاقيات الكفيلة بالانطلاق إلى حالة جديدة من التعاون وعلاقات حسن الجوار بين سوريا وتركيا، بشراكة من قبل الطرفين الروسي والإيراني".
يد الشركات الروسية مطلقة
وأردف قائلاً: "هذا لا يعني أن هذا الملف على أهميته هو الوحيد، فنحن نرى أن هذه الزيارة هي الأولى التي يضم فيها الوفد السوري شخصيات حكومية عديدة، مما يشير إلى ما تم التحضير له من اتفاقيات تعاون مشترك على المستويات الاقتصادية وإعادة الإعمار والتعاون العلمي والاستراتيجي والاقتصادي، فكلها حاضرة في إطار ماتم الإعلان عنه في زيارة هذا الوفد".
وتابع دنورة حديثه قائلاً: "فيما يتعلق بإعادة الإعمار طبعاً الدور الروسي هام جداً ومحوري في هذا الإطار، وخصوصاً بعد فرض العقوبات القاسية على كل من الجانبين الروسي والسوري على حد سواء، فأصبحت يد الشركات الروسية مطلقة في تقديم الدعم المطلوب لعملية إعادة الإعمار بدون أن تكون مهددة تحت طائلة العقوبات الغربية، فهي أساساً معاقبة غربياً، وطبعاً هنا الجهد الروسي والقدرة الروسية والخبرات الروسية بما في ذلك قدرة التمويل الروسي هي كذلك كبيرة جداً وأساسية ومحورية في مرحلة إعادة الإعمار في سوريا".
ولفت المحلل السوري إلى أن "الجانب السوري يعتمد في هذه المرحلة على القوى الحليفة والموثوقة، لأنه يدرك جيداً أن هذه القوى الحليفة ليس لديها أجندات سياسية في مقابل إعادة الإعمار، وهي لن تحاول النيل من استقلالية القرار السوري، ولن تحاول فرض ما يطلق عليه التقدم في الحل السياسي وفق المفهوم الغربي، ولن تحاول انتهاك معايير السيادة السورية بأي شكل من الأشكال، ولن تحاول أن تتدخل في الشؤون الداخلية للدولة السورية، وشؤون الشعب السوري بكل تفاصيله السياسية والدستورية، وبتقديري سيكون إبرام عدد من الاتفاقيات الاقتصادية حاضراً في هذه الزيارة الهامة".
دور روسي في قضايا فك الاشتباك
واستطرد: "لدينا في الجهة المقابلة مايتعلق بترتيب العلاقات الثنائية بين الدول العربية فدور روسيا هام في هذا الإطار، فقد شجعت موسكو الدول العربية على استئناف علاقاتها كاملة مع الدولة السورية، وعودة سوريا إلى منظومة جامعة الدول العربية، وهذا يتكامل مع فض اشتباك اقليمي تم برعاية الصين بين السعودية وإيران".
وأشار دنورة إلى أن "هناك مرحلة من التوافق وفض الاشتباك في المنطقة، ولكن هذه المرة ليس برعاية أمريكية، بل برعاية صينية ورعاية روسية، وهنا نجد الفرق كبير مابين المقاربة الأمريكية التي لا تمتلك العلاقات الإيجابية مع كل الأطراف والتي ممكن أن تؤهلها لتأخذ دور الوسيط أو من يقوم بحل المشاكل، في حين أن كل من روسيا والصين تمتلكان قدرة على القيام بهذا الدور".
وأوضح قائلاً: "نحن نرى جيداً أن روسيا بدبلوماسيتها بعيدة النظر وبدبلوماسيتها الهادئة والرصينة لديها علاقات قوية جداً لتجمع المتناقضات، وهناك علاقات تحالف قوية جداً مع الدولة السورية كما هو معروف، وعلاقات قوية مع الدولة التركية أيضاً ذات منحى استراتيجي، وتعاون في العديد من الأطر الاستراتيجية وشؤون الطاقة، وهناك علاقات قوية جداً لروسيا مع المنظومة الخليجية لاسيما مع السعودية والامارات، وأيضاً في إطار التعاون الطاقي في إطار منظمة أوبك بلس وسواها من الملفات.
وختم دنورة حديثه لـ سبوتنيك بقلوه: "اليوم الدور الروسي من جهة والدور الصيني من جهة أخرى يكملان بعضهما في إعادة التوافق إلى المنطقة، وفض الاشتباك الذي ظل مشتعلاً على مدى عقد من الزمن، على الأقل بعيداً عن المحاولات التخريبية الأمريكية، وهنا الدور السوري والدور الروسي هام جداً لتحقيق هذا الأمر وإتمامه على نحو سليم واستعادة العلاقات وتنقية الأجواء ما بين دول المنطقة والاقليمي بشكل عام".
وقد وصل الرئيس السوري بشار الأسد، أمس الثلاثاء، إلى موسكو في زيارة رسمية لروسيا الاتحادية يجري خلالها محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وجرت مراسم الاستقبال الرسمية للرئيس الأسد في مطار ڤنوكوڤا الدولي في موسكو حسب البروتوكول الروسي المعمول به باستقبال الرؤساء، حيث كان في استقباله، ميخائيل بوغدانوف ممثلاً خاصاً للرئيس بوتين، ونائب وزير الخارجية، وألكسندر يفيموف سفير روسيا لدى دمشق، والدكتور بشار الجعفري سفير سوريا لدى موسكو، وعُزف النشيدان الوطنيان السوري والروسي كما استعرض الرئيس الأسد حرس الشرف، ويرافق الرئيس السوري في زيارته وفد وزاري كبير.
وأعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس بشار الأسد يعقدان يوم غد الأربعاء اجتماعا في موسكو لمناقشة التعاون الثنائي، والآفاق من أجل تسوية شاملة للوضع في سوريا وحولها.
موسكو ودمشق... علاقات قديمة وتعاون جديد
وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفياتي وسوريا في يوليو/ تموز عام 1944، وتستند في القوت الحالي إلى معاهدة الصداقة والتعاون السوفيتية السورية الأساسية المؤرخة في 8 أكتوبر / تشرين الأول 1980، واتخذت العلاقات تقليديا الشكل الودي.
وتحولت الأزمة السياسية الداخلية في سوريا، التي بدأت في أعقاب ما يسمى بـ"الربيع العربي" في مارس / آذار عام 2011، إلى مواجهة مسلحة، حيث اتخذت بعض المجموعات المعارضة نهجا إرهابيا متطرفا، وتجاوزت تهديدات بعض الإرهابيين حدود البلاد ووصلت إلى منطقة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا.
وفي 30 سبتمبر/ أيلول عام 2015، أعلن رئيس ديوان الكرملين، سيرغي إيفانوف، أن الأسد طلب مساعدة عسكرية من روسيا.
وقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقتراحًا إلى مجلس الاتحاد لاعتماد قرار بشأن الموافقة على استخدام وحدة القوات المسلحة الروسية في الخارج، حيث أيد مجلس الاتحاد المقترح بالإجماع.
وأعلن أن الهدف العسكري للعملية هو تقديم دعم جوي لقوات الحكومة السورية في ردها على جماعة "داعش" الإرهابية (المحظورة في روسيا وعدد من دول العالم).
وفي 6 ديسمبر/ كانون الأول عام 2017 أعلن بوتين تحقيق هزيمة كاملة لتنظيم "داعش" الإرهابي على ضفتي نهر الفرات في سوريا. استمرت المرحلة النشطة من العملية العسكرية للقوات المسلحة لروسيا الاتحادية في سوريا حتى 11 ديسمبر / كانون الأول عام 2017.
وفي الوقت الحالي، تم الانتهاء من الأعمال العسكرية النشطة على نطاق واسع في سوريا، وتم بالفعل سحب معظم وحدات الجيش الروسي من البلاد، لكن جزءًا من القوات لا يزال في البلاد إلى أجل غير مسمى لمحاربة الإرهابيين، حيث شارك في العملية أكثر من 63 ألف عسكري روسي منذ عام 2015، وقتل أكثر من 100 أشخاص.
وكانت الزيارة الرسمية الأولى للرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف إلى الجمهورية العربية السورية بتاريخ 10-11 مايو / أيار عام 2010.
وفي 11 ديسمبر / كانون الأول 2017، التقى بوتين والأسد، في قاعدة حميميم الجوية، بعناصر الجيشين الروسي والسوري الذي شارك في عملية مكافحة الإرهاب في سوريا.
وفي 7 يناير / كانون الثاني 2020، زار بوتين دمشق لأول مرة، وزار مع الأسد مركز قيادة القوات المسلحة الروسية، حيث استمع الزعيمان إلى تقارير من الجيش. في وقت لاحق، جرت مفاوضات ثنائية، ثم قام الرؤساء بجولة في الجامع الأموي، وزار بوتين كنيسة السيدة مريم العذراء الأرثوذكسية، حيث تحدث مع البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق.
وعلى مدى السنوات الماضية، زار الأسد روسيا مرارا في زيارات عمل، في أكتوبر / تشرين الأول عام 2015. ونوفمبر/ تشرين الثاني عام 2017 ومايو / أيار عام 2018 وسبتمبر / أيلول عام 2021.
ويتواصل الرئيسان الروسي والسوري بانتظام عبر الهاتف، حيث جرت آخر محادثة في 6 فبراير/ شباط عام 2023. وفي عام 2022، أعربت دمشق عن دعمها الكامل للعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.
ويتركز التفاعل السياسي مؤخرا بشكل أساسي على مناقشة الوضع الداخلي في سوريا وحولها ومشاكل التسوية بين الأطراف السورية.
وتعمل روسيا، إلى جانب تركيا وإيران، كضامن للهدنة في سوريا. بدأت الدول بمباحثات "أستانا" وعقدت عدة جولات من المفاوضات، وكنتيجة لها تم إنشاء مناطق خفض التصعيد المؤقت وتعمل لضمان وقف إطلاق النار المستدام، وتحسين الوضع الإنساني، والبدء في استعادة البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية المدمرة.
وعقدت آخر جولة من مفاوضات "أستانا" في الفترة الممتدة من 22 إلى 23 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2022، وعقدت آخر مفاوضات بصيغة "أستانا" في مدينة أستانا بكازاخستان. وحضرت الجولة التاسعة عشرة من المشاورات بين وفود من الدول الضامنة وممثلون عن الحكومة السورية والمعارضة والأمم المتحدة، واتفق الطرفان على عقد الاجتماع الدولي العشرين بشأن سوريا في أستانا في النصف الأول من عام 2023.
ومنذ بداية الأزمة في سوريا، زار نائب رئيس مجلس الوزراء الراحل، وزير الخارجية السوري السابق، وليد المعلم، روسيا عدة مرات. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2020، عين فيصل المقداد وزيرا للخارجية السورية، والذي شغل سابقًا منصب النائب الأول للوزير، وقام بأول زيارة عمل إلى موسكو في ديسمبر / كانون الأول عام 2020 كوزير، و17 ديسمبر / كانون الأول 2020 التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
في الفترة من 19 إلى 22 فبراير/ شباط عام 2022، زار المقداد روسيا مرة أخرى. وفي 21 فبراير/شباط، أجرى لافروف والمقداد محادثات مكثفة حول القضايا الدولية والثنائية. وفي 23 أغسطس/ آب، زار المقداد موسكو مرة أخرى، وأجرى محادثات مع لافروف.