تونس تعيد علاقاتها مع دمشق... هل اقتربت سوريا من العودة إلى جامعة الدول العربية؟
© Sputnik . mohamed Hemidaالجلسة الافتتاحية لأسبوع التنمية المستدامة، جامعة الدول العربية، 13 فبراير/ شباط 2022
الجلسة الافتتاحية لأسبوع التنمية المستدامة، جامعة الدول العربية، 13 فبراير/ شباط 2022
© Sputnik . mohamed Hemida
تابعنا عبر
حصري
في أحدث مؤشر على عودة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بشكل رسمي، أعطى الرئيس التونسي، قيس سعيد، تعليماته بالشروع في إجراءات تعيين سفير جديد لدى دمشق، بعد قطيعة دامت أكثر من 11 عاما.
ويوم أمس الخميس، جدد البلدان خلال مكالمة هاتفية جمعت وزير الخارجية التونسي، نبيل عمار، بنظيره السوري، فيصل مقداد، تأكيدهما على "عمق الروابط الأخوية وعراقة علاقات التعاون القائمة بين تونس وسوريا وعلى الرغبة المشتركة في مزيد تطويرها".
فيما ثمّن الوزير السوري قرار الرئيس التونسي بتعيين سفير لتونس لدى سوريا، مشددا على "أهمية هذه الخطوة في الإسهام في عودة العلاقات بين البلدين الشقيقين إلى مسارها الطبيعي".
وفي 11 مارس/ آذار الماضي، كشف الرئيس التونسي، قيس سعيد، عن توجه بلاده إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، المنقطعة منذ عهد حكم الرئيس الأسبق، المنصف المرزوقي، وذلك عقب كارثة الزلزال التي حلّت بسوريا وتركيا.
وآنذاك، قال سعيد: "ليس هناك ما يبرر ألا يكون هناك سفير لتونس لدى دمشق وسفير للجمهورية العربية السورية لدى تونس"، مشيرا إلى أن "مسألة النظام في سوريا تهم السوريين وحدهم وأن تونس تتعامل مع الدولة السورية ولا دخل لها إطلاقا في اختيارات الشعب السوري".
وقطعت تونس علاقاتها مع سوريا منذ عام 2012، واتخذت قرارا بإغلاق السفارة السورية لديها، وهي من بين الدول الـ18، التي وافقت على تعليق نشاط سوريا في جامعة الدول العربية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، احتجاجا على "قمع النظام السوري للاحتجاجات الشعبية في البلاد".
ويتزامن القرار التونسي بتعيين سفير لدى سوريا، مع مساعي بعض قيادات الدول العربية لإعادة العلاقات مع دمشق، آخرها السعودية التي كشفت خارجيتها عن بدء مباحثات مع وزارة الخارجية السورية بشأن استئناف تقديم الخدمات القنصلية في البلدين، وسبق ذلك زيارة وزير الخارجية المصري إلى دمشق عقب كارثة الزلزال، واستقبال سلطان عمان، هيثم بن طارق، للرئيس السوري، بشار الأسد، في مسقط.
فهل تفضي هذه التحركات إلى عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية؟
فاتحة لعودة سوريا إلى الفضاء العربي
تعليقا على القرار التونسي، أوضح الدبلوماسي ووزير الخارجية الأسبق، أحمد ونيّس، لـ سبوتنيك"، أن "إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا هو تحقيق لقرار صدر منذ أكثر من شهر اتخذه وزير الشؤون الخارجية الجديد نبيل عمار مباشرة بعد تعيينه على رأس الوزارة وتحاور بشأنه مع نظيره السوري".
ويشير ونيّس إلى أن "الخطوة التونسية تأتي في سياق تحركات عربية مشابهة انطلقت من المملكة العربية السعودية التي اتخذت قرارا مماثلا، ومصر التي أرسلت وزير خارجيتها في زيارة إلى دمشق هي الأولى منذ عام 2011".
ويرى ونيّس أن
"هذه التحركات تنبئ باقتراب عودة سوريا إلى جامعة الدولة العربية خلال القمة العربية القادمة، خاصة وأن القمة التي سبقتها (احتضنتها الجزائر) طرحت هذا المطلب في الكواليس بعد أن اعتمدت شعار "لم الشمل" الذي كان يُقصد به عودة جميع أعضاء الجامعة العربية إلى نشاطها وإصلاح العلاقات بين الجزائر والمغرب".
وقال ونيّس: "أعتقد أن التحركات التونسية لن تتوقف عند خطوة تعيين سفير لها في سوريا، بالنظر إلى الأخطار القادمة من الجانبين، أولها النظام العالمي الذي لا يقيم وزنا إلى مصالح العالم العربي".
ويعتقد ونيّس أن "هذه الأخطار تحتّم وحدة الصف العربي على المستوى الدبلوماسي، خاصة على صعيد مجلس الأمن، مشيرا إلى أن رئاسة روسيا لهذا المجلس في أبريل الحالي قد تساعد الدول العربية على التوقي من هذه الأخطار".
توجه عام للمجموعة العربية
وفي تعليق لـ"سبوتنيك"، يشير الخبير في العلاقات الدولية، أحمد الهرقام، إلى أن "قرار الرئيس التونسي، قيس سعيد، بتعيين سفير لدى سوريا لم يكن وليد اللحظة وإنما هو مواصلة لسياسة تنتهجها تونس منذ فترة".
وتابع: "من المهم الإشارة إلى أن تونس لم تعش خلافات مع سوريا، وحتى انقطاع العلاقات حدث في ظروف استثنائية جدا، وهي ظروف العشرية السوداء وظروف الحرب الأهلية السورية التي حاولت تمزيق سوريا ووصلت حد تمزيق أوصال الشمال السوري ومحاولة فصله عن بقية التراب السوري، وهذهحرب أشعلتها الجماعات الإسلاموية المتطرفة".
وأضاف:
"القرار التونسي ينسجم مع توجه عام تعتمده المجموعة العربية انطلاقا من السعودية مرورا بالعراق ومصر وصولا إلى دول الخليج وحتى تركيا يتمحور حول إعادة التوازن في العلاقات بالمنطقة وخاصة في دول الجامعة العربية".
وقال الهرقام إن "هذا التوجه ترجمته تحركات فردية في فتح السفارات في كل من الإمارات والسعودية والكويت ومصر، مضيفا: "أعتقد أن الوقت قد حان لأن تعود سوريا إلى حضن الجامعة العربية وتتولى مقعدها الشاغر منذ أكثر من عقد، فجميع المؤشرات تشير إلى أن سوريا ستكون حاضرة في القمة العربية التي ستلتئم في السعودية في مايو/ أيار القادم".
انقسام عربي بشأن سوريا
ويرى الباحث في العلاقات الدولية، بشير الجويني، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "ما يحدث في تونس فيما يتعلق بالقضية السورية ليس بمعزل عن جدل دولي وإقليمي يتعلق بمسألة ما يصفه البعض بـ"التطبيع مع النظام السوري" والجدوى من ذلك".
وأشار الجويني إلى أن "محاولات إعادة سوريا إلى حضن الجامعة العربية انطلقت بالفعل أواخر عام 2022 لدى انعقاد القمة العربية الأخيرة في الجزائر، تقودها خاصة الدول التي لم تقطع علاقاتها بالنظام السوري، على غرار العراق ولبنان والجزائر".
وتابع:
"ولكن هذه المسألة تصطدم بانقسام بين أكثر من ضفة عربية وإقليمية، فمن ناحية أولى هناك الدول التي ترغب بشدة في عودة النظام السوري إلى الفضاء العربي، خاصة تركيا التي تدفع باتجاه إعادة سوريا إلى المنتظم العربي وحتى الدولي، والإمارات التي عرفت مواقفها تغيرات جذرية خلال السنوات الست الماضية، وفتحت سفارتها في دمشق منذ 2018".
"أما الضفة الثانية، فتقودها الدول المعارضة لعودة سوريا إلى المنتظم الدولي، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، التي صرح ممثلوها في مجلس الأمن أنه لا سبيل لرجوع سوريا إلى المنتظم الدولي وحتى الإقليمي إلا بتقديم بعض الخطوات الملموسة على المستوى السياسي، والاتحاد الأوروبي الذي يرفض بشكل تام عودة العلاقات مع سوريا وخاصة مع النظام الحالي"، وفقا للجويني.
وأشار الباحث في العلاقات الدولية، إلى أن "الضفة الثالثة تمثلها الدول العربية، التي قررت التريث مثل مصر، التي أجرى وزير خارجيتها سامح شكري زيارة إلى سوريا، قال إن الهدف منها هو إنساني في المقام الأول، ثم أعقبتها زيارة لوزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، إلى القاهرة مطلع الشهر الحالي، وهي الأولى منذ 12 عاما".
ولفت بشير الجويني إلى أن "زيارة وزير الخارجية السوري إلى القاهرة، تنبئ بإدماج سوريا مجددا في الفضاء العربي"، بحسب قوله.